يكمل المهرجان الوطني للتراث والثقافة ، عامه الخامس والعشرين في غرة ربيع الثاني لهذا العام 1431ه ، وقد غرس هذه البذرة الثقافية مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، غرسها في أرض خصبة هي أرض الجنادرية بعاصمتنا الحبيبة ، حتى أضحت الجنادرية حاضرة في أروقة الثقافة العربية والعالمية كواحدة من ملتقيات الفكر والأدب والثقافة ، وكلما مر عام على هذا المهرجان ازداد توهجاً وتوسعاً في منهجيته وأفكاره الثقافية المطروحة ، إنه مشروع خادم الحرمين الشريفين الثقافي والحضاري الذي تبنى دمج قوة العسكرية مع إبداعات العقل ، فالقوة العسكرية تتمثل في هذا الصرح الشامخ الحرس الوطني الذي وضع لبناته الصلبة عبد الله بن عبد العزيز ثم تابع مسيرته وتطويره حتى أصبح بهذا المستوى الرفيع من التسليح والتنظيم والتدريب ، وابداعات العقل التي تسير جنباً إلى جنب مع القوة العسكرية حتى تمنح هذا الجسد القوي فكراً نيراً وثقافة عالية ومستوى مرموقا من العلم المواكب للعمل ، لقد زاوج مولاي خادم الحرمين الشريفين بين مهام الحرس الوطني كمؤسسة عسكرية ومهامه كمؤسسة ثقافية حضارية ، فاجتمعت الحسنيان ، واكتملت المنظومة وتحقق الهدف وانطلقت مسيرة الحرس الوطني إلى التحليق في أفق الإبداع ، لقد أثبت هذا المهرجان الثقافي الذي ينظمه الحرس الوطني سنوياً ، أن التعامل مع الثقافة والمثقفين ليس حكراً على جهة أو مؤسسة واحدة متخصصة ، وإنما هو فن مكتسب وإمكانات بشرية وقدرات عقلية قادرة على أن تبدع وتضيء سماء الجنادرية بمداد القلم الموازي لقوة الصاروخ ودوي المدافع ، قد تكون شهادتي مجروحة في إبداعات رجال الحرس الوطني المنظمين للمهرجان بصفتي واحداً منهم ، ولكن هي شهادة ليست من عندي وإنما هي ردة فعل لما أسمع وأعايش من جميع ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة ، سواء من داخل المملكة أو من خارجها ، فالكل يشيد ويعبر عن انطباعاته الحسنة وآرائه الإيجابية بما يشاهده في هذا المحفل الثقافي الكبير ، ولاشك أن مساحة الحرية التي يمنحها هذا الملتقى للمتحدثين ، ومساحة التعدد الثقافي والفكري وطبيعة الحوار الراقي والآراء المتعددة والمداولات المتبادلة ، في أروقة الندوات الثقافية هو ما ميز هذا المهرجان ، ومنحه وهجاً مضيئاً يعكس ثقافة هذا الوطن وتسامحه ونهجه العادل ، المستمد من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة التي اصطفى بها الله جل وعلى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ووصف أمته بالخيرية على سائر الأمم ، فقال تعالى (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )) هذا فضلاً عما ينظم على هامش الجانب الثقافي من إحياء التراث الوطني المتنوع من خلال استعراض لوحات فنية جميلة من الفلكلورات والعروض الشعبية التي تشمل جميع مساحات الوطن الشاسع ، إن الزائر للجنادرية في الرياض يلحظ في هذا الجانب التراثي والشعبي ، أنه ليس في الرياض فقط ، وإنما هو في حائل وعسير وجازان وجدة والدمام وجميع مناطق المملكة ، فالقرية الشعبية بالجنادرية تعبر عن كل ذلك في تنسيق رائع وتنظيم جميل وعروض ممتعة تسر الناظرين ، ومن خلال هذه الحقبة الثقافية التي امتدت ربع قرن من الزمن برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، وسمو ولي عهده الأمين ، وسمو نائب رئيس الحرس الوطني ورئيس اللجنة العليا للمهرجان الأمير بدر بن عبد العزيز ، فإن صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية ونائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان ، هو القائد المباشر لهذا المحفل الثقافي ورائد التطوير والتحديث والتماهي مع مستجدات العصر بما يتناسب مع طروحات الجنادرية ، وكان الإعلام دائماً يطرح على سمو الأمير متعب بن عبد الله سؤالاً أزلياً هو ، متى سنرى جزءاً من فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة ينعقد خارج مدينة الرياض ؟ وكانت تأتي إجابة الأمير متعب بطبيعة هادئة ودبلوماسية ذكية تتفق مع ما يدور في ذهن سموه من أفكار تطويرية لمستقبل المهرجان ، حتى جاءت الإجابة في وقتها الذي خطط له متعب بن عبد الله لتتحقق هذا العام قبل أن يُطرح السؤال على سمو الأمير متعب ، حيث تم هذا العام 1431ه استحداث وإضافة أنشطة ثقافية ، تقام من خلالها عدد من الندوات والمحاضرات خارج مدينة الرياض في عدد من الجامعات السعودية وتحت مظلة المهرجان ، ومن تلك الندوات ما تم اعتماده لدينا في القطاع الغربي في كل من جامعتي الملك عبد العزيز وأم القرى ، ففي جامعة الملك عبد العزيز سيتم تنظيم ندوة متخصصة بعنوان ( الأزمة المالية العالمية والاقتصاديات الوطنية ) وكذلك تنظيم معرض للصور مصاحب للندوة يستمر لمدة ثلاثة أيام ، بالإضافة إلى إقامة عروض تراثية وفنية في كلية علوم البحار على كورنيش جدة وذلك يوم الأحد 5/4/1431ه ، وفي جامعة أم القرى بالعابدية بمكة المكرمة ستقام ندوة أخرى متخصصة بعنوان ( حلول إسلامية للأزمة الاقتصادية العالمية ) وذلك يوم الاثنين 6/4/1431ه ، وسيشارك في الندوتين عدد من المتخصصين من داخل المملكة ومن خارجها . العميد دكتور جرمان أحمد الشهري - جدة