كان من المتوقع أن تفهم لغة الغزل الذي استخدمها جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي في لقائه مع قادة إسرائيل خلال زيارته لها مؤخرًا على أنها مباركة للخرق الإسرائيلي لشروط ومتطلبات السلام، وعلى الأخص موضوع الاستيطان، فعدم توجيه بايدن إدانة واضحة لقرار الحكومة الإسرائيلية التي اتخذته الاثنين تزامنًا مع الزيارة، قرار بنائها 112 وحدة سكنية في مستوطنة «بيتار عيليت» على طريق بيت لحم - الخليل شجعها على اتخاذ قرار بناء 1600 وحدة سكنية أخرى في اليوم التالي في القدسالشرقية في مستوطنة رامات شلومو. وربما أن البيان المكتوب الذي خطه بايدن بقلمه، وأدان فيه الخطوة الإسرائيلية باتخاذ قرار الاستيطان الجديد عشية بدء المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، والذي اعتبره تقويضًا لعملية السلام يمثل موقفًا أمريكيًّا جيدًا، لكنه يكشف عن تناقض صارخ في مفهوم الإدارة الأمريكية لمعنى الاستيطان في الأراضي المحتلة، عندما يتم التغاضي عن الاستيطان في أحيان، وإدانته في أحيان أخرى، كما حدث في اليومين الماضيين، ذلك أن مفهوم الاستيطان في الأراضي المحتلة كمحاولة لتكريس الأمر الواقع ينبغي أن يكون واحدًا لا يقبل التجزئة، ولا يقر الاستثناء، ويعتبر بكل أشكاله وبكافة المعايير جريمة وانتهاكًا صارخًا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، إلى جانب أن الاستيطان في الحالة الفلسطينية يمثل خرقًا آخر لقرارات الأممالمتحدة المعنية، وخاصة القرارين 242 و338، وانتهاكًا واضحًا للاتفاقيات التي أمكن التوصل إليها بشأن القضية الفلسطينية، بدءًا من مؤتمر مدريد، وفي مقدمتها اتفاقيتا أوسلو، وخارطة الطريق، والتي ووفق عليها جميعًا من قِبل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، والاتحاد الأوروبي بعد أن شكّلت مرجعيات أساسية لعملية السلام، ومنطلقًا لإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، بعاصمتها القدس الشريف. مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأمين العام لجامعة الدول العربية بإجراء اتصالات عاجلة مع أعضاء اللجنة العربية لاتّخاذ الخطوات والمواقف التي تتناسب مع خطورة هذا الإجراء الإسرائيلي الجديد، الذي يتحدّى الإرادة الدولية، يشكّل الرد المناسب على استخفاف حكومة نتنياهو بالجهود الدولية لإحياء عملية السلام؛ لأن المفاوضات في هكذا ظروف مضيعة للوقت، وإقرار بسياسة الأمر الواقع.