يشكل العمل التطوعي رافداً من روافد الأعمال الخيرية التي يقوم بها العديد من أفراد المجتمع، حيث ظهرت في الآونة الأخيرة وخصوصاً في أحداث سيول جدة العديد من المتطوعين والمتطوعات، مشمرين عن أيديهم بالوقوف بجانب الجهات الحكومية والأهلية لمساعدة المتضررين من السيول. وفي المدينةالمنورة تظهر بين الفنية والأخرى مجموعات تطوعية تضم بين جنباتها أفرادا من مختلف الأعمار يعشقون هذه الأعمال التطوعية مضحين بأوقاتهم وأعمالهم، راجين من الله الأجر والمثوبة لكن سرعان ماتختفي هذه المجموعات وقليل منها من يصمد، ويرجع ذلك بسبب عدم تبني جهات رسمية لهذه المجموعات لتنظم لهم أعمالهم وتقدم الدعم والتشجيع وتخصص الدورات والبرامج التدريبية على الأعمال التي سيكلفون بها، وكذلك حماية هذه الأعمال التطوعية من الدخلاء الذين يبيتون الشر للمجتمع ويتسترون خلف الأعمال التطوعية. "المدينة" ألقت الضوء على العمل التطوعي واستمعت لآراء عدد من الأشخاص الذين لهم علاقة بهذه الأعمال: في البداية تحدث محمد يوسف طه (طالب جامعي) مبتعث بأستراليا، وقال “إن الذي دفعني للعمل التطوعي هو أن الشخص لابد أن يشغل نفسه بشيء يعود عليه بالفائدة، وفي نفس الوقت يجد فيه الأجر لمساعدة الناس، وفي نهاية اليوم يشعر أنه أنجز شيئا جميلا، وأضاف: شاركت مؤخراً في حملة "تكاتف طيبة" التي قمنا بها مؤخراً لمساعدة أهل جدة بعد السيول التي داهمتهم. مشيراً بقوله أحببت العمل التطوعي من والدي لأنه كان في السابق قائدا في كشافة المدينة يقدم الخدمات للحجاج والزوار مع زملائه الكشفيين لذلك أعجبت بهذه الأعمال وأحببت أن أصبح مثله وتعلمت منه الكثير. وذهب محمد بقوله إن تطوير العمل التطوعي في المدينة لابد له من نقطة هامة وهي إنشاء جمعية أو إدارة توحد جميع الأعمال التطوعية تتبع لها العديد من اللجان حتى يكون العمل التطوعي ذا فائدة ولا تضيع المجهودات الكبيرة التي نقوم بها في أعمال عشوائية ويوقف تدخل المحسوبين على هذه الأعمال، وأضاف كذلك لابد من نشر ثقافة العمل التطوعي وحث المجتمع على المشاركة في هذه الأعمال التطوعية من خلال بث الرسائل التوعوية في وسائل الإعلام المرئي والمقروء وإكساب طلاب المدارس حب العمل التطوعي من خلال حصص النشاط حتى نكون مجتمعا مترابطا، وقال نجد بعض العقبات في العمل التطوعي والسبب عدم وجود إدارة نرجع لها في أي أمر وشباب طيبة لديهم طاقات كبيرة يحتاجون فقط للتوجيه حتى لاتضيع أعمالهم التطوعية الخيرية بشكل عشوائي. وقالت لينا أبو عزة (طالبة جامعية) وهي رئيسة مجموعة شباب المستقبل التطوعية في المدينةالمنورة، قررت أن أبدا بنفسي واخترت العمل في الأعمال التطوعية لما أسمعه اليوم من الكثير في عدم ثقتهم بالشباب والبنات على المشاركة في خدمة المجتمع وتقديم الأعمال التي تكسبنا الأجر والمثوبة، وأضافت أن دوافع العمل التطوعي كثيرة أهمها الواجب الديني الذي ينبع من إحساس الإنسان المسلم بالواجب تجاه مجتمعه في أشكاله المتعددة، وأشارت أن التطوع كعمل خيري هو وسيلة تتيح للإنسان التعرف عن كثب على مجتمعه وتلمس قضاياه. وعبرت أبو عزة عن أمنيتها في القريب أن ترى نظاما شاملا للتطوع في المملكة العربية السعودية وأن يكون هناك تحديد رسمي للمقصود بالعمل التطوعي والمتطوع، مشيراً أن أبناء طيبة الطيبة سوف يقومون بتسجيل تاريخ العمل التطوعي في المدينةالمنورة، لأنها منبع الخير للأمة الإسلامية على وجه الكرة الأرضية، وتكون كنبراس يقتدى به في الأعمال التطوعية. وقالت رئيسة مجموعة شباب المستقبل التطوعية “بدأت أعمالنا بالجمعية من 7 شهور فقط حيث قمنا بأعمال كثيرة منها توزيع 1000 وجبة لإفطار صائم مجانية على الفقراء والأيتام في المدينةالمنورة يوميا طوال شهر رمضان المبارك، وشاركنا كذلك الاحتفال بعيد الفطر المبارك واليوم الوطني ورسم الابتسامة على وجه أكثر من 150 طفلا مريضا واحتفلنا معهم بمستشفى النساء والولادة بالمدينةالمنورة، واشتملت على تقديم 100 باقة ورد وتقديم العيدية للأطفال المرضى المنومين في جميع أقسام المستشفى، وأيضاً قمنا بأول رحلة ترفيهية لأطفال التوحد على مستوى المنطقة، كانت لمدينة الألعاب في مجمع النور ونفذنا برنامجا جماهيريا كبيرا، بعنوان (لا عنف) الأول بمركز الراشد ميغا مول بموافقة إمارة منطقة المدينةالمنورة بتاريخ 25/10/1430هجري ورقم 1206610/2 وذلك يومي الأربعاء والخميس الموافق 23-24/11/1430ه وبرنامج جابر عثرات الكرام حملة متطوعي أبناء المدينةالمنورة لدعم أهالي جدة وقريباً سوف ننفذ مهرجان دعم الرضاعة الطبيعة الأول في المدينةالمنورة. وأكد المواطن أكرم الشريف أحد المعلمين المثاليين بمنطقة المدينة، أن العمل التطوعي لازال في نظر المجتمع بألف خير، ومازال الناس يقدرون ويثقون بقطاع التطوع بشكل عام، مشيراً إلى أن الحاجة في السنوات الأخيرة أصبحت ماسة لأن يكون العمل التطوعي، مقنناً وتحت رقابة مأمونة، وذلك يحفظ العمل التطوعي من الدخلاء الذين يستغلونه استغلالا سيئا، وأضاف أن دولتنا حفظها الله تدعم قطاع التطوع وأهله دعما منقطع النظير على مستوى العالم، فقادتنا حفظهم الله هم الرعاة الأوائل للتطوع وأهله فهاهي دولتنا الرشيدة ترصد الجوائز العديدة لمن يخدم المجتمع ثقافيا واجتماعيا أدام الله علينا الأمن والأمان في ظل قادتنا داعمي التطوع ورعاته. واعتبر الدكتور سعد معلا مدير مؤسسة عالم الموهبة بالمدينة ومشرف رعاية الأطفال الموهوبين بالمنطقة، أن عدم وجود جهة أو جمعية متخصصة رسمية للعمل التطوعي من العقبات التي تواجه العمل التطوعي، وقال وجود هذه الجهات تضع آليات العمل وتخدم المتطوعين من حيث التدريب والتأهيل وإيجاد قاعدة بيانات بالمستفيدين، وأضاف كذلك غياب دور المؤسسات التعليمية والتربوية في تنشئة جيل ذي ثقافة ودراية بماهية العمل التطوعي وخدمة المجتمع وجهل البعض بالعمل التطوعي واعتقادهم أيضاً أن التطوع مضيعة للوقت والجهد وغير مطلوب وعدم وجود لوائح وتنظيمات واضحة تنظم العمل التطوعي وتحميه.ويرى معلا أن تجاوز هذه العقبات يكون بوجود جمعية رسمية للعمل التطوعي ويخطط لها على أسس علمية وتخصيص دورات وبرامج تدريبية للمتطوعين على الأعمال التي سيكلفون بها حتى يمكن أن يؤدوها بالطريقة التي تريدها الجمعية ويوكل بكل متطوع العمل الذي يتناسب إمكاناته وقدراته، كأن يتم تخصيص له ساعة في الشهر لمزاولة التطوع وفي المجال الذي يرغبه، وتكريم المتطوعين كل عام ويكون التكريم هذا من أولويات الجمعية.