حدث في واحد من المسارح أن النار قد شبت في الرواق الخلفي بعيدا في الكواليس أثناء قيام فرقة للسيرك بتقديم عروضها، في البداية حاول طاقم العمل الإجهاز على الشرر المتطاير بغير إفساد سهرة الساهرين من الجمهور، غير أن السنة اللهب بدت وكأنها تطير لتمسك بتلابيب أحد المهرجين ، لم يجد المهرج نفسه إلا وهو يجرى داخل المسرح ملوحا للجمهور بالخروج ، و كانت آخر ردة فعل ينتظرها هي تلك الموجة من الضحك التي اجتاحت مدرجات المسرح، عبثا ضاعت محاولات المهرج بإقناعهم انه ليس بصدد تقديم حصة فكاهية، ازداد صياح المهرج وقوبل بزيادة مماثلة في الضحك قبل أن يتدخل أشخاص آخرون ليعلنوا للجمهور المتبلد الحقيقة المرة عبر مكبرات الصوت:«اخرجوا المسرح يشتعل» ، انتهى ما يهمنا من الحكاية ولكن ماذا ترانا نخبئ خلف كل هذه المقدمة الطويلة غير جملة من الأسئلة . عندما نتابع مدير فضائية مختصة بالبرامج الفاسدة والمسيئة للذوق العام والمثيرة للغرائز وهو يحث الجيل الجديد على التمسك بالمبادئ والقيم ماذا عسانا نفعل؟؟ سنضحك حتى لو كان ما يخبرنا غير الحقيقة عندما نطالع عمودا صحفيا لكاتب سطحي اتخذ من السخرية لأجل السخرية أسلوبا لعرض مواضيعه واعتبره الجمهور أديب ومفكر القرن ماذا عسانا نفعل ؟سنضحك حتى لو كان ما يخبرنا به هو غير الحقيقة عندما يُنصّب بعضهم نفسه بأنه وحده المؤمن ليحاسبك ويجلدك على أساس انه العارف والمقيّم لنوايا عباد الله ماذا عسانا نفعل ؟ سنضحك حتى لو كان ما يخبرنا غير الحقيقة. عندما يطالعنا مسؤول نعرف تاريخه بخطبة عن الوطن والمواطنة ويعدك بالتغيير لصالحك ولصالح الوطن .. ماذا عسانا نفعل ؟سنضحك ولو كان ما يخبرنا به هو غير الحقيقة. عندما تطالعنا فنانة أو مذيعة شبه عارية على شاشة التلفزيون لتعلن أنها بنت (عيلة ) لتلزمك باحترامها ماذا عسانا نفعل ؟؟ سنضحك ولو كان ما تخبرنا به هو غير الحقيقة سنضحك ونضحك طالما هؤلاء الذين اخذوا عن عاتقنا مهمة التفكير والتقرير، يرتدون ثياب المهرجين. والآن جاء دوري لأخبركم أن النار تشتعل من حولكم ، فماذا عساكم فاعلون ؟ !