بعد حرب حزيران 1967م قطعت معظم دول العالم وفي مقدمتها الدول الإفريقية علاقاتها مع إسرائيل، ولكن توقيع معاهدة السلام العربية – الإسرائيلية التي أتت على حساب المصالح العربية – كافة – شجعت الدول على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ومن ثم توقيع السلطة الفلسطينية معاهدة «أوسلو» بعيداً عن أعين المعنيين بشأن مدينة القدس والتي اعتبرها أخيراً الزعيم الليكودي «نتانياهو» عاصمة إسرائيل رغم أن القرار 242 والذي صاغه مندوب بريطانيا لدى الأممالمتحدة ووزير الشؤون الخارجية في مجلس اللوردات هيوفووت Hugh-Foot، أو ما يعرف في الأدبيات البريطانية باسم لورد كاردون Baron-Caradon، ينص على الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة بما فيها مدينة القدسالشرقية ولكن الايدلوجية الصهيونية التي يمتزج فيها الديني بالسياسي ترفض الانصياع لمثل هذه القرارات الدولية ويتحمل الغرب وفي مقدمته أمريكا مسؤولية هذا التعنت الإسرائيلي الذي قاومته شخصيات إسرائيلية من أمثال داعية السلام الراحل إسرائيل شاحاك Shahak، والباحث في الأدب العربي الحديث صموئيل موريه Moreh، وكذلك شخصيات يهودية في البرلمان البريطاني من أمثال النائب جيرالد كوفمان Kaufman، ولكن الهرولة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني لم تقتصر على الجانب السياسي ولكن داءها المميت والمضيع للحق العربي والإسلامي امتد ليشمل شخصيات دعوية تفتقر إلى الحكمة والاتزان وتنقصها المعرفة الدقيقة بأساليب العقلية اليهودية التي يجب أن نعترف أنها تملك من أساليب الدهاء السياسي بما يحتاج العرب –ربما لقرون- للإمساك ببعض خيوطه، هذه الشخصيات التي جذبتها أضواء الإعلام الذي يغشي البصائر والأبصار أطلقت دعواتها بأنها على استعداد ليس للمقاومة المشروعة ولكن تسجيل برامج دعوية من مدينة القدسالمحتلة، وهلل الإسرائيليون كثيراً لهذه الجرأة التي تذكرنا بجرأة البعض في الماضي للذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي، في الخاتمة يجب أن نشير إلى أن زعيم الأقباط في مصر البابا شنودة منع أتباعه في الصلاة في المعابد المسيحية في مدينة القدس مادامت تحت الاحتلال الصهيوني، ولكن ما الذي يمنع أن تكون لدى بعض الدعاة المسلمين حكمة شنودة ووطنيته بل وحفاظه على مشاعر اخوته من المسلمين، لعلهم - بعد هذا – يثوبون إلى رشدهم والله قادر أن يرزقهم ما تفضل به على عباده المتقين.