قبل أيَّام، كَتبتُ مَقالاً عن ضَرورة إعادة النَّظر في تَقليد «إغلاق المَحلَّات وَقت الصَّلاة»، وخاصَّة تلك المَحلَّات التي تَقع في الطُّرق بين المُدن.. وقد استند المَقال إلى دراسة شرعيّة، قام بها البَاحث الشَّرعي الأستاذ «عبدالله العلويط»، توصَّل في نهايتها إلى أن «إغلاق المَحلَّات وقت الصَّلاة، هو بِدْعَة مِن البِدَع»..! كُلُّ هذا الأمر مَرَّ وذَهبَ مع الرِّيح والوَرق، والصَّوت الجَريح.. ولكن المقال في حينه لَقي تَعنُّتاً شَديداً، ورَفضاً عَنيداً، ومَقتاً جَديداً، الأمر الذي جَعل الكَاتِبة القَديرة «البتول الهاشميّة» –حفظها الله- تَنظر إليَّ بعين الشَّفقة والعَطف، وتسلُّ مِن سيفِ قَلمها حبراً يَنساب على الوَرق دفاعاً عنِّي، مُتَّخذة مِن السَّجع -الذي اقترفه- عنواناً لها، فكَتَبَت مَقالاً تَحت عنوان: «أحقيّة العَرفج فيما استنتج»، وهو مُستقرٌّ على هذا الرَّابط: www.al-madina.com/node/239222، وبهذا دَافَعَتْ دِفَاعاً مُستميتاً عن قضيّة «فلسطين» العَرفجيّة..! حَسناً.. ما المَطلوب مِن هذا القَلم الآن..؟! مَطلوب منه الاعتراف؛ بأنَّ صاحب هذا الحبر لم يَقف معه ولم يُؤازره إلَّا النِّساء، تلك اللواتي لا يَكْفُرْنَ «العَشير الثَّقافي»، في حين أنَّ الرِّجَال – الذين يُقال عَنهم أوفياء- ذَهبوا كما ذَهب الهَوى بمخيلتي وشَبابي، وأقمتُ بين مَلامةٍ وعِتابِ..! حقًّا.. إنَّني فَخور بهذه «الجيوش النِّسائيّة» التي تُدافع عنِّي، مَع أنَّني لا أعرف أيًّا مِنهن، ورغم أنَّني كَتبتُ كثيراً عن «المرأة البقرة»، و«البقرة المرأة»، ولكن المرأة بذكائها -الذي تغلب فيه الرَّجُل- تُدرك أنَّ القَلم –هُنا- يَنتقد المرأة طَمعاً في أن تَكون هي الأفضل والأجمل والأكحل..! هُنَّ يَعلمن أنَّ القلم يُردِّد دَائماً ما صَاغه الشَّاعر العَذب «عمر أبوريشة» حين قال: عَلِمَ اللهُ ما انتقدتُك إلَّا طَمَعاً أن تَكونَ فَوق انتقَادي إنَّني حَفيٌّ بهذه «الهاشميّة»، وبعشرات الأسماء اللواتي يُعلِّقن في موقع الجريدة، ويُدافعن عنِّي، مِن أمثال المُبدعات: «حكيمة الكون، شيخة الدنيا، بنت البدو، زهرة النرجس، عجوز بريداوية، ميم، د. دجاجة»... إلخ..! صحيح أنَّ أكثر هذه الأسماء مُستعارة، ولكن ما الضّير في ذلك، طَالما أنَّ العِبرة فيما قِيل لا بِمَن قَال.. والحكمة هي ضَالّة المُؤمن، التي دائماً ما يَبحث عَنها..! وطالما أنَّنا في مَقام الاعتراف بالفَضل لأهله، فلا مَفرّ مِن مُحاسبة السيد شَاعرنا الكبير «نزار قباني» على تَقليله مِن شَأن النِّساء، عندما قَال في قصيدته مخاطباً بغداد وقائلاً لها: لا تُنَادِي الرِّجَالَ مِن عَبدِ شَمس لا تُنادي لَم يَبقَ إلَّا النِّسَاءُ مع الأسف أنَّ «نزار» يَقصد –هنا- الاستهانة بالنِّساء، وهو الذي يَزعم أنَّه مَع المُناضلين لحقوق المرأة.. ولكن سأُطمئن شَاعرنا العَظيم في قبره وأقول: إنَّه لم يَنفع النَّاجحين إلَّا المَرأة، ويَكفي أنَّ جَلالة الملك عبدالعزيز –طيّب الله ثَراه- كان يُسمِّي نفسه «أخو نورة»، رَغم كَثرة الرِّجَال مِن حوله.. مِن هُنا يُمكن تَصديق ما قَالته أكثر الآداب العالميّة مِن أنَّ: «وَراء كُلّ رَجُل عَظيم امرأة».. فمَا بَالك بمَن وَراءه العَشرَات مِن النِّساء..؟! حَسناً.. مَاذا بَقي..؟! بَقي أن أقول: قَد يَكون الهجاء الذي تَعَمَّده هذا القلم لاستفزاز المرأة، هو الذي وَلَّد التَّعاطُف والتَّقدير، وعَزَّز الأُخوّة.. ولا عَجب في ذلك، فقد قَال إخواننا «أهل المنجا» في مصر: «مَا مَحبَّة إلَّا بَعد عَداوة»، أكثر مِن ذلك يَعلم المُطّلعون على الأدب أنَّ العلاقة الغراميّة بين «جميل وبثينة» بَدأت مِن مُخاصمة بينهما، عندما قَالت: (يا جميل ابعد غنمك عن غنمي).. وتَخاصما ثُمَّ تَصادقا ثُمَّ أحبا بَعضهما.. وفي ذلك يَقول «جميل» في شعره: وأوّلُ مَا قَادَ المَوَدَّةَ بيننا بواد «بغيض» – يا «بُثينُ» سِبَابُ!!!