ليس من شك في أن الإدارة الأمريكية تتطلع ، منذ الوهلة الأولى التي عين فيها الرئيس أوباما جورج ميتشل مبعوثًا خاصًا له في الشرق الأوسط ، نحو تحقيق السلام في المنطقة وأن يكون للفلسطينيين دولة مستقلة خاصة بهم باعتباره ضرورة استراتيجية لواشنطن. المؤشرات على جدية المساعي الأمريكية بهذا الصدد كثيرة ،آخرها قائمة الاشتراطات الإحدى عشرة التي طلبت إدارة أوباما من حكومة نتنياهو الوفاء بها «لبناء الثقة» ودفع عملية السلام مجددًا . ما ذكرته المصادر الإسرائيلية مؤخرًا في أعقاب لقاءات ميتشل مع نتنياهو حول موافقة الأخير على الكثير من تلك الاشتراطات يؤكد على أن أوباما كسب رهان الضغط على نتنياهو، وذلك بعد يوم واحد من مقال السفير الامريكي السابق في إسرائيل مارتن انديك في صحيفة «النيويرك تايمز» وقوله إن «على رئيس الحكومة الإسرائيلية الاختيار بين الرئيس الأمريكي باراك اوباما أو بين حلفائه من اليمين المتطرف داخل ائتلافه الحكومي» ، حيث يبدو من الواضح الآن أن نتنياهو قرر الاستجابة للضغوط الأمريكية واختيار أوباما بعد أن أدرك أن تلك الإدارة لن تتراجع عن مطالبها ، وأن على إسرائيل تسريع عملية السلام في اتجاه قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على أرض الواقع في القريب المنظور حتى يمكن لواشنطن تحقيق تقدم حقيقي على صعيد الحد من طموحات إيران النووية وتحقيق نصر حاسم في الحرب على الإرهاب . ما تناقلته وكالات الأنباء حول الحديث عن اختراقات جديدة لعملية السلام أمكن لميتشل تحقيقها في زيارته الأخيرة للمنطقة مثل وعود نتنياهو بتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة وإطلاق سراح معتقلين ووقف الاستيطان في مستوطنة رمات شلومو ووقف هدم البيوت الفلسطينية وفتح مقرات منظمة التحرير الفلسطينية ليس كافيًا لبدء المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ، ليس لأنه يحتاج أولاً إلى الإثبات على أرض الواقع ، وإنما أيضًا لأنه لا يتضمن نصًا صريحًا بضرورة التزام إسرائيل بمطلب الوقف الكامل للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية الذي يصر عليه الفلسطينيون ، وهو ما ينبغي على الإدارة الأمريكية تفهمه لممارسة المزيد من الضغوطات على إسرائيل بهدف الموافقة على هذا الشرط الرئيس.