بكل أريحية وبكل نخوة وشهامة صدعت فرنسا بما يتطلع إليه الفلسطينيون من إنشاء وإعلان دولة فلسطينية مستقلة في مرحلة لم تسبقها إرهاصات توحي بهذا التحول المفاجئ ولا إشارات تومئ إلى الموقف الفرنسي والأوروبي فما السر في هذه اللفتة الحاتمية من فرنسا. مربط الفرس يكمن في إعلان رئيس شرطة دبي عن استخدام قتلة الفلسطيني محمود المبحوح لجوازات سفر أوروبية ولم أشأ ذكر الرقم لأنه في حالة تصاعد وأعلنت شرطة دبي أنها ستعلن عن مزيد من المعلومات تتعلق بالجوازات والدول والشخصيات التي شاركت في الجريمة، كما أنها أعلنت أنها ستطلب رئيس جهاز الموساد ليمثل أمام العدالة في حالة ثبوت ضلوع الموساد في هذه العملية. ويقيناً فإن الموساد ضالع في القضية بل أن أحد النواب الإسرائيليين أعلنها صراحة أمام أجهزة الإعلام العالمية أنه لا يمانع في تقديم جوازه لاستخدامه في أية عملية تفضي إلى قتل المبحوح أو مغنية أو نصر الله طالما أن ذلك يخدم مخططات إسرائيل، ويضحي بعدم السفر خارج إسرائيل. والموقف الفرنسي جاء من الرئيس ساركوزي المنحدر من أب يهودي مجري هاجر إلى فرنسا وما فتئ يردد دعمه وتأييده لإسرائيل بل إن فرنسا صاحبة اليد الطولى في بناء مفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب لمنح إسرائيل كفة الترجيح والتفوق على كافة دول المنطقة ولذلك تنساق كافة دول الغرب خلف الموقف الإسرائيلي المناهض لإيران في الحصول على مفاعل نووي ومطالبتها بإجراء عملية تخصيب اليورانيوم خارج إيران مع أن إيران أعلنت أن المفاعل يهدف إلى الأغراض السلمية. ولعلنا كدول عربية عبرنا عن موقفنا بوضوح في رفض حيازة أية دولة في المنطقة لسلاح نووي بما في ذلك إسرائيل فنحن نخشى من كل دولة تسعى للاستحواذ على هذا السلاح النووي لأنه سيظل مصلتاً على رقابنا وقوة مخيفة تهيمن على قراراتنا وأمننا واستقرارنا. لقد بات يقينا لدى الدول الغربية فداحة الخطأ على المستوى العالمي فكل وسائل الاعلام فضحت الانتهاك الارهابي الاسرائيلي وكل تحرك على ضعفه انما يهدف الى حماية سمعة اسرائيل وليس مراعاة للقيم العالمية التي يجب ان تسود بين الدول فالمانيا لم تشأ ان تستدعي السفير الاسرائيلي وانما استدعت موظفاً في السفارة الاسرائيلية. والاتحاد الاوروبي لم يذكر اسرائيل بالاسم ولم يشجب هذه العملية وانما حصر اقواله في مسألة استخدام جوازات السفر الاوروبية. وهذا ما يؤكد ما ذهب اليه أخي الدكتور عاصم في مقاله ليوم الثلاثاء الماضي 9/3/1431ه في زاويته بهذه الصحيفة رؤية فكرية تحت عنوان (جوازات مزورة أم مصالح مشتركة؟). إن اسرائيل في تصور كافة الهيئات السياسية والاعلامية تعربد بكل صلف وتبجح لانها لم تعد تخشى العقوبة وقد وفرت لها الدول الغربية وعلى رأسها امريكا غطاءً من التبرير والدعم المادي والسياسي فلم تغسل يديها من دماء ألف ونصف من الفلسطينيين الابرياء في حربها على قطاع غزة واستخدام الاجهزة والوسائل المحرمة مثل القنابل الفسفورية والى ما بعد عملية اغتيال المبحوح تسعى الى تدمير المعالم والآثار الاسلامية وضمها الى القائمة اليهودية وقتل من يعترض او يتظاهر. فاسرائيل تشكل سلسلة من التاريخ الارهابي والاغتيالات منذ فندق داوود في فلسطين الى مغنية والمبحوح ولن تتوقف لعدم توفر الرادع من جانبنا كأمة تتعرض للاضطهاد والاغتيال او من جانب الغرب المختلق لذرائع الارهاب لوصم المسلمين بها بينما يغض طرفه او يغط في نوم عميق حينما يكون الارهابي هو الموساد ومن خلفه حكومة اسرائيل. بل ان اسرائيل لم تتورع عن اغتيال عملائها حينما تنكشف ابعاد قضية من القضايا كما حدث في التخلص من الملياردير البريطاني روبرت ماكسويل وهو يهودي مهاجر من تشيكيا واحد اقطاب الاعلام خاصة في ميدان الصحافة حينما القت به الى البحر من يخته في عملية غامضة اسدل عليها الستار سريعاً وتحول بعدها من ملياردير الى مديونير. انني على ثقة بأن حكومة دبي لن تقف عند نقطة كشف الاسماء والجوازات فالمسألة ترتبط باقتصادها وأمنها وسمعتها الدولية كواحة آمنة مستقرة وعلى الاعلام العربي والاسلامي والعالمي ممن ينشدون العدل الوقوف الى جانب دبي لاستحضار القتلة الجناة الى قفص العدالة .