منتدى جدة الاقتصادي اسم حظي طيلة السنوات العشر الماضية على اهتمام بالغ ليس من الاقتصاديين ورجال وسيدات الأعمال فقط بل يعتبره الكثيرون منهم انه " تظاهرة " اقتصادية وسياحية لمحافظة جدة، وذلك من خلال استضافتها لعدد كبير من الشخصيات الهامة والبارزة على مستوى العالم والخبرات العالمية الذي شاركوا في فعاليات المنتدى برؤى وأفكار عكست حقيقة أن العالم أصبح قرية كونية في منظومة اقتصادية تحركها مصالح مشتركة. واضحى منتدى جدة الاقتصادي"JEF" الأشهر والأبرز على مستوى الشرق الاوسط خلال السنوات العشر الماضية والأكثر إثارة واستشرافاً للمستقبل وتحدياً للطروحات الجرئية التي يضعها هذا المنتدى امام المتحدثين والمشاركين واصبح بالتالي النافذة المشرقة التي أطلت من خلالها عروس البحر الاحمر جدة على العالم خلال السنوات العشر الماضية واجتذبت اهتمامات وسائل الاعلام والاهتمامات العالمية بفضل هذا المنتدى الطامح. (نمو ثابت في اقتصاد عالمي) ليس فقط هو عنوان لمنتدى جدة الاقتصادي في بداية انطلاقته في العام 2000م بل كانت النواة لعدة منتديات سنوية تنمو وتحاكى الهاجس الاقتصادي الحاضر والمستقبلي وتزيد من درجة ودقة التوقعات في هذا الشأن لتعطي الشركات والمهتمين والمتخصصين عصارة الخبرات العالمية بوعاء محلي قابل للتطبيق والاستفادة، لقد توقع رواد الاقتصاد السعودي أن يكون المنتدى نقطة تحول لمحافظة جدة وذلك لاستضافتها لعدد كبير وهام من الشخصيات الاقتصادية والسياسية والخبراء العالميين من داخل وخارج المملكة وذلك خلال انعقاده لأول مرة في يناير من عام 2000م، ورعاه آنذاك أمير منطقة مكة صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز "رحمه الله"، وبالتعاون مع شركاء استراتيجيون تمثل في كلية لندن للاعمال وجامعة هارفارد الامريكية، اللتين امدتا المنتدى بالشخصيات الاقتصادية وخبراء المال والأعمال ليشاركوا في انطلاقته الأولى بقوة حتى وصلت أصداءه في تلك الفترة إلى ابعد مما كان متوقعاً. وفي الوقت الذي قاد انطلاقة هذا المنتدى ورتب فكرته وتنفيذه ورأس أعماله عمرو عبدالله الدباغ، الذي حرص على تميز هذا المنتدى باختيار شخصيات سياسية واقتصادية ذات مكانة عالمية ومرموقة امثال الرئيس الامريكي الاسبق جورج دبليو بوش "الأب"، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجور، ومن اجل ادارة واستمرارية هذا المنتدى قامت غرفة تجارة وصناعة جدة بتأسيس مجلس جدة للتسويق الذي رأسه ايضا عمرو الدباغ (الذي كان يتقلد منصب عضو مجلس ادارة الغرفة انذاك). وتناولت الدورة الأولى للمنتدى الشأن الاقتصادي العالمي ومستقبله في السنوات المقبلة وذلك في اعقاب التطورات السياسية والاقتصادية في العالم. وبدأ المتحدثون يتطرقون لمواضيع رئيسة كان أبرزها التعامل مع مستقبل الطاقة وآلية جذب الاستثمارات العالمية الناجحة للبلدان. واجبر المشاركون الى تناول الأزمات المالية في آسيا والتي تزامن انعقاد المنتدى الأول مع بدء نشوئها في دول النمور الآسيوية في تلك الفترة وقدم المنتدى شرحاً مفصلا لماهيتها وآلية التصدي لها والتوقعات المستقبلية حولها. وشهد المنتدى الأول حضورا نسائيا محدودا جدا واقتصر على النخب من الأكاديميات وسيدات الأعمال. وانتهى بنجاح منقطع النظير مما شجع القائمين عليه الى تكرار التجربة والتحضير له مباشرة بعد انتهاء النسخة الأولى من المنتدى. وفي العام 2001م وبعد تبلور رؤية المنتدى بشكل واضح اختير عنوان « تنمية موارد الثروة في الاقتصاد القائم على العلم والمعرفة » . وقام مجلس جدة للتسويق، بالتنظيم والتنسيق الكامل للفعاليات. وفي دورته الثالثة عام 2002 م اعطي المنتدى الاقتصادي أهمية بالغة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م ولمواكبة الحدث اختار القائمون على المنتدى أن يكون عنوان المنتدى مناسبا لمجريات الأحداث العالمية فتمحور وانطلق بشعار وعنوان ( الإدارة في بيئة عالمية معقدة)، وكان الرئيس الأسبق بيل كلينتون، للولايات المتحدةالأمريكية أهم المشاركين والذي ألقى خطابا صنف بالتاريخي شرح فيه متداعيات الأحداث وماهية التأثيرات التي سوف يواجهها العالم اجمع كما كان للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، حضور مميز تطرق أيضا فيها لتداعيات الأحداث والاثار السلبية على نمو الاقتصاد وشارك سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين بورقة عمل أضافت بعداً آخر للمنتدى، ومن جهة أخرى كانت الشراكة الإستراتيجية مع الشريك الأكاديمي في تلك الفترة من نصيب جامعة سلون للعلوم الإدارية وكان ابرز الموضوعات المطروحة في منتدى جدة الاقتصادي الثالث هي التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي، وكيفية إيجاد مناخ آمن للاستثمار العالمي، أيضا زادت أعداد الحاضرات من سيدات الأعمال والمجتمع وطالبات الجامعات وكليات الاقتصاد والأعمال في المنطقة بالإضافة إلى انضمام وفود نسائية أجنبية من مختلف دول العالم والتخصصات الاقتصادية والإدارية. بعد ذلك انطلق المنتدى الاقتصادي الرابع في عام 2003م ، حاملا عنوان ( المنافسة العالمية - التفكير بمنظور عالمي والتطبيق بمنظور محلي) برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله أمير منطقة مكةالمكرمة وكنقطة تحول لمشاركة المرأة شاركت الأميرة سارة العنقري في افتتاح فعاليات يوم النساء والذي خصص ضمن المنتدى. بحضور شخصيات نسائية بارزة كان من أبرزهم النائبة اللبنانية بهية الحريري، وكان للتواجد الروسي ممثلا في حضور السيد كيفيجيني بريماكوف رئيس وزراء روسيا، انذاك بعدا اقتصاديا خاصا بعد سقوط النظام الشيوعي وانفتاح دولة روسيا على الاقتصاد العالمي إلى جانب مشاركات أخرى مهمة كمشاركة علي أبو الراغب رئيس الوزراء الأردني، والبارونة سيمون أوف، وزيرة التجارة و الاستثمار الدولي في بريطانيا، والشيخ حمد آل خليفة محافظ هيئة نقد البحرين. وحظى المنتدى في دورته الرابعة بشريك استراتيجي أكاديمي مميز ممثلا في كلية هارفارد للأعمال والتي اعتبرت انجازا للمنتدى أن يستطيع أن يحظى بشريك على مستوى أهمية هارفارد وهذا عكس مدى الحيز العالمي الذي بدأ يتخذه المنتدى من أهمية. وبنجاح متوالٍ انعقد منتدى جدة الاقتصادي في دورته الخامسة في عام 2004م ليثبت أن المنتدى الذي بدأ بفكرة بسيطة استطاع أن يحقق نجاحا وحيزا بين التظاهرات الاقتصادية العالمية مما اكسب مدينة جدة أهمية اقتصادية وسياحية وحمل عنوان تلك السنة: (تحقيق نمو اقتصادي متسارع) في ظل وجود شريك استراتيجي أكاديمي مختلف عن السابق وهو كلية لندن للأعمال مما عكس التنوع الذي رغب المنتدى في جعله سمة له تحقق التميز والاختلاف لكل سنة يقام فيها لإبعاد المنتدى عن الرتابة والتكرار. وكانت لمشاركة الملكة رانيا العبدالله ملكة الأردن، والأميرة فكتوريا ولية عهد السويد، والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، والذي يشارك في منتدى جدة الاقتصادي للمرة الثانية، ورئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، اللذين منحا المنتدى إثراء كبيرا خاصة وان هذا المنتدى صنف من أقوى المنتديات في قوة طرح الأفكار ومناقشة مختلف التحديات التي تواجه التنمية الاقتصادية في الوطن العربي، أيضا كان لحضور السيد رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، ورئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري (رحمه الله)، والرئيس نور سلطان رئيس كازاخستان، والدكتور صباحي بانيتشياكري المدير العام لمنظمة التجارة العالمية. اهمية كبرى في اثراء هذا المنتدى في تلك الدورة الساخنة. اما الدورة السادسة لمنتدى جدة الاقتصادي والتي عقدت في عام 2005م فقد شهدت تغيرا داخليا هاما وهو تخلي عمرو الدباغ عن رئاسة المنتدى بعد ان عين محافظاً لهيئة الاستثمار ليصبح عمرو عناني الرئيس الجديد، وكان عنوان المنتدى هو ( بناء الطاقات .... تطوير الأفراد لتحقيق نمو مستدام )، وشارك فيه السيد عبدالله بدوي رئيس وزراء ماليزيا، والسيد شوكت عزيز رئيس وزراء باكستان وفاتسلاف كلاوس رئيس جمهورية التشيك ومادلين اولبرايت وزيرة خارجية أمريكا سابقاً. والرئيس الأفغاني حامد كرزاي والسيجان أوبا سانجو رئيس دولة نيجيريا أيضا أصبحت مشاركة المرأة أكثر نضجا من خلال المداخلات القوية التي شاركت بها الحاضرات في هذا المنتدى. وبقوة استمر المنتدى في الانعقاد لتحمل دورته السابعة والتي كانت في عام 2006م تحت عنوان (من أجل آفاق جديدة للنمو الاقتصادي،احترام الهوية الفردية وتعزيز القيم المشتركة) بحضور فاق التوقعات فقد كسر عدد الحاضرون حاجز 2500 مشارك ، وعرض المنتدى من خلال السيد أنور إبراهيم نائب رئيس وزراء ماليزيا، وماري ماكاليس رئيس جمهورية ايرلندا، وغيرهارد شرودر المستشار السابق لجمهورية ألمانيا وبرازافيل دينس رئيس الكونغو ورئيس الاتحاد الأفريقي ونائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور. تجارب الدول المتقدمة في النمو الاقتصادي متطرقين لجزئية احترام الهوية الفردية للشعوب مما عكس اهمية هذه الدورة والتي جاءت متزامنة بعد إعلان المملكة انضمامها رسميا لمنظمة التجارة العالمية مما تجعل المملكة في هذا الصدد بالدخول في مرحلة انتقالية تنعكس على الاقتصاد المحلي. وبعنوان إصلاحي اقتصادي هو (أرض واعدة وآفاق ممتدة). انطلق منتدى جدة الاقتصادي في دورته الثامنة لعام 2007م مشكلة التضخم الذي تشهده المملكة ودول الخليج محوراً اساسياً في مناقشاته، وكان ابرز المتحدثين في المنتدى الثامن هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ، الملكة رانيا، للمرة الثانية ، ورئيس الوزراء الكندي السابق جان كريتيان ، والرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا ، القائد السابق لحلف الناتو ويسلي كلارك ، المفوض الأوروبي بيتر ماندلسون ، نائب رئيس شركة شيفرون بيتر روبرتسون ، وزير التجارة والصناعة الدكتور هاشم يماني والسفير السعودي السابق لدى الولاياتالمتحدة ، الأمير تركي الفيصل. وفي هذه السنة أعلنت انطلاقة جائزة منتدى جدة الاقتصادي للتميز الإعلامي والتى صممت لاختيار أفضل تغطية صحافية وضعت لها قيمة نقدية بلغت مائة ألف ريال، وفازت بها في السنة الأولى صحيفة المدينة. وبرعاية كريمة رعى صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بعد توليه إمارة منطقة مكةالمكرمة انطلاقة المنتدى في دورته التاسعة لعام 2008 بعنوان (إنماء الثروة عبر الشراكات والتحالفات) والذي عقد في مركز جدة الدولي للمعارض والمؤتمرات. وكان هذا المنتدى هو الأول الذي يخرج عن إطار إقامته المعتادة والتي كانت في فندق هيليتون جدة .. ولعل ابرز المشاركين في هذه الدورة كانت وزيرة الاقتصاد الإماراتية الشيخة لبنى القاسمى ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والبروفيسور محمد يونس مؤسس ومدير بنك الفقراء في بنجلاديش ونائب وزير الخارجية الايراني علي رزق عطار أيضا استضاف المنتدى الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد عام 2007 الأمريكي أريك ماكسيان. إلى جانب مشاركة صاحب السمو الملكي الأمير تركى الفيصل وكذلك مستشار الرئيس الروسي أسلاك موتوف ووزير العمل السعودي الدكتور غازي القصيبي كما شهد المنتدى مشاركة مميزة من شخصيات اقتصادية واجتماعية عالمية منهم وزير التجارة السعودي الدكتور هاشم يماني والدكتور وألن غرينسيان الذي يعد المرجع الرئيسي في السياسة الاقتصادية لأمريكا. ووصفت ميزانية 2008 بأنها أعلى ميزانية للمنتدى. وفي الوقت الذي استعدت الأوساط الاقتصادية والسياحية والاجتماعية في جدة لاستقبال ضيوفها بشكل اعتيادي ككل سنة وعندما حان الموعد المرتقب لانعقاد الدورة العاشرة لمنتدى جدة الاقتصادي 2009م بدأت بوادر التعثر قبيل ايام من موعده المحدد حتى أعلن تأجيله بسبب عدم حصوله على التراخيص اللازمة، وحينها ربط البعض هذا التوقف القسري بعلاقته مع تعرض العالم للأزمة الاقتصادية الشهيرة، مما اثار جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية ليعلن بعدها مجلس إدارة غرفة جدة، تأجيل المنتدى بشكل رسمي في دورته العاشرة إلى اجل غير مسمى. موضحين أن التأجيل جاء بسبب تأخر إصدار تصاريح المنتدى من الجهات الرسمية ونفت غرفة جدة في تلك الفترة أن يكون التأجيل بسبب ما تداول من إشاعات حول أن المنتدى لم يحظَ بوجود رعاة لانعقاده في دورته العاشره بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية مما أدى الى تأجيله. موضحين أن الرعاة التزموا بتسديد 20 مليونا و234 ألف ريال، لكن التراخيص هي السبب الوحيد والرئيسي وراء هذا التأجيل. وفي هذا العام 2010م يعاود منتدى جدة الاقتصادي انعقاده في ظل تفاؤل من قبل الأوساط الاقتصادية بمستوى طرحه للموضوعات الاقتصادية لهذه السنة خاصة وانه يعاود الانطلاق بعد تولي رجل الاعمال الشيخ صالح كامل دفة ادارة غرفة جدة للتجارة والصناعة من خلال توليه منصب رئيس مجلس إدارتها ..