في عام 1948م رفض العرب قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية، واتّجهت الجيوش العربية -آنذاك- إلى فلسطين، وجامعة الدول العربية لا تضم سوى سبع دول، والبقية كانت تحت سيطرة المحتل الإنجليزي أو الفرنسي، وجاءت هزيمة عام 1967م بعد عنتريات بعض الزعامات العربية -آنذاك- بأنها ستدمر إسرائيل، ولكن الصياح الإعلامي لا يكسب حربًا، ولا يحرر أرضًا، واجتمعت زعامات العرب في الخرطوم، وكانت لاءات الصمود الثلاث، ومنها لا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات مباشرة، ولم يكن يجرؤ عربي على إطلاق اسم إسرائيل على الجزء المحتل من فلسطين؛ حتى جاءت اتفاقية أوسلو التي اعترفت بالكيان الغاصب، واعترف بعض العرب بدولة إسرائيل على أرض فلسطين، وإن كان هذا الاعتراف مازال مرفوضًا شعبيًّا. إسرائيل بقيت سنين وهي تطالب العرب بالاعتراف فقط، وعندما تشرذم العرب -بعد اتفاقية كامب ديفيد- صارت إسرائيل لا تطالب بالاعتراف الذي نالته من بعض العرب، بل صارت تطالب بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية! ولو طالبت دولة أخرى في العالم بذلك، أو بأن تكون طائفية لاتّهمت بالعنصرية، والتشدد الديني، ولكن إسرائيل تريد بهذا القرار طرد البقية الباقية من أهل فلسطين، ومنع عودة المبعدين منها، وإذا صدر قرار بيهوديتها فإنها ستطبق ذلك قبل غروب شمس اليوم الذي يصدر فيه القرار، وقد أحسن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عندما قال: “إسرائيل تقول لنا كعرب اقبلوا ما نفعل وأرجلكم فوق رقابكم”، ولكن أنّى لها ذلك! فالقوة لن تحقق وحدها الهزيمة. إسرائيل أعلنت الحرم الإبراهيمي، ومسجد بلال بن رباح آثارًا يهودية، وهي تحفر تحت المسجد الأقصى، وحوله من أجل هدمه، وتمنع مَن عمره أقل من خمسين سنة من دخوله، واقتحمت قواتها المسجد الأقصى يوم 14/3/1431ه (28/2/2010م)، زاعمة أن الفلسطينيين رشقوا سيّاحًا بالحجارة، وهم مستوطنون يهود متطرفون، اقتحموا المسجد، وأنّى لسائح أن يدخل بين فريقين متواجهين؟! وتردد في الأخبار أن هذه الجماعات اليهودية المتطرفة أعلنت موعدًا لهدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم مكانه في 16 مارس الحالي، ومَن يرد إسرائيل عمّا تفعل إلاَّ المرابطون من عرب عام 1948م وشباب فلسطين المحاصرين، وطالبات ثانويات فلسطين اللاتي واجهت قوات الاحتلال مسيرتهن بالرصاص، ولتعلم إسرائيل أن المسجد الأقصى ليس المباني، بل هو الأرض (مبانٍ وساحات)، وستبقى مقدسة لو هُدم البناء. هذه الظلمات التي بعضها فوق بعض لا تزرع اليأس، بل الأمل، فقوات الاحتلال التي تملك الأسلحة الفتّاكة لم تستطع مواجهة الحجارة الصغيرة والكبيرة التي كانت سيارات الاحتلال تسير فوقها متأرجحة لليمين والشمال، ومن في السيارة محصن بالزجاج المانع للرصاص، وحجارة قذفتها يد شباب فلسطين لم يرموها هم، ولكن الله رماها ليظهر أن الحق يعلو بقوته لا بقوة السلاح، وأن الجدار العازل، والحصار، وترسانة السلاح، والتأييد الدولي، أو السكوت لن يزيد المحتل إلاّ هزيمة، والمقاوم الفلسطيني إلاّ ضراوة في الصمود، وسبحان مَن بارك حول المسجد الأقصى، وسبحان مَن ثبّت قلوب المرابطين من أهل فلسطين على الحق.