نشرت صحيفة دوتش ويل الألمانية مقالاً تناول انتشار مشاعر الخوف من الإسلام في كثير من الدول الأوروبي، وقالت الصحيفة: التصويت الذي تم في سويسرا في نوفمبر من العام الماضي وتم بموجبه إقرار مشروع لحظر بناء المنارات أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن بعض الأوروبيين لا يزالون ينظرون نظرة خيفة وتوجس للإسلام ويعتبرونه مصدر تهديد لهم. ورغم صعوبة تحديد تلك الأهداف بدقة، إلا أنه يبقى أن مسلمي الولايات يعيشون وضعاً مغايراً. ومنذ ذلك الاستفتاء الشهير لحظر المآذن في سويسرا فقد أعيد فتح النقاش مرة أخرى حول الإسلام وأوضاع المسلمين في أوروبا، فقد أثبتت نتائج التصويت غلبة مشاعر الشك على التعايش المشترك، والكراهية على حساب التسامح، وعدم الثقة على الاندماج. كذلك زادت الأصوات المناهضة لوجود الدين الإسلامي في أوروبا والغرب بصورة أعم. ومضت الصحيفة في وصف تلك المشاعر التي تعتري المواطن الأوروبي ودور بعض الجهات في تغذيته والإيحاء للعامة بأن القيم الإسلامية تشكل خطراً داهماً عليهم، وقالت: بدأت مشاعر التعاطف مع القرار السويسري تظهر ببطء في العديد من الدول الأوروبي مثل ألمانيا وهولندة وبريطانيا وفرنسا، حيث برزت كثير من الأصوات المتعاطفة التي أبرزت "الحاجة إلى فهم المخاوف السويسرية واستيعاب مشاعر الذين يشعرون بأن الإسلام يسيطر عليهم وعلى حياتهم بصورة تدريجية". ولاستيعاب ما تقوله هذه الأصوات "المتعاطفة" لا بد من الإشارة إلى أن فرنسا، وهي أكثر الدول الأوروبية من حيث عدد المسلمين ورغم ذلك يبلغ تعدادهم أربعة ملايين فق ويشكِّلون فقط 6% من عدد السكان، وفي بريطانيا لا يشكِّلون إلا 3% وفي ألمانيا 5%. وتبرز الصحيفة التناقض الصارخ في هذا القول وتستشهد بنسبة عدد المسلمين في هذه الدول مقارنة بغيرهم، وتعرض لبعض الأصوات المتعقلة التي ترد على تلك المزاعم، قائلة: يقول أحد المناهضين لوجود تلك المخاوف من المسلمين ويدعى مايكل فريدمان في حلقة نقاش على الإنترنت: "ما هو نوع الطمأنينة التي يحتاج المسيحيون للشعور بها في مواجهة 5% من السكان الذين يخالفونهم في الدين"؟ وأضاف قائلاً: رغم ذلك أستطيع القول أن هؤلاء الأقلية (5%) يتميزون بالصدق والتفاعل مع المجتمع. لكن يبدو أن الخوف من المجهول ومن الأديان الأخرى هو في الحقيقة عامل سيكولوجي قوي وبالذات لدى المتطرفين من كلا الجانبين الذين استطاعوا إحداث جفوة بين المسلمين وغيرهم ونجحوا في ربط الإسلام بالعنف والتدمير، وبالذات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. الجهل بالإسلام قاد البعض إلى ربط بعض الكلمات مثل "الإسلام" ب "الإسلامية" وصنع علاقة بين الدين الإسلامي والإرهاب، أو على الأقل بعدم الاحترام لحقوق الإنسان. كما يؤيد البعض بحماية الغرب المسيحي من محاولات الأسلمة التي يرون أنها وإن كانت بطيئة إلا أنها تسير وفق ما هو مخطط لها. وتؤكد دوتش ويل أن المسلمين في كثير من الدول الأوروبية وفي ألمانيا على وجه الخصوص عرفوا على الدوام بتجاوبهم مع أوطانهم والتفاعل مع مجتمعاتهم، وتشير إلى ما يقوله أحد الناشطين المسلمين في ألمانيا بالقول: يقول أيمن مزيك السكرتير العام للمجلس الإسلامي الألماني: المشكلة أن الناس يرون جيرانهم المسلمين وكأنهم مندوبون للدول الإسلامية وهذا ليس حقيقة. المسلمون هنا مواطنون ألمان ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات التي على غيرهم سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو لا دينيين. وواصل مزيك بالقول: في سويسرا تفجرت قضية المآذن من لا شيء، وفي ألمانيا كانت قضية بناء المساجد محل جدال كبير، وهذا كله يوضح كيف أن كثيراً من الناس أصبحوا يتخوفون من رؤية أحد بيوت العبادة، لمجرد أنهم لم يتعودوا عليه في السابق. وتختم الصحيفة بالقول: من الأشياء التي تغذي خوف الغربيين من الإسلام كذلك ما يتردد من أن بعض الإسلاميين المتشددين يخططون لجعل الإسلام هو الدين الأول في القارة الأوروبية واستبدال الديمقراطية بقوانين الشريعة الإسلامية. هذه الكلمات التي يرددها بعض المعادين للإسلام في أوروبا لها مفعول كبير في التأثير على كثيرين. ويضيف مزيك: بطبيعة الحال هناك بعض المتطرفين الذين يحاولون استغلال الدين لتحقيق أغراض خاصة بهم، ولكن دعونا نجلس بعقلانية ونرى كم يشكِّل هؤلاء في الحقيقة.