اليهودية والنصرانية والإسلام ديانات ثلاث سماوية لها أنبياؤها ورسلها كلها جاءت بالحق، جميعها جاءت بعقيدة واحدة هي عبادة إله واحد هو الله جلا جلاله، غير أن شرائعها مختلفة. ولما كان الإسلام هو خاتم هذه الديانات ومحمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، جاءت شريعة الإسلام كاملة وعامة وشاملة وصالحة لكل زمان ومكان لا يسع أحد الخروج عنها. والتاريخ الإسلامي عبر قرونه الحافلة بالجهاد والتضحية لم يخل من نشوء فرق ضالة وضع بذرتها عبدالله بن سبأ رأس النفاق، وتبع هذه الفرق ظهور مذاهب فكرية أصبحت امتداداً فكرياً لها حيناً وبفعل فاعل حيناً آخر، وهذه الفرق والمذاهب الفكرية غير خافية وليس المجال مجال ذكرها، بقدر ما يهم ذكره من بيان القاسم المشترك بينها جميعا بمختلف مسمياتها وأساليبها، إن ما يعج به عصرنا الحاضر من فرق ومذاهب وتيارات فكرية هي في الواقع وجه آخر لما سبقها من فرق، تتلون كالحرباء تلبس في كل زمان لبوساً ظاهرها فيه الشفقة وباطنها فيه التربص، القاسم المشترك بينها، ذلك الانحراف العقدي والأخلاقي. هناك من أتباع هذه الفرق الضالة من يدعي نصرة الدين والدفاع عن قضايا الأمة وهو في حقيقته يعمل ضده ويسعى للطعن فيه والتشكيك في مسلماته وثوابته وحملته مصابيح الدجى. هذه الفرق والمذاهب الهدامة جعلت في أولويات أجندتها هدم ثوابت الدين والقيم والأخلاق بعضها يرفع شعارات براقة كالعدل والمساواة والإخاء مدعية بذلك السلام والقيام بحقوق العامة وهي في حقيقة الأمر ذات أهداف غير خافية تحارب فيها الدين والقيم والفضائل. في الآونة الأخيرة نلاحظ من يطل علينا بكتاباته يدعو بدعوى هذه الفرق والمذاهب ولكن بثوب عصري متلون، ويدندن حول مسائل هي من صميم عادات وتقاليد هذا البلد المحافظ لا تصادم الشرع المطهر، بل هي في نظري من عوامل التحلي بالأخلاق والمحافظة على نسيج المجتمع المحافظ، وكأني بهؤلاء لا يريدون لهذا المجتمع أن يستمر بهذا النهج القويم الذي تدعمه قيادتنا الرشيدة، لا تخلو صحفنا من طرق الأبواب لإثارة قضايا عدة، كالاختلاط الذي توسع هؤلاء في فهمه غير المنضبط مما جعلهم يعيشون إشكالية غير متوازنة، وكقيادة المرأة للسيارة الذي استمات البعض من أجلها وكأنها أم القضايا وهي القضية التي حسم أمرها من ولاة الأمر عندما أسندوا أمرها للمجتمع ورغبته، هؤلاء الحفنة من الكتاب الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على المجتمع بكافة أطيافه وشرائحه، انظروا إلى هجومهم غير المتزن على جهاز الحسبة ومطالبة البعض بإلغائه ليمارس حريته الشخصية كما يدعي، وانظروا إلى هجومهم على مدارس وحلقات تحفيظ القرآن الكريم ومطالبة البعض بإلغائها، وانظروا إلى البعض ممن استمات في سبيل مطالبته بإلغاء المراكز والنوادي الصيفية التي تحفظ الشباب من الهيمان في الشوارع والمقاهي. كل ما ذكر مؤشر خطير لما يتوق إليه هؤلاء الكتاب وأضرابهم، ألم يدر في خلدهم أن هذه البلاد تحت قيادة حكيمة سندها بعد الله علماء هذه البلاد الربانيون وأهل الغيرة، هؤلاء جميعاً هم أهل الحل والعقد الذين ولله الحمد قادوا سفينة المجتمع إلى بر الأمان، رغم وجود القناصة والقراصنة المتربصين، وهم الذين بحول الله وقدرته القادرون بالوقوف في وجه هؤلاء القراصنة الذين هم في الحقيقة الوجه الآخر للفرق الضالة وأهل الأهواء وأصحاب الأفكار المنحرفة، فماذا يريدون؟ حفظ الباري هذا المجتمع بقيادته الحكيمة وعلمائه الربانيين وشعبه الوفي.