كلنا يذكر كيف أسيء استخدام الجوازات السعودية في أحداث 11 سبتمبر 2001 م ، تلك الجوازات الخارقة للعادة و التي لم تستطع حتى نيران أبراج مركز التجارة العالمي الهائلة بنيويورك صبيحة ذلك اليوم أن تلتهمها على الرغم من أنها ظلت مستعرة لساعات و أنه من المفترض أن حرارة حريق وقود الطائرات الذي يشتعل عند درجة 850° مئوية قد أذابت فولاذ الأبراج العملاقة و تسببت في سقوطها ( علماً بأن درجة إنصهار الفولاذ مابين 1400° - 1450° درجة مئوية ) على خلاف علمي جاد في هذه المسألة له إستدلالاته الرصينة يرى القائلون به بأن الانهيار كان بسبب مواد متفجرة تتابعت تفجيراتها بشكل مهندس بدقة متناهية إضافة لاستخدام أطنان من مواد النانو ثيرماييت الحارقة للمعادن و التي سبق لهذه الزاوية تخصيص مقالة عنها ، الكل يذكر كيف أسيء أستخدام الجوازات السعودية كأدلة في إدانة و تجريم العالم العربي و الإسلامي عن بكرة أبيه و وصمه بالإرهاب و تبرير شن الحروب الأمريكية-الأطلسية المستدامة على الإسلام و المسلمين التي لا تزال مستمرة بعد مضي تسع سنوات على الحادثة. و نحن اليوم أمام مشهد متناقض تماماً ذي صلة باستخدام الموساد الإسرائيلي الضالع في أحداث سبتمبر لجوازات أوربية ستة منها بريطانية مسروقة من مواطنين بريطانيين يعيشون في إسرائيل و الخمسة الباقية مزورة لمواطني عدد من الدول الأوربية منها إضافة لبريطانيا إيرلندا و ألمانيا و فرنسا في تنفيذ عملية إرهابية لاغتيال القيادي في حماس السيد محمود المبحوح رحمه الله في قلب عاصمة عربية مسالمة هي دبي الأمر الذي يشكل ليس استخفافاً بسيادة الدول المشار إليها فحسب بل و إختراقا لما يسمى بالقانون الدولي كما يشكل بكل تأكيد ضربة قاسية لمساعي إمارة دبي الجاهدة برسم صورة ذهنية بأنها بمثابة سويسرا الشرق حيث يستطيع الجميع القدوم إليها للسياحة و ملتقى لتبادل الأعمال في بيئة آمنة مطمئنة. و العملية الإرهابية الاستخباراتية الإسرائيلية برمتها تحمل في طياتها الكثير من الغطرسة الصهيونية و الإستعراض و التحدي للمجتمع الدولي عموماً و لدولة الإمارات الشقيقة على وجه الخصوص فالشهيد رحمه الله كما أظهرته أشرطة الفيديو التي عرضتها السلطات الأمنية الإماراتية ، و هي جديرة بكل الاحترام لتمكنها من الكشف عن الجناة في زمن قياسي هو 24 ساعة من وقت وقوع الجريمة ، تظهر أن السيد المبحوح كان في دبي منفرداً و لم تظهر الأشرطة الأمنية لا حرساً خاصاً في معيته و لا سلاحا محمولا للدفاع عن النفس مما يعني أنه كان بالإمكان تنفيذ عملية اغتياله بكل سهولة من قبل فرد أو فردين حتى في مكان عام ثم اللواذ بعدها بالفرار دون الحاجة إلى ذلك العدد الكبير لفريق مكون من 11 عنصراً من عناصر الموساد الإسرائيلي ( ترى لماذا 11 عنصراً ؟! هل هو تذكير بدور الموساد في 11 سبتمبر ) ، و بالتأكيد فقد أنفقت إسرائيل ، أو لنقل ممولتها الولاياتالمتحدةالأمريكية أموالاً طائلة في تنفيذ العملية الإرهابية التي استلزم تنفيذها تشغيل طاقم كبير من المخططين و المنفذين ، و سرقة أو تزوير جوازات سفر أوربية يبدو أنها في الأصل لمواطنين إسرائيليين مزدوجي الجنسية ، و فرق متعاونة بعضها لفلسطينيين أعلنت دبي عن أسمائهم للمراقبة و للحركة و الفندقة و تغير الفندقة ، و أجهزة إتصالات معقدة تعتمد على استخدام الشبكات الأوربية والأسترالية دون أستعمال الشبكة الإماراتية المحلية و لا التلفونات الخاصة للجناة و لا اللاسلكي و سواهما و تعدد عمليات التخفي و تغيير الشخصية المتتابع ، التي باءت جميعها بالفشل من حيث أن السلطات الأمنية بدبي تمكنت مشكورةً من تسجيل تسلسل أحداث الجريمة لحظة بلحظة و كأن المرء يشاهد فلماً أمريكياً يبالغ فيه الجاني في أخذ إحتياطات التخفي و ينسى هويته في موقع الجريمة ، فمن هذا المنطلق لا شك في أن الموساد قد أخفق إخفاقاً ذريعاً رغم كل التقنيات المعقدة التي لجأ لإستخدامها في تنفيذ العملية. لن تتعدى ردود الفعل الأوربية للفعلة الإسرائيلية البشعة بعض الإجراءات الشكلية كمثل استدعاء السفير الإسرائيلي في العواصم المعنية لذر الرماد في العيون على الرغم من التعدي على سيادة تلك الدول الأوربية باستخدام جوازاتها في إرتكاب جرائم على أراضي دول من المفترض أنها مسالمة و صديقة فإسرائيل مدللة الغرب مستثناة من الخضوع للقوانين الدولية و القيم الأعراف السياسية ولديها ترخيص مفتوح لخرق القانون الدولي متى ما شاءت وما أحداث حرب غزة عن الذاكرة ببعيد ، و لإرسال فرق الإغتيال الإجرامية لقتل أعدائها على أراضي أي دولة كانت تتصيدهم أثناء سفرهم أو إقامتهم في أي دولة كانت لإن إسرائيل كمثل أفلام جيمس بوند تحمل ترخيصاً مفتوحاً للقتل في كل زمان و كل مكان و لكل من تعتبره عدواً لها. من المهم أن يشار ها هنا إلى أن كثيراً من المحللين السياسيين العالميين يرون عملية الموساد الإجرامية التي وقعت في دبي ضد القيادي بحماس محمود المبحوح لم تكن إجتهاداً منفرداً لرئيس مركز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد الذي تتعالى الأصوات الإسرائيلية بالمطالبة بإستقالته عقب فضيحة الجوازات الأوربية في خدمة الإرهاب الإسرائيلي ، بل إن إسرائيل كدولة متورطة في الجريمة بعد أن قلبت مشروع تنفيذ العملية من كل جوانبها فالموساد على علاقة متينة جداً مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نيتن ياهو ، و من هنا تفهم تصريحات السلطات الإماراتية بأنها ستصدر مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي حال ثبوت الجريمة بشكل قاطع على الموساد الإسرائيلي. السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه الفضيحة الأمنية العالمية التي تنم عن قبول ضمني للعالم الغربي باالاستهانة بسيادة الدول الغربية و استخدام جوازاتها في الإعانة على ارتكاب الجرائم الإسرائيلية هو أي عالم يمكن أن نتوقع أن البشرية سائرة نحوه ، إن في قبول «المجتمع الدولي» بهذه الحالة المتدنية من التعامل الدولي المسيء إليها وإلى قبول هذه الإستثنائية القبيحة لإسرائيل تمهد لعالم شديد الاضطراب يتسم بالفوضى العارمة تقوم فيه الدول بارسارل فرق الاغتيال المأجورة لقتل أعدائها على أراضٍ كانوا يعيشون و إلى أي وجهة كانوا يسافرون ، و هل الصهيونية و ظهور الفساد في البر و البحر و إهلاك الحرث و النسل و الدمار و الخراب إلا صنوان. نأمل أن تقوم الإمارات العربية المتحدة الشقيقة مدعومة بمجلس التعاون الخليجي و جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي بملاحقة إسرائيل على هذه الجريمة بكل الطرق و الوسائل القانونية المتاحة قبل أن يأتي يوم لا يأمن فيه أي مواطن عربي السفر و التنقل إلى أي دولة في العالم حتى و لو كانت عربية مسلمة شقيقة و صديقة !!!.