عمل سمساراً في معارض السيارات وكوّن رأس مال بسيطًا .. وبدأ يحصل على بعض التسهيلات من الشركات وأخذ يبيع بالأقساط محتاطاً بكافة الأوراق الثبوتية من ضمنها شيكات أصبحت فيما بعد أوراقًا بالية لا قيمة لها رغم أختام البنوك بعبارة «بدون رصيد» كافح ليعود إلى الصفر مرة أخرى .. وغير المجال فاتجه إلى المقاولات الصغيرة وهناك كانت المعوقات أكثر عجباً وغرابة تعاملت معه وزارة العمل كمتاجر بالتأشيرات وهيهات أن يثبت العكس.. يطلب فنيين من بلد، يمنح بصعوبة فنيا واحدا من بلد آخر !!! والغريب أن من هزمه بالسوق هي العمالة السائبة وتجار التأشيرات الحقيقيون وكما يقول بأسلوب الكوميديا السوداء الذي أصبح يتقنه ليتخلص من شحنة الإحباط وبمفرداته الشعبية «ما تطيح السقيفة إلا على الضعيفة» وبعد وقت غير قصير أيقن أنه لا فائدة.. فاتجه إلى مجال آخر وحسب روايته أراد أن يبتعد عن الإشكاليات والتعقيدات اشترى بالاستدانة وهو اقتصادياً ما يسمى «التمويل بالعجز» أرضا زراعية صغيرة قريبة من المدينة فبنى «بيوتًا محمية» بدأ فعلا بالإنتاج الزراعي وأصبح خبيراً به إلا أن أمراً غير متوقع وليس بالحسبان ولم يخطر له على بال .. حدث هناك .. حفرت مصلحة المياه مئات الآبار في المنطقة المجاورة له استنزفت كل المخزون المائي وماتت معظم المزارع وأفلس من جديد !!! وعادت مصلحة المياه أيضا إلى التحلية !!! لم يستفيدوا ولم يتركوا غيرهم ليستفيد ويغطى ولو جزءًا من المليون من الأمن الغذائي !!! لملم صاحبنا شتاته ومعاناته مرة أخرى واعتمد على بعض أصدقائه من تجار السيارات وحصل بالأقساط على سيارتي نقل معلمات خصوصاً بعد أن شارف عمره على الخمسين.. وهو يكرر التجارب المريرة يقول لن احكي ما حدث لي في هذا المجال ابتداء من رخصة النقل والمخالفات والصيانة وغيرها واكتفى بقصة الشاب الذي حاول الانتحار من مبنى وزارة النقل ونشرت الصحف قصته !!! وتم تحويله إلى التحقيق والادعاء العام وأصبح هو المدان بدلًا من دراسة وضعه وسيحال إلى المحكمة يا للعجب !!! هل اقتنعت يا صديقي وسائلي العزيز أن مهنتي الحقيقية كما ذكرت لك «شيل وحط» أم ستختصر المشكلة في أبسط إجابة «حظك سيئ» سألته وليتني لم أسأله.. لماذا لم تبحث عن وظيفة في القطاع الخاص مثلاً .. فأجاب بحدة: - هل تقبل وظيفة لا تكفي لسداد أبسط احتياجاتك وأنت تستطيع الأفضل.. قلت لا .. قال هذا ما يطلب من الشاب السعودي أن يفعله !!! - وهل تعطي راتباً مرتفعاً لموظفك وأنت تستطيع أن تحصل على الأقل كلفة .. قلت لا .. قال هذا ما يطلب من صاحب العمل !!! • العلاقة غير متوازنة والمعادلة غير عادلة للطرفين ونحن نحاول أن نفرضها ونعتقد أنها الحل الناجح !!! • نعم نحن بحاجة إلى دراسة اجتماعية اقتصادية في آن واحد وخطوات عملية وديناميكية وليست تنظيرية وبحاجة إلى هيئة مرنة وفعالة لرعاية المنشأة الصغيرة، ألا يستحق 90 % من القطاع التجاري رعاية قوية ومهمة .. هيئة مختصة ومرتبطة بكافة الوزارات ذات العلاقة تحتضن المنشأة الصغيرة والمبتدئة .. حتى نلغي من قاموسنا مهنة «شيل وحط» ولا أنكر أن هناك خطوات جيدة في هذا الاتجاه إلا أن إيقاعها لازال بطيئًا جداً وغير متناسب مع إيقاع الشباب والحياة عموماً..