بعض القوم يحفظون كتاب الله ولا يتدبّرون المعاني أو أسباب النزول بيد أن الأمر يتطلّب معرفة ربط الأسباب بالمسبّبات والأحكام بالحوارات والحوادث بالأشخاص والأزمنة والأمكنة وكل ذلك يصبّ في تحقيق الفائدة والفهم والإدراك. وفي السياسة الشرعية هناك دروس وعبر يستخدمها الحاكم مستهدفاً خدمة البلاد والعباد والنفع العام مستنداً في ذلك على شرع الله، منهج هذه البلاد ودستورها. وإذا كانت بعض الأمم والشعوب تحتفل باليوم الوطني أو عيد الاستقلال أو ما إلى ذلك من الأعياد والمناسبات فإن يوم الثامن عشر من شهر صفر 1430ه هو واحد من الأيام المجيدة في تأريخ هذا الوطن لأنه يوم تحوّل تأريخي مفصليّ ليس بسبب التعديل الوزاري الذي صاحب القرارات لأن هذا الأمر اعتيادي للغاية ونشهده دوماً في المشهد السياسي لأي دولة، ولكن الجوهر الفعلي أن القيادة الواعية وعلى رأسها الملك عبدالله أجرت بعض التنقلات في بعض المراكز في الدولة واستحدثت التنظيم القضائي الجديد في منظومته الجديدة، واتفق مع الزميل الدكتور عبدالعزيز الصويغ فيما ذكره في زاويته بصحيفة (المدينة) بأن هناك إجماعاً على أن التغييرات التي أحدثها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كانت تغييرات في الفكر والمنهج، لا في الأشخاص، وقد شهدنا نهر العطاء المستمر المرتكز على تحقيق معادلة التنمية ومنهج الإصلاح المتوازن من خلال الاهتمام المتزايد بقطاعي التعليم والصحة باعتبارهما الأساس الذي تبنى عليه المجتمعات. إن حزمة الإصلاحات التي تتبنّاها القيادة السعودية تنسجم مع مكانة المملكة كواحدة من أضخم دول المنطقة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. أما إذا ما أردنا تتبّع الخطوات الإصلاحية التي تبنّتها هذه البلاد المباركة وخلال فترة زمنية قصيرة جداً في عمر الأمم والشعوب فإنه يتعذّر علينا سردها في هذا الحيّز الضيق ويكفينا فخراً الأخذ بطرف منها وهو ما تم إنجازه على صعيد التعليم العالي واستحداث عدد من الجامعات حتى بلغت الان 24 جامعة بعدما كانت لا تزيد عن ثماني جامعات قبل سبع سنوات بزيادة مقدارها 200% عدا جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (جوهرة الجامعات)، ونختم بالتوجيه الكريم بتمديد برنامج خادم الحرمين الشريفين للبعثات الخارجية لمدة خمسة أعوام أخرى ليصل عدد المستفيدين من هذه البعثات من الذكور والإناث ما يربو على مائة ألف طالب وطالبة عدا المرافقين، وعوداً على بدء فإن تأريخ الثامن عشر من صفر 1430ه والذي يصادف اليوم مرور عام كامل عليه يسجل بأحرف من نور ويكتب بمداد من ذهب وتحديداً ما يختص في شأن القضاء في هذه البلاد فهي نقطة تحوّل في مسارات القضاء لاسيما إذا عرفنا أن القضاء هو مقياس الخير في الأمم وهو معيار العظمة فيها. وإلى قيادة هذه البلاد نقول: لقد خدمتم الدين وأحسنتم الرعاية وعزّزتم الحق فلا غرو أن تلتفّ القلوب حولكم وأن تلهج الألسن بالدعاء لكم، وأن تستبشر بأن عهداً جديداً سوف يشرق على هذه البلاد بقطف ثمار خطواتكم الإصلاحية في القضاء، نسأل المولى أن يديم عهدكم باليمن والسّعد ويجعله مكلّلاً بالفخر والمجد. فاكس: 6980564 [email protected]