الخطط الخمسية كما هو معلوم عند المختصين رؤى مستقبلية، لتحديد ما ينبغي تحقيقه خلال السنوات الخمس القادمة من أهداف تنموية شاملة وهي تنطبق على خطط الدولة الخمسية التنموية. وقد بدأ العمل بالخطط الخمسية بالمملكة مع بداية العام 1391ه حسب علمي وقد تحققت أهداف كبيرة خلال الخطط الخمسية الأولى والثانية وهي الفترة المسماة بفترة الطفرة التي أنجزت بها الدولة نسبة متقدمة من أهدافها في جميع المجالات التنموية. أما بقية الخطط فلم تحقق، كل ما أستهدف منها بسبب ظروف متباينة، منها تذبذب أسعار البترول وهو المرتكز الأساسي للدخل الوطني إضافة إلى آثار الحروب التي عصفت بالمنطقة. إلا أن الخطة الخمسية الثامنة التي تزامنت مع عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله التي تعيش البلاد في نتائج أهدافها قد حدث خلالها طفرة تنموية منظمة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المملكة، ولنأخذ التعليم أحد الشواهد، فقد كانت الجامعات لم تزد عن خمس جامعات، فقد ارتفع عددها في هذا العهد الزاهر إلى أكثر من عشرين جامعة حكومية شملت المدن الكبيرة والمحافظات وارتفع عدد المدارس في مختلف المراحل إلى نسبة تفوق المتوقع في فترة وجيزة، تبعها تركيز على إنشاء مبانٍ حكومية كثيرة بدلاً من المستأجرة التي لا تتوفر فيها البيئة التعليمية المناسبة. وواكب ذلك التوسع بالطرق السريعة والزراعية والمستشفيات والمراكز الصحية إضافة إلى معالجة مشكلة غلاء المعيشة إلى حد كبير ومشاريع الإسكان وزيادة رواتب المستفيدين من الضمان الاجتماعي، ولو لم يواكب ارتفاع أسعار البترول تخطيط سليم ورؤية مستقبلية رشيدة وتصميم على مواكبة العصر بتنفيذ تنمية شاملة في البلاد تحقق تطلعات الدولة ورغبة المواطنين لم تتم هذه الانجازات الكبيرة التي لن تتسع هذه الزاوية إلى تعدادها، ولكن نقول دون تردد إن الخطة الخمسية الثامنة حققت نسبة مرتفعة من أهدافها. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه كيف نقيّم نتائج الخطط الخمسية وخاصة الثامنة منها بالمقارنة مع ما اعتمد لها من مليارات لم يسبق لها مثيل. وهذا باعتقادي يحتاج إلى وقفة محاسبة تضع الأمور في نصابها إذا سلمنا بأن التقويم الورقي والتقارير (المنمقة) غير دقيقة بل فيها تجاوزات مهما كثرت تبريراتها. ولاستجلاء الحقيقة ووضع الأمور في نصابها، هو مقارنة ما صرف من الميزانية خلال الخطة الخمسية الثامنة بما نفذ ميدانياً. لأن أي عمل لم يخضع للمحاسبة والتقييم والتقويم تكثر تسريباته. وهنا يأتي دور مجلس الشورى والجهات الرقابية وفي مقدمتها ديوان المراقبة العامة. فهل نفعل لينكشف المقصّر ونحاسبه ونشيد بالأمين ونكافئه. أرجو ذلك والله المستعان.