ماذا يعني العدوان الإسرائيلي الذي تم بالتزامن مؤخرًا على غزة والضفة والقدس؟ يعني ذلك ببساطة أن هذا العدوان يحمل رسالة واضحة بأن إسرائيل لا تفرق بين قطاع غزة والضفة الغربية في خططها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، أو بمعنى آخر ليس لديها فرق في مواقفها العدائية بين السلطة وحماس، ويعني أيضًا أنها تسابق الزمن في وضع اللمسات الأخيرة على مخططها المبرمج لتهويد القدس، والاستيلاء على الحرم القدسي الشريف. هذا العدوان الثلاثي شمل أمس الإغارة على القطاع، وتدمير مبنى مطار غزة، ومداهمة مدينة جنين أول أمس، وتنفيذ عملية إنزال جوي فيها، ومحاولة إزالة مخيم شعفاط القريب من القدس التي تجري منذ بضعة أيام بهدف تسهيل تواصل مستوطنتي كريات زئيف من شمال القدس، ومستوطنة التلة الفرنسية في جنوبها، ضمن محاولات إسرائيل لتهويد كافة المناطق المحيطة بالحرم القدسي، إيذانًا بتهويد الحرم القدسي نفسه. يبدو أن هذه الأشكال الثلاثة من العدوان التي تستهدف المدنيين، وسرقة الأرض، وتهويد المقدسات والتي تتم في إطار احتلال مزمن، وحصار ظالم، ونظام عنصري بغيض، لا تثير بأي قدر المنظمات الدولية والإنسانية التي لم تعد تعير انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة أدنى انتباه، وهو الملاحظ في موقف الأممالمتحدة التي لم تتخذ حتى الآن أي قرار ملزم، أو عقابي ضد إسرائيل بالرغم من رفض تل أبيب لعشرات القرارات الصادرة عن مجالسها، وهيئاتها المتعددة على مدى ما يربو على ستة عقود، ظلت إسرائيل خلالها تضرب بتلك القرارات عرض الحائط. ما يدعو إلى المزيد من الأسف، أن تنصرف منظمة هيومان رايتس ووتش عن متابعة مشهد الاحتلال، والعدوان، والحصار، والقتل، والتشريد، والاعتقال، وسرقة التاريخ والتراث في فلسطين الذي يشاهده العالم صبحًا ومساءً إلى أمور ثانوية تحدث في مناطق أخرى في العالم، ولا يمكن مقارنتها في بعدها الكارثي والمأساوي بما يدور في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. الشعب الفلسطيني أصبح في أمسّ الحاجة في مواجهة هذا التصعيد الإسرائيلي إلى الوحدة والتضامن، فيما يتعيّن على القادة الفلسطينيين إدراك الحقيقة بأن تعطيل المصالحة يعني ببساطة منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستمرار العدوان، والاحتلال، وتهويد القدس.