قال الضَمِير المُتَكَلِّم: أمس كان الحديث لمعالي الشيخ الدكتور عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء حول مظاهر التيسير في التشريع الإسلامي؛ حيث أكد على أهمية فتح الذرائع، وتطبيق نظرية التيسير في الفقه الإسلامي؛ التي من مظاهرها العفو عن المسكوت عنه، واليوم نكمل رسم ملامح من حديث الشيخ حيث يشير إلى أن من مظاهر التيسير ما فعله بعض الفقهاء: حيث جعلوا المكلف هو محور التكليف، وعليه يقسمون المكلفين إلى قسمين: قوي يؤخذ بالعزيمة، وضعيف يؤخذ بالرخصة، ولا يطالب القوي بالنزول إلى درجة الرخصة، ولا الضعيف بالصعود إلى درجة العزيمة، يقول الشيخ أبو سليمان: لو أخذنا بهذا المنهج في الإفتاء ليَسْرْنَا الدينَ على الناس! وقد حذّر الدكتور أبو سليمان مما سماه الفقهاء (الجمود على المنقولات)، ونقل قول ابن القيم: أن الجمود على المنقولات ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين، كما تحدث عن التيسير فيما سماه فقه السعة (أي الاختلاف) ومراعاته، وقال إن من ذلك مثلاً: مسألة الكفاءة في النسب فهناك مذاهب تعتمدها ومذاهب لا تراها، ولو كان القاضي متسع الفقه للجأ إلى مراعاة الاختلاف وهو الاعتماد على لازم الدليل في مذهب آخر بمسوّغ، فما دام الأمر واقعاً وقال به إمام معتبر من أئمة المسلمين فيؤخذ به مراعاة للخلاف. وبيّن عضو هيئة كبار العلماء أن من مظاهر التيسير في الإسلام (التلفيق): وهو الأخذ من كل مذهب بما هو أيسر، وضرب بالحج نموذجاً في التيسير في الفقه الإسلامي مؤكداً أن الفقهاء قالوا إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجته هو الأفضل، ويقابله الفاضل لا الباطل، وأن الاعتماد على رواية واحدة في حجته صلى الله عليه وسلم كحجة جابر فيه مشقة على الناس، والتيسير المأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم «افعل ولا حرج» يقتضي التخفيف على الناس. وأكد أبو سليمان أن التعصب دليل ضيق الأفق، والعصر لا يتحمّله، والناس لا يتحمّلونه؛ مضيفاً يجب القراءة والاطلاع على ما لدى الآخرين، وقال مخاطباً الحضور القليل: اقرأوا حتى للمنحرفين بعد أن تتحصّنوا علمياً؛ مؤكداً أنه قرأ مرة كتاباً لمؤلف يُعَدّ من المنحرفين، وتبيّن له أن هذا الكتاب لا بدّ أن يقرَّر على طلاب كليات الشريعة لما فيه من تصحيح المفاهيم. أجزم أن المجتمع الإسلامي في ظل معطيات العصر ومستجداته بحاجة لمثل هذه الأصوات المعتدلة التي تجمع الناس على الدين بالتيسير المباح، وهذه المحاضرة جديرة بأن تكون من أهمّ مفردات كليات الشريعة في الجامعات!! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس: 048427595 [email protected]