هو مجموعة رجال في رجل واحد، صاحب اهتمامات متعددة، خبراته واسعة في الإدارة والتجارة وغيرها من المجالات.. إنه الشيخ أحمد صلاح جمجوم الذي عمل وزيرًا في سنين حياته المبكرة، فأكسبه ذلك خبرات متعددة في مجال الإدارة والصحافة. شارك بالوزارة وكانت الدولة على شفا الإفلاس، وكانت له جهود بارزة في اللجان التي شكّلت للنهوض بالوضع الاقتصادى في الدولة، فحاز على ثقة القيادة، وهنا يتحدّث عن التجربة: يقول الشيخ أحمد صلاح جمجوم عن البدايات، وإعارة خدماته إلى شركة الأسمنت: كنتُ قد قضيت في عملي في الزكاة والدخل حوالى ثلاث سنوات، وكان معي مجموعة من خيرة الشباب من بينهم عبدالجليل عبدالجواد، وسعيد آدم، والجبالي، ومحمد مؤمنة. وتمكنّا من بناء أساس، ووضعنا أنظمة وقوانين كثيرة، وفعّلنا نشاط الإدارة، وأصبحت مصدرًا مهمًّا من مصادر الدخل للبلد. وفي نهاية هذه السنوات الثلاث كان كل شيء تم تأسيسه وتنظيمه، وبدأ العمل يتحوّل إلى نشاط روتيني منظم وطبيعي، ليس فيه تحديات كبيرة. ولذا فعندما جاء العرض بشأن إعارة خدماتي لشركة الأسمنت، لم أتردد. لحظة أشعلت فرن مصنع الأسمنت وتولّت ثلاث شركات ألمانية كبيرة تنفيذ المشروع، وكان العمل يستمر اثنتي عشرة ساعة يوميًّا، من الصباح الباكر وحتى صلاة المغرب. وتأتي الأجهزة والمعدات قطعًا هائلة بالبواخر فننقلها بصعوبة من الميناء إلى موقع المصنع شمال جدة لعدم توفر وسائل النقل المنسابة. لقد كانت هذه التجربة هامة ومثيرة، خصوصًا لشاب في سنّي، فلازلت أذكر لحظة أشعلت الفرن إيذانًا ببدء نشاط المصنع، وكان ينتج ثلاثمئة طن من الأسمنت يوميًّا، ومثلها من الجبس. وزير بلا حقيبة وعن تعيينه وزيرًا لأول مرة عام 1378ه -1958م يقول: كنتُ وزيرًا بلا حقيبة، إذ لم أستلم وزارة معيّنة، ولكنني كلفت بعضوية العديد من اللجان الهامة. وبحكم دراستي وخبرتي، وبتوفيق الله سبحانه وتعالى، وفّقت في القضايا والملفات التي أحيلت إليّ، وفي بعض الأفكار التي قدمتها. ولذلك فقد عيّنني الأمير فيصل في ثلاث لجان هامة هي القانونية، والإدارية، والمحاسبية. كما كلفت فيما بعد برئاسة لجنة التخطيط، وفيها عدد من وكلاء الوزارات، وتقوم بعمل وزارة التخطيط التي أُنشئت في مرحلة لاحقة. 517 ريالاً فقط في خزينة الدولة وحول أبرز التحديات التي واجهها إبّان تلك الفترة، قال إن أهم تحدٍّ واجهنا هو الأزمة المالية الخانقة التي واجهت البلاد. ففي الفترة التي تولّى المالية فيها أحد الوزراء مؤقتًا واجهت الحكومة الإفلاس المالي، إذ لم يكن في خزينتها غير مبلغ ضئيل لا يزيد على 517 ريالاً فقط لا غير، وعليها ديون هائلة، أكثرها لشركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) التي أصبح من حقها أن تأخذ إيراد البلد من النفط لسنوات مقبلة تسديدًا لديونها. فاستقدم الملك سعود -رحمه الله- خبراء من البنك الدولي لدراسة الوضع، وعمل توصيات وحلول. وبالفعل وضعوا دراسة ممتازة كلّف الأمير فيصل شخصيًّا بالإشراف على تنفيذها، فيما كُلّفت بأن أكون همزة وصل مع خبراء البنوك. وضمانًا لحسن تطبيق التوصيات تولّى الفيصل بنفسه وزارة المالية، ومعه وزير دولة للشؤون المالية الشيخ عبدالله بن عدوان. وكلّفني برئاسة لجنة التنمية الاقتصادية، التي شُكّلت بناء على توصيات البنك الدولي، وتضم في عضويتها محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، وعددًا من وكلاء الوزارات. عملي مع الفيصل وقد استفدتُ ممّا اكتسبته من خبرات عملية في حياتي الوظيفية السابقة، من البنك العربي، إلى مصلحة الزكاة والدخل، إلى مصنع الأسمنت. كما استفدتُ في مهمتي الجديدة من المعلومات والخبرات التي تعلّمتها من عضويتي في اللجان المالية والقانونية والتخطيطية التي شاركت فيها، أو ترأسّتها في مجلس الوزراء. وأتاح لي كل ذلك مخزونًا هائلاً من المعلومات والخبرات استفدتُ منه بقية حياتي. ويكفي أنني عملتُ عن قرب مع الشخصية التاريخية العظيمة، فيصل بن عبدالعزيز. تعييني وزيرًا للتجارة لم يدم أشهرًا ومع عودة عجلة التنمية الاقتصادية إلى الدوران والأمور إلى سابق عهدها من التحسن عيّنني الفيصل وزيرًا للتجارة، كما ودّعني عندما كُلّفت بعملي وزيرًا بلا وزارة. ولكن وزارتي الجديدة لم تستمر أكثر من بضعة أشهر. فقد استقال الأمير فيصل، واستقلتُ معه؛ ولهذه الاستقالة قصة ألخّصها فيما يلي: كان بإمكاني أن استمر في الوزارة لأنها رسميًّا قائمة، وكان هذا من رأي بعض الزملاء الوزراء، على أساس أن الأمور ستصل، ويعود الأمير فيصل إلى المجلس، ولكنني شعرت بأن وجودنا لا معنى له في تلك الظروف، فقد مرّت فترة كنا فيها نجلس بلا عمل أو خطة عمل، نداوم كل يوم في المجلس بدون أن ننتج شيئًا ثم نذهب إلى بيوتنا. ولذا فقد قررت أن استقيل مع الفيصل. وخرجت من الوزارة وعدت إلى أعمال الأسرة التجارية. وحُسبت لي خدمتي، وتقرر أن يُصرف لي راتب تقاعدي ستة آلاف ريال، علمًا بأن راتب الوزير في ذلك الوقت كان عشرة آلاف. فاسترحمنا أنا وعدد من الوزراء السابقين، من بينهم محمد رضا، وصدر لنا أمر ملكي بتعويضنا بمكافأة شهرية مقطوعة عشرين ألف ريال إضافية. وهكذا فقد كان وضعي المادي جيدًا، حتى ولو لم يكن هناك عمل آخر. وبالمناسبة، فهذا الراتب يُصرف إلى اليوم، استلمه كل نهاية شهر من المالية، فجزى الله مَن أمر به خير الجزاء. وعن عودته للعمل الحكومي مجددًا يقول: إجازتي من العمل الحكومي لم تطل. فبعد أشهر من خروجي من الوزارة 1382ه - 1962م صدر نظام تأسيسي للخطوط العربية السعودية. قرأتُ النظام فوجدتُ فيه تداخلاً بين صلاحيات عدد من الإدارات، كما لاحظتُ أن الصلاحيات المعطاة لرئيس مجلس الإدارة محدودة، ولا تكفيه للتحرّك بمرونة، إذ لا بد أن يرجع إلى الوزير في كل شأن. كان هذا الانطباع الذي كوّنته عندما تلقيتُ اتّصالاً من الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع والطيران، قال: يا أخ أحمد، نريدك أن تتولّى رئاسة مجلس إدارة الخطوط السعودية. قلت له: طال عمرك المنصب حسب النظام الموضوع لم يعطِ صلاحيات كافية، كل الصلاحيات عند الوزير. قال: نعطيك الصلاحيات اللازمة. وكان سموه عند وعده، وأعطاني -حفظه الله- كل الصلاحيات التي أحتاجها مع كامل الثقة، والدعم، والتشجيع. سعودة كل الوظائف ولم نهمل الوظائف الأخرى، فقمنا بتدريب السعوديين في كل الوظائف ما عدا المضيفات. وأذكر أنني كنت في مكتبي في يوم من الأيام، وانشغلتُ بالعمل، ونسيت موعد تخرّج دفعة من الموظفين المتدربين. واتّصل بي السيد حمزة الدباغ، وكنتُ قد عيّنته مسؤولاً عن قطاع التدريب، مذكّرًا بالموعد. فهرعت إلى موقع الحفل لأُفاجأ بعدد كبير من عشرات المضيفين الجويين السعوديين وغيرهم من الموظفين. وقد فوجئت وسعدت بهذا الحفل الكبير. وأثلج صدري هذا العدد الكبير من المتخرّجين الذين حلّوا على الفور محل عشرات الموظفين المتعاقدين، برواتب أقل، وبحماس وإخلاص أكبر. وبعد أن تسلّم شبابنا مواقعهم نبّهتهم إلى ضرورة عدم التسامح في هذا الشأن، وتطبيق الأنظمة بحذافيرها، وأن يسمحوا بشحن الأوزان المسموح بها لكل راكب، ويطالبوا بدفع قيمة الوزن الزائد، بلا مجاملة لأيٍّ كان، ولا يسمحوا بتحميل الطائرة بأكثر من طاقتها، ولا يلغوا حجزًا مؤكدًا، أو يستبدلوا راكبًا بآخر مهما كان، ويحرصوا على إنهاء الإجراءات في مواعيدها، بحيث تطير الرحلات بشكل منتظم، وفي مواعيدها، ولا تتأخّر انتظارًا أو مجاملة أيّ أحدٍ. سعود الفيصل في اللجنة التنفيذية وقد تم ضمّي إلى عضوية الهيئة التأسيسية لجامعة الملك عبدالعزيز عام 1385ه، الموافق 1965 إثر تفرّغي من العمل الحكومي، واستقالتي من رئاسة الخطوط السعودية، كما انضمّ الأمير سعود الفيصل، وعبدالله السعد، وعبدالعزيز عبدالله السليمان، ولاحقًا انضمّ الأمير سعود إلى اللجنة التنفيذية أيضًا، كما عيّن في العام التالي محسن الباروم أمينًا عامًّا للجامعة الوليدة، واستمر في هذا الموقع لعامين، وخلفه السيد محمد علي حبشي عام 1387ه، كما عيّن أحمد محمد علي نائبًا، ثم رئيسًا للجامعة، وفي عام 1388ه انتخبت نائبًا ثانيًا لرئيس الهيئة التأسيسية، وأُعيد انتخابي عام 1390ه. وقد حرصنا منذ البداية على تأهيل السعوديين لإدارة الجامعة والتدريس بها، فتم الإعلان عن فتح باب الابتعاث لمرحلة الدكتوراة، فتقدّم كثيرون اخترنا منهم اثنين وعشرين مبتعثًا، أُرسلوا إلى بريطانيا وأمريكا للتخصص في مختلف المجالات، كما ابتعثنا خمس سيدات هن: ثريا أحمد عبيد، وفاتن شاكر، ومديحة درويش، وبلقيس ناصر، وهدى الدباغ في تخصصات مختلفة. ولكن المشكلة كانت أن الأموال التي جُمعت غطّت احتياجاتنا لعام واحد، ثم نضبت الموارد، فراجعنا الملك، وأحالنا إلى وزير المالية الأمير مساعد بن عبدالرحمن فقال لنا: أنتم قلتم جامعة أهلية، فكيف تطلبون أن نصرف عليكم؟ الانتقال للصحافة وينتقل الجمجوم إلى المجال الصحفي فيقول: عندما صدر نظام المؤسسات الصحفية عام 1382ه - 1962م وطلب من الصحف الموجودة أن تصحح أوضاعها طبقًا للنظام الجديد، بدأ آل حافظ في عمل اتصالاتهم بمن يرشحونهم لشراء أسهم المؤسسة الجديدة، وعضوية جمعيتها العمومية. وبحكم صِلاتي السابقة بالسيّدين علي وعثمان حافظ، وبالابنين هشام ومحمد، فقد اتصلوا بي للمشاركة معهم، فرحبت وقمنا بعقد اجتماعات متعددة أسفرت عن ترشيحات لمجلس إدارة، ومدير عام، ثم انتخابات اخترت فيها رئيسًا لمجلس الإدارة، ومديرًا عامًّا لمؤسسة المدينة للصحافة، وتولّى السيد محمد علي حافظ رئاسة التحرير. وعندما استلمتُ موقعي الجديد كانت أكثر الصحف ومنها “المدينة” تطبع في المطابع الحديثة (بمقاييس ذلك الزمان) مطابع الأصفهاني، ورغم أن تلك المطابع كانت جيدة، وخدمتها لا غبار عليها، إلاّ أن طموحنا كان أكبر. فالبلاد كانت في طريقها إلى مرحلة زاهرة من التطور، والنمو، والمدارس تخرّج لنا كل عام مئات الألوف من الطلاب المتعلّمين، والنشاط الاستثماري والتجاري والعقاري يتسارع بشكل مذهل، وفي الوقت نفسه فالصحف حُدّدت بالصحف القائمة، وعليها أن تفي باحتياجات البلاد المتزايدة، وتقوم بدورها في خدمة التنمية. مقر جديد ومطابع جديدة وقررنا أن ننشئ مطابع حديثة على مستوى رفيع، على أرض واسعة منحت للمؤسسة شمال شارع فلسطين لتقيم عليها مقرها الجديد. وبعد أن تركنا الأستاذ صلاح الدين تولّى مكانه الأستاذ أحمد محمود، الذي بدأ مصححًا لغويًّا، فسكرتيرًا، ثم مديرًا للتحرير. وكانت هذه مرحلة ذهبية أخرى، واصلت الصحيفة فيها نجاحاتها وتوسّعها إلى أن أصبحنا نصدر أحيانًا في 56 صفحة يوميًّا، ومع توسّع التوزيع والتسويق زاد الإعلان حتّى أصبحت الجريدة تحسد على كثرة إعلاناتها، والدخل المالي الذي كانت تحققه، وقد خدمنا في ذلك مشروعنا الطباعي، فقد كانت مطابعنا الجديدة في شارع الصحافة من أحدث أنواع المطابع في ذلك الوقت، وكانت قادرة على طباعة هذا الكم الكبير من الصفحات لكميات هائلة تجاوزت المئة ألف نسخة يوميًّا وبالألوان. سددنا ديوننا ووزّعنا أرباحًا مجزية وهنا أستطيع أن أرد على سؤالك عن كيف تمكنّا من تسديد قرض البنك لبناء المقر الرئيسي، وللمطابع أولًا بأول، وأن ننتهي منه قبل حلول موعده. فالجريدة كانت تربح أرباحًا تكفي لتسديد ما عليها، واستقطاب أفضل الكفاءات الصحفية، والتوسّع في الفروع والمكاتب داخل البلاد وخارجها، وفي الوقت نفسه توزّع أرباحًا مجزية على المساهمين (عشرة في المئة سنويًّا)، بل وكان الوضع المالي من المتانة أن المساهم الذي دخل بمئة ألف ريال أصبحت مساهمته تُقدّر بالملايين. فقد كانت للمؤسسة أصول ثابتة قوية، وتمتلك مطابعها التي كانت تقوم بأعمال تجارية بالإضافة إلى طباعة الجريدة وملاحقها المختلفة. الاستقالة بسبب الخلافات وفي الوقت نفسه كانت هناك خلافات بين أعضاء مجلس الإدارة، وبدأتُ أعاني من اعتراضات بمناسبة وبدون مناسبة تجاه قراراتي! ولعلّ البعض طمع في منصبي وصلاحياتي، وكان عملي في المؤسسة لوجه الله، فقد كان راتبي لا يتجاوز عشرة آلاف ريال، لم أكن أستلمها، وأحوّلها لأعمال خيرية؛ ولذلك فقد استخرتُ الله، واجتمعتُ بالإخوة وقلت لهم: أنا أكسب من وراكم إيه؟ الله الغني. وقدّمتُ استقالة مكتوبة من رئاسة مجلس الإدارة، ومنصب المدير العام. تدهور أحوال الجريدة وخلال هذه الفترة تأثّر الموقف المالي للجريدة بشكل كبير، وبدأت الخلافات بين الإدارة والتحرير تؤثّر على العمل اليومي، فاتّصل بي المجلس، وطلبوا مني الحضور لمناقشة الموقف، وقابلتُ المدير العام فأراني أمرًا مكتوبًا عنده بإقالة الأعضاء الذين أزعجوه، وذهبتُ للوزير فسألني عن رأيي، وطلب مني إنقاذ الموقف. وقال لي: ضع شروطك.. وإذا كنت لا ترغب في عضوية أشخاص تسبّبوا في إشكالات، وعرقلوا نجاح الجريدة، فنحن مستعدون لفصلهم من الجمعية العمومية. عودة الشللية مع الحصين وكان لا بد من عمل جذري، فقمنا على قلب رجل واحد، وطالبنا بإقالة رئيس التحرير الأستاذ غالب أبو الفرج، وتحقق لنا ذلك، وبعده جاء الأستاذ عبدالله الحصين، وكان في البداية مسالمًا، ولكنه لم يكن صحفيًّا مثله في ذلك مثل سابقه، وتدريجيًّا بدأت المشكلات معه، وعانى التحرير والإدارة معًا من هذه الخلافات، وما أفرزته من صراعات داخلية، وصحفية، وتحزّبات، وشللية أثّرت على مستوى الجريدة بشكل كبير، واستمر بذلك الضغط المالي على المؤسسة؛ ممّا اضطرها في النهاية إلى إقالة رئيس التحرير بعد سنوات من محاولات الإزاحة من جانبنا، والتمسّك من جانبه. إقامة مدارس التحفيظ وعن اهتماماته بتحفيظ القرآن الكريم يقول الجمجوم: فكّر الشيخ أحمد محمد علي في فكرة رائعة وهي إقامة مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في مختلف مناطق المملكة، وبدأ بمكة المكرمة التي أقام فيها عشرة مراكز، وطبعًا فإن مشروعًا كهذا يحتاج إلى مصدر أكبر من قدرة هذا الشيخ الفاضل؛ ولذا فقد اجتمع مع عدد كبير من المهتمين من بينهم الدكتور أحمد محمد علي مدير جامعة الملك عبدالعزيز سابقًا ومدير عام البنك الإسلامي للتنمية حاليًّا، والشيخ محمد باحارث رجل الأعمال والخير المعروف. وعندما كنتُ في استقبال الملك خالد -رحمه الله- في مطار جدة، التقيتُ بالدكتور أحمد محمد علي، فأطلعني على المشروع، وقال لي: هل يُعقل أن يكون هناك تحفيظ في مدن المملكة إلاّ مدينة جدة؟ وأبلغني بأن الشيخ محمد باحارث يعمل على إقامة مركز في جدة، وطلب مني المشاركة مع عدد من أبناء مدينة جدة في دعم هذا المشروع. قلت له: على بركة الله، وأنا معكم. وفي آخر أسبوع من عام 1396ه كان هناك اجتماع في بنك التنمية الإسلامي، حضرته وكان معنا الدكتور عبدالله عمر نصيف، والشيخ محمد صالح باحارث، والدكتور أحمد محمد علي، والشيخ مصطفى العالم، والأستاذ فيصل الصائغ، وعصام عابد شيخ، وعبدالعزيز نعمة الله. وتقرر في هذا الاجتماع تكوين جمعية للقرآن الكريم بجدة، ومجلس إدارة بعضوية الحاضرين، وأن يبدأ النشاط في أكبر عدد ممكن من مساجد جدة، كما اتفق المجتمعون على التنسيق مع إدارتي تعليم البنين والبنات بجدة، وجامعة الملك عبدالعزيز. إنشاء أول جمعية لتحفيظ القرآن بجدة وقد انضمّ لاحقًا إلى هذه المجموعة شخصيات كبيرة من بينها الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور محمد عمر زبير، والشيخ عبود أبو بكر باعشن، والشيخ فتحي أحمد الخولي. وقد رأوا أنه لا بد من نشر عدة مراكز في جدة، وأن مركزًا واحدًا لا يكفي، ولتنظيم العملية فقد أنشأنا جمعية تحفيظ القرآن الكريم في جدة، وانتخبنا الشيخ محمد باحارث رئيسًا لها؛ وبدأنا في جمع التبرعات. وبتوفيق وبركة كتاب الله، فقد جمعنا ما يكفي لإنشاء مجموعة من المراكز تضاعف عدد طلابها سنة بعد أخرى.