قال الضَمِيرُ المُتَكَلِّم: عرفتُ الشيخ صالح المغامسي -حفظه الله- عن قُرب قبل سنوات، حيث كنت أقوم على برنامج إذاعي عنوانه (الإسلام والآخَر)، اتّصلت به كيما يشاركني بحلقة حول معاملة النبي عليه الصلاة والسلام لغير المسلمين، وافَق ورحَّب، وكان الموعد ذات مساء في استوديوهات الإذاعة، ومصادفة هَطَل حِيَْنها مطر غزير، فخفت أن يعتذر، وأن أقَعَ في حرج عدم وجود حلقة بديلة، ولكنه كان وفيًّا في وعده رغم البرد وغزارة المطر، رأيت شابًّا نحيلاً، قسماته تتألق بِشْرًا، وعلى شفتيه ترتسم ابتسامة صافية نقية، كان مختلفًا عن بقية ضيوف البرنامج، (فلا كتب ولا أوراق)، ولكن من ذاكرة علمه انسابت الكلمات والمعارف، تتبعها الأدلة رَقْراقة غَزيرة حتى أتممنا تسجيل ثلاث حلقات. (رفض أن يأخذ مكافأتها)!! لا أبالغ إذا قلت إن الكلمات بكل اللغات تعجز عن وَصف سكينته وتواضعه وزهده في الدنيا، وقدرته على نشر العلم الوسطي بعيدًا عن التصنيفات والدخول في نيات الناس، وتصفية الحسابات، مع هذا المخالف أو ذاك، تلك الأمراض المزمنة التي أصابت كثيرًا من أهل العلم، أو أدعيائه! الشيخ صالح تفرّغ لطلب العلم وتبليغه، مبتعدًا عن الصراعات الفكرية، فهمُّه توصيل رسالته على مختلف الأصعدة، وفي كافة الميادين، فكان حظّه حب الناس له، وتعلّقهم به في بلدان كثيرة! قبل أيام حصل بيننا سجالٌ مقاليٌّ حول (اللجنة الشرعية لتحديد حدود المدينة)، لقيته بعدها فوجدته كما عهدته بشوشًا سمحًا، قلبه ينبض بالحب، ولا يعرف الضغينة والحقد، ويومها غمرني بنصائح كانت تاجًا على رأسي، ومصابيح أنارت طريقي! آخر مشاهداتي له كانت في معرض الرياض للكتاب الأسبوع الماضي، حيث شارك في ندوة حول الحوار، في ختامها ألقى كلمة موجزة جمعت القلوب، وانتزعت الإعجاب، فصفّقت لها الأكف من مختلف الأطياف والنخب الفكرية من مثقفين وكتّاب، وكذا إعلاميين في مقدمتهم الأستاذ جمال خاشقجي! الشيخ صالح المغامسي أنموذج ومدرسة في الإحساس والإخلاص، وجمع الناس، ولا عزاء للناعقين من أهل التصنيف!! (يا شيخ صالح أشهد الله على حبّك). ألقاكم والضمائر متكلّمة.