لابد للمراقب أن يلاحظ أن اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين -منذ توليه مقاليد الحكم- ينصب أساسًا على تطوير وتفعيل اقتصادها الوطني لخدمة خطط ومشاريع التنمية المستدامة التي تحقق للمملكة تطلعاتها في العبور إلى آفاق المستقبل كدولة تتمتع باقتصاد متين، وتقدم علمي وصناعي وتقني راسخ، يضعها في مصاف الدول المتقدمة. لابد للمراقب أن يلاحظ أيضًا أن المملكة سعت إلى تحقيق هذا الهدف منذ تدشين خططها الخمسية مع بداية السبعينيات الميلادية، عندما سعت إلى توخّي سياسة نفطية معتدلة، تأخذ في الاعتبار مصلحة الدول المصدرة، والدول المستهلكة على حد سواء، وذلك إلى جانب عدم الاعتماد على النفط وحده كمصدر رئيس للدخل. التطور الاقتصادي الكبير الذي وصل ذروته في عهد خادم الحرمين الشريفين عبّر عن نفسه من خلال عدة مظاهر ومؤشرات، يأتي على رأسها انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية في نوفمبر 2005، وتبني العديد من المشاريع الصناعية العملاقة، والمدن الصناعية والاقتصادية في كافة مناطق المملكة، والعمل على توطين التقنية، وتنويع مصادر الدخل، وفتح باب الاستثمار الداخلي والخارجي على مصراعيه، وتشجيع الابتعاث الخارجي بهدف تأهيل أكبر عدد ممكن من الشباب السعودي للمساهمة في صنع المستقبل. لاشك أن ذروة هذا التطور يتجلّى في انضمام المملكة إلى مجموعة العشرين بعد ظهورها ككيان اقتصادي مؤثّر في الاقتصاد العالمي ككل، من خلال السياسة الاقتصادية التي تتبناها في حركة النشاط الاقتصادي العالمي، وهو ما جعل شهر أبريل 2009 الذي شهد انضمام المملكة رسميًّا إلى مجموعة العشرين حدًّا فاصلاً في تاريخ الاقتصاد الحديث، باعتبار اقتصاد المملكة الأقوى والأمتن إقليميًّا، بما دعا نائب وزير الخزانة الأمريكي نيل وولن الذي يشارك في منتدى جدة الاقتصادي إلى الإشادة بهذا الاقتصاد من خلال القول إن المملكة تعمل وبشكل جيد على تنوع الاقتصاد إلى ما هو أبعد من النفط، وتوجد وظائف ذات مهارة عالية للسعوديين يعملون على تحديث النظام التعليمي لدعم وتغذية الاقتصاد الحديث، بما في ذلك تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وهي شهادة عالمية جديدة تؤكد على استمرار مسيرة التقدم والازدهار في هذه البلاد المباركة.