في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل انتهاكاتها وعدوانها الصارخ على الضفة والقدس وقطاع غزة يستمر مسؤولو السلطة الفلسطينية في إصدار بيانات الرفض والشجب والإدانة من خلال حالة استرخاء عجيبة ، فيما تواصل حماس سياستها بتجميد المقاومة قانعة باستمرار الوضع على ما هو عليه الأمر الذي يعطي لإسرائيل الفرصةلتنفيذ الفصول الأخيرة في مخططاتها الخبيثة لتكريس فصل الضفة عن القطاع ،والإجهاز على عروبة القدس .. و لعل ما حدث أمس في حي سلوان يؤكد على مأساوية وخطورة المشهد الفلسطيني الراهن ويجسد في ذات الوقت شراسة الهجمة الإسرائيلية على القدس ، عندما قام العشرات من المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين بمسيرة في حي سلوان في القدسالشرقية داعين إلى هدم أكثر من مائتي منزل في بلدة يقطنها أكثر من خمسين ألف فلسطيني مقابل ثلاثمائة مستوطن يهودي ، وكما هي العادة دائمًا تصدى أهالي القدس للمستوطنين والشرطة الإسرائيلية التي تحميهم بصدورهم العارية ما أدى إلى إصابة العديد منهم . اللافت أن المسيرة التي أراد منها المستوطنون إظهار سيطرتهم على القدسالشرقية جاءت في وقت يسعى فيه المبعوث الأمريكي الخاص جورج ميتشل إلى إعادة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة ، فيما تقلصت المطالب الفلسطينية من فتح المعابر ووقف الحصار على غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لمدن الضفة والقدس إلى مجرد وقف الاستيطان الذي لم يعد يحتاج إلا إلى القليل من الوقت لاكتمال خططه ومشاريعه . في خضم هذا الوضع المخزي يحق للمراقب أن يتساءل : أين هو المشروع الوطني الفلسطيني الذي يفترض أن تكون الوحدة الوطنية أول بنوده؟ وإذا كانت تلك الوحدة صعبة المنال في ظل تصلب مواقف السلطة وحماس فأين هي البدائل في مواجهة الهجمة الاستيطانية والتهويدية على الضفة والقدس واستمرار الحصار على القطاع ؟ بدون وحدة الصف الفلسطيني لا مقاومة ولا تسوية ولا عزاء للبسطاء من ابناء الشعب الفلسطيني الذين تتقاتل الفصائل فوق جثث ابنائهم فيما ينهب الصهاينة ما تبقى من أرض.