في زيارتها الأخيرة إلى منطقتنا العربية، كانت إيران هي الهدف الرئيس الذي سعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى تحريض دول الجوار العربية عليها؛ بذريعة رعاية إيران للإرهاب، وسعيها لتطوير قدراتها النووية. وشددت الوزيرة الأمريكية على دور العالم في التصدي للإرهاب، خصوصًا إنتاج الأسلحة النووية، وقالت: «إن من المهم تقنين إنتاج الطاقة النووية لتستخدم في الأغراض السلمية». وفي الواقع إن دعوة السيدة كلينتون هي في محلها، فإذا كانت إيران دولة إرهابية، فإن من الواجب الاستجابة للدعوة الأمريكية بإقامة تحالف دولي ضدها، يبدأ من دول الجوار، ويمتد إلى موسكو، وواشنطن، ولندن، وبقية العواصم الأوروبية الأخرى. فإيران الإرهابية المسلّحة بقدرات نووية تشكّل خطرًا جسيمًا ليس فقط على أمن منطقتنا العربية، بل على الأمن العالمي قاطبة. غير أن الوقائع العملية لا تميل نحو الطرح الأمريكي، فمقولة إيران النووية.. وإيران الراعية للإرهاب هي كلها شكوك وادّعاءات تقول بها الولاياتالمتحدة، وبعض حلفائها الغربيين دون أن تقدم لنا واشنطن براهين عملية على تلك التُّهم. والاتّهامات الأمريكيةلإيران لا تختلف -في رأينا- عن تلك الاتّهامات التي ساقتها واشنطن وحلفاؤها ضد النظام العراقي قبل الغزو الأمريكي للعراق. أمّا دولة الإرهاب الحقيقية التي تمارس عملياتها الإرهابية جهارًا نهارًا فهي إسرائيل حليفة واشنطن، وربيبتها في منطقتنا العربية. وإذا كانت حرب إسرائيل في غزة، والإدانة الدولية لها من خلال تقرير غولدستون بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية هي إدانة رسمية دولية واضحة لإسرائيل، فإن التحقيقات التي أجرتها شرطة دبي، وأثبتت تورّط جهاز الموساد الإسرائيلي في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، هي إدانة لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل. فإذا كانت واشنطن جادّة حقًّا في محاربة الإرهاب، فإن الهدفَ واضحٌ وجليٌّ.