تحدّثتُ في مقال أمس الأول عن أحد دروس منهج الثقافة الإسلامية للصف الأول ثانوي. وقلتُ إن الدرس تجاوز كل النصوص القرآنية التي تساوي بين المرأة والرجل، وراح بدلاً من ذلك في انتقاء النصوص، بغرض تحجيم المرأة. تصوّروا ماذا يمكن أن تكون نظرة الطالب المراهق إلى والدته، عندما يتم حصر صورتها في إطار (الفتنة)؟ كيف يمكن لهذا المراهق أن يحترم أمّه، أو يرى في إرشاداتها ما يمكن أن ينفع؟ العجيب أن الخطاب القرآني ساوى بين المرأة والرجل من نواحي التكليف، والتقييم، والجزاء. وأظن أن ذلك أصبح واضحًا لكل مَن قرأ مقالي الأخير، حيث استشهدتُ بالعديد من النصوص القرآنية التي تثبت ذلك. لكنّ القرآن لم يكتفِ بذلك فقط، بل إنه ساوى بين المرأة والرجل على صعيد المسؤولية الدنيوية. لقد وضع القرآن الكريم شروطًا واضحة لحصول المرأة على العضوية الفاعلة للمجتمع المؤمن، وجعل من هذه الشروط أساسًا لما اصطلح على تسميته ب“البيعة” التي تم تكليف النساء بها أسوة بالرجال. يقول الله سبحانه وتعالى في توجيه رباني مباشر للنبي صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم: (يا أيُّها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم) الممتحنة. هذه هي الصورة التي قدّمها القرآن الكريم للمرأة.