يرعى صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان مساء اليوم الخميس حفل افتتاح البرنامج الثقافي والفكري للمهرجان الوطني الخامس والعشرين للتراث والثقافة وذلك بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض بحضور ضيوف المهرجان من الأدباء والمفكرين. وعبر نائب رئيس الحرس الوطني المساعد عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري عن بالغ سروره وتقديره للرعاية الكريمة التي يشملها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد حفظهما الله لأنشطة المهرجان وفعالياته والدعم المستمر من صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني حتى أصبح المهرجان أحد أهم المنابر و الملتقيات الثقافية. عالم واحد.. ثقافات متعددة وأكد أن رعاية صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله لانطلاق فعاليات الأنشطة الثقافية والفكرية للدورة الخامسة والعشرين للمهرجان تؤكد على الاهتمام والرعاية التي تجدها هذه الملتقيات التي تمثل فرصًا عظيمة للحوار وتبادل الآراء في العديد من القضايا والمحاور الهامة. وتتخذ ندوات المهرجان شعار (عالم واحد..ثقافات متعددة) مُرتكزًا في بحث عدد من القضايا المعاصرة، مثل معوقات الحوار والسلام بين الشعوب، والإعلام السياسي في العالم العربي بين الحرية والمسؤولية، والحلول الإسلامية للأزمة الاقتصادية العالمية. كما يتمخض عن السبع عشرة فعالية ثقافية، التي دُعي إليها (400) ضيفًا من داخل المملكة وخارجها، حراكًا ثقافيًا أكثر زخمًا ومستخلصاتٍ بحثية يطرحها مفكرون وأدباء واقتصاديون وإعلاميون وسياسيون للنقاش، اختيروا بناءً على تنوّع رؤاهم وتباين مشاربهم؛ خصوصًا وقد توزعت خريطتهم المذهبية والجغرافية على العالم بما يثري الحوار ويؤطّر جوانبه. وتنطلق أولى فعاليات النشاط الثقافي، عبر نخبة من الكتاب الغربيين، أمثال رئيس وزراء روسيا السابق يفجيني بريميكوف والأميركي توماس فريدمان والمؤرخ البريطاني باتريك سيل، بالإشتراك مع مفكرين ومثقفين من المملكة والدول العربية لقراءة رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار والسلام وقبول الآخر. تكريم ابن إدريس وسيعقب حفل الافتتاح ندوة تتناول سيرة الشخصية السعودية المكرمة هذا العام (الأديب الشيخ عبدالله بن إدريس) في ندوة تتناول سيرته الأدبية وإسهاماته الثقافية الكبيرة، ويجيء هذا التكريم تقديرًا من المهرجان للشخصيات الثقافية السعودية الفاعلة، التي تكرم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في يوم افتتاح المهرجان حيث يمنح المكرم وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى. كما يُحسب لهذه الندوات مراعاتها لأولوية موضوع الندوة وحاجة الجمهور والباحثين إليها، في وقت تكون فيه مواضيعها حديث الساعة أو محل اهتمام الأمة، ففي الجانب السياسي يتم تناول رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للسلام وقبول الآخر، وهي رؤية واثقة تنتهجها المملكة، وتدلّ عليها توجيهات المليك المفدى أيده الله في دعوته التي أكّدت أنّ اختلاف الأديان يمكن استثماره وسيلةً لسعادة البشر، وأنّ التطرف يكون سببًا في تدمير هذا الكوكب وتعاسة البشر؛ كما أنه يمكن أن يجعل منه واحة سلام واطمئنان للتعايش بغض النظر عن الأديان والمذاهب والفلسفات. وتعكس هذه الندوة خطورة الجانب المضاد لقبول الآخر وحواره، وهو جانب التطرّف الذي قال عنه خادم الحرمين الشريفين “..لذلك علينا أن نعلن للعالم أنّ الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي إلى النزاع والصراع، ولنقل إنّ المآسي التي مرّت في تاريخ البشر لم تكن بسبب الأديان، ولكن بسبب التطرف الذي ابتُلي به بعض أتباع كل دينٍ سماوي، وكل عقيدةٍ سياسية”. برامج متنوعة الجدير بالذكر أنه ولأول مرة تقام فعاليات النشاط الثقافي والفكري للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في رحاب الجامعات السعودية بمدينة الرياض والمدن الأخرى، بالإضافة إلى قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق الإنتركونتيننتال، وقاعة مكارم بفندق الرياض ماريوت، ونادي الرياض الأدبي. وتتنوع الندوات والمحاضرات هذا العام ما بين السياسية والإعلامية والاقتصادية والأدبية والفكرية، كما تأتي مشاركة الجامعات في احتضان عدد من النشاطات الثقافية معبرة عن اهتمام أطياف المجتمع البعيدة عن العاصمة الرياض، بمتابعة مثل هذه الندوات الفكرية ومدى ما يمثله مهرجان الجنادرية بالنسبة لهم من مناسبة ثقافية بإبعادها الوطنية والعربية والعالمية. ويلفت في فعاليات مهرجان هذا العام التي تمتد حتى الرابع عشر من ربيع الآخر مشاركة الجامعات السعودية بما يعني مراعاة توزيع مكتسب التنمية الثقافية الذي يخدم منطقة كل جامعة، كما في جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المنطقة الشرقية، وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وجامعة أم القرى بمكة المكرّمة ، والنادي الأدبي بالرياض. ويحاضر في ندوة «الدور السعودي الفرنسي في النظام العالمي الجديد»، وزير خارجية فرنسا السابق هوبير فدرين، كما يشارك الفرنسيون، في ندوة « فرنسا والإسلام: في دراسات المفكرين الفرنسيين المعاصرين»، بأوراق: د.جيل كيبل، ود.برنارد روجرز، ود.ستيفن لاكرويكس ، ويجيء تخصيص هذا المحور استنادًا إلى كون فرنسا ضيف شرف على المهرجان في دورته الحالية، وكان المهرجان قد استضاف في دوراته الماضية كل من روسيا وتركيا كضيوف شرف. ويناقش مفكرون محلّيون وعرب متخصصون «السلفية» مفهومًا، ومراحل، وتحولات، للوقوف على جوانب القضية، في ظلّ التغيرات التي تجتاح المفاهيم السياسية والمذهبية. ويتوقع مثقفون وإعلاميون أن تتمخض هذه الندوة عن كثير من الطروحات الجادّة، التي تثرى الحوار حول القضية حيث تكامل المفكر فيها بالممارس (السلفي)، أو تباينه معه. ويولي النشاط الثقافي في المهرجان عنايةً خاصّة بالأزمة المالية العالمية والاقتصاديات الوطنية، اعترافًا بالتغيرات الاقتصادية الصعبة التي ألقت بظلالها على أسواق المال العالمية واقتصاديات الدول، وتتم في هذه الندوة مناقشة أثر هذا الهبوط المفاجئ في الاقتصاد الغربي (الأميركي تحديدًا)، على الاقتصاديات الوطنية وهو ما يجعل من النشاط الثقافي والفكري متساوقًا مع كل المتغيرات الجديدة باحثًا عن تفسير متخصص لها. وتستمر النشاطات الاقتصادية بمحاضرة لأستاذ الاقتصاد محمد يونس الذي يشرح تجربته في محاربة الفقر، حين أسهم في التخفيف من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها في بلاده بنغلاديش، وتجربته في تقديم القروض للفقراء وقدّم قروضًا لهم مشجعًا البنوك على السير على هذا النهج. ويتحدث، في السياق نفسه، دولة رئيس وزراء روسيا السابق يفجيني بريماكوف متحدثًا عن النظام العالمي الجديد، كما تقام ندوة اقتصادية أخرى، تتناول الحلول الإسلامية للأزمة المالية العالمية. ويلقي مثقفون ومهتمون الضوء على «القدس في ضمير العالم.. الحق.. التاريخ..والسلام»، وهي المدينة التي كانت عام ألفين وتسعة عاصمةً للثقافة العربية، علاوةً على مكانتها الدينية ووقوعها تحت نير الاحتلال. «الإعلام السياسي في العالم العربي: بين الحرية والمسؤولية»، هو المحور الإعلامي الذي يبحثه المفكرون والإعلاميون المتخصصون وتحديدًا في ظلّ التسابق الفضائي بين حدي الحريّة والمسؤولية، ويضع المنتدون الأصابع على ظاهرة الإعلام السياسي متطرقين لمواضيع الشفافية أو الحرية والمتطلبات المصاحبة. كما يُطرح موضوع الإعلام الإلكتروني وقضايا الجيل الجديد في ندوة مستقلّة تناقش هذه الظاهرة التي انتشرت في العالم العربي وتخلّت عن كثير من ضوابطها المرسومة. الرواية السعودية.. مقاربات نقدية. ويشارك مثقفون وأكاديميون في قراءة المشهد الروائي السعودي، في ندوة «الرواية السعودية: قراءة ومقاربات»، وفي هذه الندوة يقرأ مبدعون سعوديون من نصوصهم الروائية على هامش الندوة التي يحضرها أدباء ونقاد من الدول العربية تابعوا مراحل تطوّر الرواية الخليجية بشكلٍ عام والسعودية تحديدًا. ويتضمن النشاط الثقافي للجنادرية 25 ندوةً عن القيم الإنسانية المشتركة لتعايش الشعوب وحوار الثقافات، يحاضر فيها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي بمشاركة مفكرين من دول عربية وإسلامية، ومنهم السنغالي أحمد مختار أمبو، والتركي د. أحمد داود أوغلو. قراءات شعرية كما تُقام أمسية شعرية، يكون فيها المتابعون على موعدٍ مع الشعر الفصيح لشعراء من داخل المملكة وخارجها سعوديين وعرب ينتمون لمدارس شعرية متنوعة؛ خصوصًا وأنّ أمسيات شعبية يقيمها المهرجان، بالتنسيق مع لجنته الشعبية. وعن مسابقة حفظ القرآن الكريم وضمن مسابقة خادم الحرمين الشريفين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية للطلاب والطالبات التي تقام في إطار فعاليات المهرجان الوطني يكرم الفائزون في هذه المسابقة تأكيدًا للدعم والتشجيع الذي تحظى به مسابقات القرآن الكريم التي تقام في المملكة ويلقى الحفاظ والحافظات خلالها تشجيعًا ودفعًا معنويًا وماديًا للتواصل والنشوء المبكر على كتاب الله والسنة النبوية المطهرة. وتعتمد ندوات ومحاضرات النشاط الثقافي هذا العام الشفافيةَ في اختيار المحاضرين، مما يميز طروحات ومداخلات هذه الندوات بالتباين والتعددية، حيث تكشف موضوعات هذه الندوات عن التخصص والتنوع في الوقت ذاته؛ فمن ندوة القيم الإنسانية المشتركة لتعايش الشعوب وحوار الثقافات إلى ندوة معوقات الحوار والسلام بين الشعوب من وجهة نظر إسلامية عربية ووجهة نظر غربية، إلى موضوع قريب جدًا من هذه الندوات هو الإعلام السياسي في العالم العربي الذي يتداخل مع نظيره الأجنبي وقد يلتقي معه أو يباينه أو يكون صورةً طبق الأصل منه. وتنتظم هذه الندوات بخيطٍ جامع لا ينفي تفاصيلها؛ ففي ندوة «السلفية: المفهوم، المراحل، والتحولات» ثمّة ما تحمله أوراق المشاركين من دول عربية وإسلامية وأجنبية، إضافةً لأوراق السعوديين من رصد لمحاور «السلفية»، وتشكّل هذه الندوة فرصةً طيبة للمكاشفة والوقوف على ما ترهص به السلفية أو تستجيب له منذ نشوئها حتى اليوم. ويراعي نشاط المهرجان الثقافي عنصر المواكبة كما في إحدى ندوات النشاط الثقافي التي تقدّم حلولاً إسلامية للأزمة المالية العالمية، في وقت استشرت فيه هذه الأزمة وعانت من صداها جبال اقتصادية عالمية، وفي الندوة يضع مفكرون واقتصاديون أصابعهم على مواطن المشكلة، مقترحين حلولاً إسلامية تفتح شهيّة الباحث والمهتم والجمهور. ضيف الشرف ويتبنى النشاط الثقافي مع الأنشطة الأخرى فكرة الدولة ضيف الشرف؛ من خلال محاضرة: «الدور السعودي الفرنسي في النظام العالمي الجديد»، وندوة «فرنسا والإسلام في دراسات المفكرين الفرنسيين المعاصرين»، وعلاوةً على إشراك المفكرين الفرنسيين في الندوات الأخرى، فإنّ بحث دور المملكة وفرنسا العالمي في النظام العالمي يتيح المجال للوقوف على المبادرات الجادّة المستمرة للسعودية مع الدول الكبرى. ويدلّ العدد المتزايد لضيوف الفعاليات الثقافية والفكرية هذا العام على اعتراف واضح بأنّ المهرجان أصبح في مصاف المهرجانات العالمية في تنوّع ندواته وشمول أهدافه، ويرى إعلاميون أنّ استقطاب أستاذ الاقتصاد البنغالي محمد يونس لينقل تجربته في محاربة الفقر، أمرٌ موفق؛ خصوصًا والرجل حلّ مشكلات كثير من الفقراء، ونجح في تطبيق سياسة ائتمانية منعت انتشار الفقر في بلاده، كما أنّ تخصيص محاضرة لرئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد يتناول فيها رؤيته وتجربته في التنمية الوطنية، تعدّ اختيارًا واعيًا لقيمة المفكرين وأصحاب المبادرات الإنسانية في تنمية المجتمعات. ويستند تنوّع مفردات النشاط الثقافي في السياسة والإعلام والاقتصاد والأدب والفكر، إلى شراكة الجمهور ومنظمي النشاط الثقافي، بتلبية اهتماماته وأمزجته.