فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمس في اليوم الثالث للانتخابات العامة السودانية في أجواء هادئة بعد تمديد فترة الانتخابات ليومين إضافيين حتى الخميس (غدا) بسبب مشكلات لوجستية خلال اليومين الأولين. وقالت موظفة في مركز اقتراع في وسط الخرطوم: إن “الضغط خف الآن مع التمديد. ليس على الناس ان يسرعوا، الوضع أهدأ”، وبدت شوارع العاصمة السودانية هادئة على غير عادتها هذا الصباح، رغم عدم الاعلان عن اجازة رسمية خلال فترة الاقتراع التي بدأت الاحد وتستمر حتى الخميس. ولكن الناخبة سلوى الأمير (56 عاما) وهي متقاعدة، اعتبرت أن التمديد “لا يحدث الكثير من الفرق. ما الفائدة منه في الاصل. إن كانت هناك مشكلات في البداية، سيكون هناك مثلها في النهاية”، وأعربت السيدة التي كانت تعمل مضيفة طيران عن خشيتها من اندلاع مواجهات مع الإعلان عن نتائج الانتخابات. وقالت: “كل ما نريده هو السلام. عليهم أن يقوموا بعملهم بشكل جيد. لا نطلب أكثر من أن نأكل ونشرب ونصلي وننام”. وقالت فوزية احمد الميرغني في مركز اقتراع في وسط الخرطوم “الناس قلة هذا الصباح. لقد استرخوا لان لديهم يومين اضافيين للتصويت”. ولم يكن هنا حشد كبير من الناخبين في المركز، في حين بدا أن صناديق الاقتراع تكاد تمتلئ بعد يومين من التصويت. وقال ياسر عبدالله الذي يشرف على الكشوفات في المركز “لدينا 1020 ناخبا مسجلون في هذا المركز، صوّت منهم نحو 450 خلال يومين”، وأضاف أن الناس ليسوا مستعجلين اليوم، فهم يعرفون ان لديهم يومين اضافيين”. وقررت المفوضية القومية للانتخابات “الاثنين” تمديد التصويت حتى الخميس، بسبب مشكلات لوجستية سجلت في مختلف أنحاء البلاد المترامية الاطراف وتسببت في تعطيل التصويت في العديد من المراكز. وتشكل الانتخابات السودانية وهي أول انتخابات تعددية رئاسية ونيابية وإقليمية منذ 1986 محطة مهمة في إطار اتفاق السلام الذي ينص على تنظيم استفتاء بشأن استقلال جنوب البلاد مطلع 2011، ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 16 مليونا في عموم السودان، ولم تصدر مفوضية الانتخابات معلومات بشأن نسبة المشاركة. وتعتبر نتيجة الانتخابات الرئاسية محسومة لصالح الرئيس عمر البشير من الجولة الاولى بعد انسحاب مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان، ومرشح حزب الامة الصادق المهدي من السباق، ولكن يتوقع ان تشهد انتخابات المجلس الوطني والولايات مفاجآت، نظرا لتعدد الولاءات العشائرية في السودان. وتقدم لهذه الانتخابات في الإجمال 14 ألف مرشح، ويشرف عليها نحو 840 مراقبا دوليا وعربيا، بالاضافة إلى الآلاف من المراقبين المحليين. وفي قرية حوش بنقاء (مسقط رأس البشير) يصطف الأهالي للادلاء بأصواتهم تاييدا له في بلد تحدد فيه العلاقات العائلية والعشائرية الانتماء السياسي. تقع قرية حوش بنقاء على بعد نحو 150 كلم شمال الخرطوم، وهي عبارة عن مساكن بسيطة مبنية من الطين فوق ارض قاحلة، وكانت في السابق تشكل معقلا للحزب الاتحادي الديموقراطي، الذي يشكل مرشحه حاتم السر المنافس الرئيس لرئاسة الجمهورية امام البشير، ولكن عندما تولى البشير المولود في هذه القرية السلطة قبل 21 عاما في انقلاب دعمه الاسلاميون، سارع اهل القرية للانضمام الى حزب المؤتمر الوطني بحماس. وخلافا لمعظم سكان القرية، رفضت عائلة عبدالرحمن محمد فتح الرحمن تغيير انتمائها السياسي، وقال فتح الرحمن الذي التقيناه قرب محطة التصويت في مدرسة حوش بنقاء الابتدائية للاولاد التي درس فيها البشير وهو صغير، ان "سكان القرية كانوا جميعهم ينتمون الى الاتحادي الديموقراطي. انا مع الاتحادي الديموقراطي وهكذا كان ابي واعمامي وجدي”. وأضاف مع انضمام اخرين للاستماع للمحادثة، “عندما وصل البشير للسلطة، غير الجميع انتماءهم، لان افكارهم تغيرت”. ولا يولي سكان حوش بنقاء ومعظمهم من اقرباء الرئيس البالغ من العمر 66 عاما. اهمية كبيرة لقرار احزاب رئيسة في المعارضة مقاطعة الانتخابات، وردا على سؤال بهذا الشأن، قال المزارع علي عبدالحميد (41 عاما)، “صراحة، هذه مشكلتهم. سنعطي صوتنا لمن يفي بعهوده، والبشير وفى”. وقالت مروة (19 عاما) التي كانت تحمل هويتها ووصل التسجيل في يدها الملونة بالحناء، انها سعيدة لانها تدلي بصوتها لأول مرة. ولدى سؤالها عن خيارها قالت “بالطبع سأصوت للبشير”، ولكن الطالبة الشابة ترددت في الاجابة عندما سئلت لمن ستصوت في انتخابات المجلس الوطني ومجلس الولاية التي تنتمي اليها، حتى أشار إليها شرطي بالتقدم لان دورها حان للتصويت، ونصبت خارج المدرسة خيام جلست تحتها النساء والرجال بجلابياتهم وعماماتهم البيضاء. ويسهب سكان القرية في الحديث عن تواضع البشير، ودليلهم على ذلك بساطة بيته المؤلف من طبقة واحدة، على بعد دقائق من مدرسته. كان باب البيت مفتوحا وخرجت زوجة أخيه غيداء لتشدد على تقديم الشاي للزائرين، في غرفتها البسيطة التي يمكن الوصول اليها عبر ممر ترابي، في داخل الحجرة، مرتبة رقيقة على سرير حديدي تستخدم كسرير للنوم وللجلوس، وعلى الجدران علقت عليها صور البشير، وقالت غيداء وهي ابنة عم الرئيس: “آخر مرة زارنا قبل خمسة أشهر للمشاركة في عزاء”، وقال ابن عمه أشرف انه رآه قبل أسبوعين في الخرطوم. ولدى سؤاله إن كانت زيارة الرئيس سهلة بدون موعد مسبق، رد قائلا، “بالطبع نحن عائلة واحدة”.