اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    الهلال يتفوق على سلسلة الأهلي بعد ديربي الرياض    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    اتفاقية لخدمات النقل الجوي بين كوسوفا والمملكة لتسهيل نقل الحجاج والمعتمرين    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بندر بن سلمان : تجاوزنا دخول “المحرمات” بالضغط على منظمة التجارة
نشر في المدينة يوم 23 - 01 - 2010

قال الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس فريق التحكيم السعودي إن المملكة تجاوزت دخول الخمور والمنتجات المحرمة بالضغط على منظمة التجارة العالمية ، مشيرا الى ان هذه المنتجات كانت احد اهم اسباب تأخير دخول المملكة لهذه المنظمة العالمية . واكد ان المملكة كانت تريد المحافظة على مقوماتها الاساسية وبالذات الدينية منها ، ولا تريد ان يدخل عليها شيء لا ترغب فيه وهو دخول المحرمات حتى لا تضيع هوية المملكة بمجرد انضمامها الى المنظمة . واضاف ان المملكة بقيت متماسكة وثابته بقيادة خادم الحرمين الشريفين الذي اكد في اكثر من مناسبة وفي اكثر من موقف انه لا تنازل عن الثوابت الشرعية في المملكة . وكشف في حوار شامل ل «المدينة» عن ان المحكمة الدائمة في لاهاي قامت بتعيين اثنين من القضاة السعوديين لاول مرة في محكمة التحكيم الدائمة بعد الانضمام الى اتفاقية لاهاي مؤخرا وهو ما يثبت ان النظام السعودي المتمثل بالشريعة الاسلامية يواكب التطور العالمي وانه نظام متجدد وحيوي وانه نظام بحد ذاته عالمي . وكشف عن انه سيتم قريبا انشاء مركز للتحكيم السعودي بعد ان تمت الموافقة المبدئية عليه وننتظر صدور الموافقة النهائية مع صدور الانظمة القضائية الجديدة قريبا . واضاف ان المعهد العالي للقضاء اصبح يدرس التحكيم كجزء من مواده ، الا انه من الصعب تخريج القانونيين من الجامعة وليس لديهم خلفية عن التحكيم. واشار الى ان التحكيم مهم جدا وان المملكة اصبحت في المراكز المتقدمة على المستوى العربي في التحكيم ويحسب لها حساب على المستوى الدولي ، حيث بدأ حضورها اقليميا ودوليا ، وفي السابق لا اكاد اجد الا نادرا محكما سعوديا يتحدث عن التحكيم في المحافل الدولية ، اما الان هناك العشرات ممن يستطيعون المشاركة والحديث في المحافل الدولية سواء كانوا محكمين او قضاة . وفيما يلي نص الحوار : ** آخر عمل قمتم به سمو الامير ، ترأستم وفدا قضائيا سعوديا للمشاركة في دورة تدريبية في فرنسا ، ما اهم نتائج هذه الدورة ، وما هي تطلعاتكم في المرحلة المقبلة مع وزارة العدل الفرنسية ؟ * الدورات التدريبية للوفود القضائية السعودية بدأت منذ ما يقارب العامين ، وكانت بدايتها عندما زار خادم الحرمين الشريفين فرنسا ، والتقى الرئيس الفرنسي ساركوزي ، وكانت هناك رغبة في التعاون في جميع المجالات ومن ضمنها المجال القضائي ، وايضا من جهتي التقيت برئيس محكمة النقض العليا والذي يعتبر من اوائل الشخصيات في فرنسا على مستوى الدولة ، وكان التنسيق معه ليكون هناك تعاون وتبادل بين المملكة وفرنسا في الجوانب القضائية ، وعقدت عدة اجتماعات تحضيرية لبداية البرامج ، وكنا نريد وقتها ان يكون البرنامج مكثفا ويحقق الفائدة للطرفين وان يكون فريدا من نوعه ، وهذا ما تحقق فعلا ، ووضع برنامج العام الماضي حضره بعض القضاة وكانت مدته اسبوعين ، واحب ان اضيف ان هذا البرنامج بصفته لاول مرة يوضع لدولة اجنبية بهذا الشكل وبهذا التنظيم ، حيث كانت البرامج تمتد من الصباح حتى المساء ، كما ان هذه الدورة التي انتهينا منها مؤخرا امتدت لاسبوعين وكانت على مستوى عال في الحضور . ** هل تم التنسيق بينكم ووزارة العدل الفرنسية على التعاون في مجالات محددة ؟ * التعاون كان مباشرة مع محكمة النقض العليا الفرنسية ، وهي التي رحبت ، وجاء ذلك بالعلاقة الشخصية بيني وبينهم ونحن اصدقاء وعلى اتصال مستمر ، وكانوا بأمانة يذللون كل العقبات التي تعيق هذا البرنامج بل وتكثيفه ، وطلبوا من الجهات المعنية التعاون مع الفريق السعودي. ** ما الاستفادة الحقيقية سمو الامير من هذه الدورات ؟ * الاستفادة الحقيقية تتمثل في مطلبين اساسيين ، اولا نود ان نؤكد للجهات الاخرى ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان ، وان المحاكم في السعودية هي نفس المحاكم في أي دولة اخرى ، لانها تسعى الى احقاق الحق والعدل بين الناس وهذا جاء من خلال النقاش الذي تم بين الوفد السعودي والجانب الفرنسي ، اما ثانيا فيتعلق بالاستفادة من الانظمة والقوانين المتطورة في فرنسا ، وتحديدا في الاجراءات حتى نستطيع من خلالها ان ننمي الاجراءات الموجودة لدينا في محاكمنا بما يتفق مع الشريعة الاسلامية ويواكب التطور العالمي. الأنظمة القانونية الفرنسية ** سمو الامير .. هل سنرى بعض الانظمة القانونية الفرنسية تطبق في السعودية ؟ * سأذكر لك شيئا من الممكن ان تتفاجأ منه : الانظمة في الشريعة الاسلامية وانظمة فرنسا وباقي الدول الاجنبية والغربية تكاد تكون متشابهة بنسبة 90 % ولا يبقى سوى فروقات بسيطة جدا التي تتمثل في روح المشرع ، ونحن مشرعنا الله عز وجل والشريعة الاسلامية ، اما بالنسبة للانظمة في الدول الغربية فمشرعها الانسان ، والانسان دائما ، لا يخلو من نقص في جميع حالاته ويتطور بتطوره هذا ، ولدينا في الشريعة الاسلامية اسس تحيط بنا ، نقوم بوضع الانظمة والقوانين وتتغير ، والمرونة في الشريعة الاسلامية ادت الى انها صالحة في كل زمان ومكان وهذا التميز الذي نتفوق فيه على اقراننا. ** انت ذكرت ان القوانين والانظمة في الدول الغربية عامة والفرنسية خاصة ، شرعها الانسان "قانونها انساني" ، هل نستطيع القول ان أي قانون شرعه الانسان من الممكن ان يحدث فيه اخطاء خاصة انه قانون بعيد عن الشريعة الاسلامية ؟ * بدون شك هذا صحيح .. ومن الممكن ايضا الخطأ في التطبيق ، ولو ذهبنا الى الشريعة الاسلامية فهي منزهة ، لكن عندما نأخذ بعض اللوائح قد يقع فيها اخطاء لانها من صنع الانسان ، وبما اننا ذكرنا انه من الممكن وجود اخطاء في القوانين الدولية وخاصة الفرنسية ، نحن يوجد لدينا اخطاء في الاجراءات والتنفيذ ووضع اللوائح ، لكن الخطأ ليس في الشريعة الاسلامية ، وعندما جاءت الشريعة بالقوانين جاءت بالعموم والشمول وهذا هو الذي اعطاها الحرية بأنها تتكيف في كل زمان ومكان وهذا دائما نؤكد عليه ، ان العموميات في الشريعة الاسلامية اعطت الاطراف حرية وضع سن القوانين التي تتماشى في كل زمان ومكان. تأسيس فريق التحكيم ** سمو الامير .. بما انكم رئيس لفريق التحكيم السعودي ، ما الهدف الرئيس من تأسيس فريق للتحكيم ، وماهي ابرز مهامه ، ومتى انشئ ؟ * فريق التحكيم السعودي انشئ بأمر سام عام 2001 ، وقام بجهود كبيرة جدا ، والهدف من انشائه ، انه كان هناك شتات في التنظيم والتنسيق في توحيد المسائل المتعلقة بالتحكيم وخصوصا من يحضر المؤتمرات والندوات الدولية يجد ان هناك فراغا بالنسبة للتواجد الخليجي عامة والسعودي بصفة خاصة ، فأنشئ هذا الفريق لكي يسد هذه الثغرة وينسق بين الجهات المعنية التي ترعى وتدعم التحكيم ومن خلال الندوات والمراسلات ، اصبح للمملكة دور بارز ومسموع على المستوى الدولي والاقليمي والداخلي ، واصبحت تطلب آراؤها في الكثير من المنظمات الدولية ، واود ان اضيف نقطة مهمة جدا ، في الماضي كنا لا نجد وسائل جامعية تتحدث عن التحكيم ، الان في الوطن العربي والمملكة والخليج بدأنا نجد عشرات الكتب وعشرات الابحاث وعشرات الطلبة الذين يحضرون رسائل جامعية سواء على مستوى الماجستير او الدكتوراه في التحكيم وهذا يعد نشرا لثقافة التحكيم. ** لماذا في هذا الوقت تحديدا بدأ نشر ثقافة التحكيم ، وهل هناك مطالبات منكم بإنشاء اقسام للتحكيم في الجامعات السعودية ؟ * هناك مواد خاصة بالتحكيم تدرس في اقسام الانظمة في جامعات المملكة. ** مارأيك .. هل تلبي هذه المواد الخاصة بالتحكيم والتي تدرس في الجامعات تطلعاتكم كفريق سعودي مهتم بالتحكيم ؟ * لا شك في ذلك ابدا .. في السابق لم تكن هذه المواد تدرس في الجامعات وتحديدا في قسم الانظمة ، ووجودها الان بحد ذاته يحقق هدفا ساميا ، لانه من الصعب ان يتخرج القانوني من الجامعة وليس لديه خلفية عن التحكيم ، وهناك معلومة اخرى ان المعهد العالي للقضاء اصبح يدرس التحكيم كجزء من مواده ، واصبح للقاضي ثقافة تحكيمية لان المحكم وبكل بساطة يلبس ثوب القاضي حينما يحكم . ** سمو الأمير .. تبنت الهيئة العامة للاستثمار البرنامج الاستراتيجي الذي يهدف الى جعل المملكة من الدول العشر الاولى عالميا في جذب الاستثمار واحد اهم اساسيات البرنامج هو تطوير نظام التحكيم في المملكة .. هل تم فعلا تطوير نظام التحكيم في المملكة ؟ * اولا .. أي نظام يوضع لابد عند تطبيقه ان تظهر سلبياته وايجابياته وهذا يحدث في أي نظام عالمي ، وتداركنا هذا الامر بوضع عدة لجان لمناقشة افضل الحلول التي ينبغي ان يكون عليها النظام في التحكيم ، فهناك عدة مشاريع ذهبت الى هيئة الخبراء وارسلت الى عدة جهات معنية بالتحكيم لأخذ آرائهم في هذا الجانب ، والان ( نظام التحكيم ) هو في طور الانتهاء منه قريبا لخروجه بالصفة النهائية التي نعتقد انها تحقق طموح المستثمر الاجنبي ورجل الاعمال السعودي ، واريد ان اعقب على مسألة مهمة جدا الا وهي الاستثمار وجلب الاستثمار ، نحن نعلم اليوم بعد ثبوت الرؤية ، ان المملكة الملاذ الآمن للاستثمار العالمي بعد الازمة العالمية الحالية ، وما الميزانية الاخيرة للمملكة الا دليل على هذا الامر. ** انت تعلم ان المستثمرين يفضلون التحكيم عن غيره من الوسائل المتاحة لتسوية المنازعات في رأيك ، لماذا ؟ .. وهل اخفقت الوسائل الاخرى لتسوية المنازعات من وجهة نظرك ، ولهذا تم تفضيل التحكيم ؟ * في الحقيقة دائما المستثمر عندما يأتي في أي بلد في العالم يخشى من نظامها ويخشى من اروقة المحاكم فيها ودائما ما يطلب التحكيم ، لان التحكيم سواء كان في باريس او لندن او لاهاي او أي مكان في العالم يطلب واجب التطبيق في ذلك ، وللتحكيم صفة مهمة جدا جدا ، وهي مؤثرة لرجال الاعمال والمستثمرين الا وهي ، السرية التامة ، فجميع الجلسات والمناقشات والبراهين سرية ، بخلاف المحاكم العادية ، كذلك اختيار الاطراف للمحكمين ، والمحكم لا يمثل الطرف وانما اختياره لنزاهته والاعتقاد بأنه منصف ، وعندما يختار الطرف الاول المحكم ويختار الطرف الثاني محكما اخر ، ويختار الجميع مرجحا ، فيصبح هناك قناعة ان الحكم الذي سيتوصل اليه الاطراف سيكون حكما عادلا لجميع الاطراف ، كذلك هناك صفة مهمة للتحكيم ، السرعة في البت في القضايا ومجملا يحدد وقت معين للمحكم ان يضع حكمه ، ويمدد على حسب الحاجة ، وفي المجمل التحكيم اسرع من القضاء العادي. تأخير البت في القضايا ** انت تقول سمو الامير ، ان التحكيم اسرع من القضاء العادي ، و"المدينة" سبق وان سحبت اعترافا من مدير ادارة الخبرة والتحكيم ، ان عدوى التأخر في البت في القضايا وصل الى التحكيم ايضا ، ما حقيقة هذا الامر ؟ * في بعض الاحيان نعم هناك تأخر في البت بالقضايا ، وتأخذ احيانا اوقاتا طويلة ، ولكن اتحدث انا عن التحكيم بصفة العموم ليس فقط في المملكة انما في العالم كله ، ودائما ما يحدد لنا اوقات معينة للبت ، وحينما يمدد الحكم يطلب من المحكم تفسير لسبب التمديد ، والمحكم يكون دائما محاسبا ، بتوجيه السؤال له، لماذا تم تمديد القضية. ** ما اهمية التحكيم في مجال المعاملات التجارية خصوصا الدولية منها ، وما هي ضوابط التحكيم الاساسية في المملكة ؟ * جاءت اهمية التحكيم لحل النزاع ، ونحن نعلم ان منظمة التجارة العالمية اشترطت ان يحل النزاع بالطرق السلمية ومن اهم هذه الطرق السلمية التحكيم ، والتحكيم دائما يطلبه المستثمر ويكون حاضرا عندما تكون العلاقات دولية ، لان أي طرف في القضية لايريد الذهاب الى محاكم الطرف الاخر لأن الانتقال له يكون فيه كلفة مادية ، اضافة الى التشهير به وربما بعد ذلك تأخذ القضية منحى آخر ، واحب ان اضيف انه حتى في الداخل هناك توجه للتحكيم . ** بما اننا تحدثنا عن اهمية التحكيم سمو الامير في مجال المعاملات التجارية ، هل من الممكن تعميم تجربة التحكيم في محاكمنا العادية ؟ * نعم بدون شك .. حيث اكد لي بعض القضاة ان هناك قضايا عرضت عليهم وطلبوا ان تحال الى التحكيم ، واقترحوا على الخصوم الذهاب الى التحكيم ، وفعلا تم حل النزاع وانتهت تلك القضايا ، وهذا امر جديد للغاية ، حيث لايوجد في بلدان العالم ان يقترح القاضي على الخصوم ان يتوجهوا الى التحكيم وحل نزاعهم . ** هل تطالبون بتعميم فكرة التحكيم بالتوسع اكثر في المحاكم خاصة وان القضايا الواردة الى المحاكم
العادية تتأخر كثيرا ؟ * اريد ان اوضح لك نقطة مهمة جدا ، ان القضاة في الفترة الاخيرة اصبحوا يذهبون الى الدورات والندوات والمؤتمرات التحكيمية ، وهذا لم يكن في السابق وبأعداد كبيرة ، وهذا بحد ذاته يعطينا انطباعا ان القاضي مهتم في التحكيم كونه جزءا من القضاء ، وهو معاون للقضاء ومساند له وليس منافسا للقضاء العادي ، واود ان اضيف ان التحكيم كان مختصرا على القانونيين فقط ولم يكن للشرعيين ( متخرجي الشريعة ) علاقة به ، وهذا على المستوى العالمي والاقليمي والداخلي ، وكان هناك احد المؤتمرات الدولية قبل 12 سنة وكنت من ضمن لجنة التوصيات وكان هذا المؤتمر برعاية من الامم المتحدة وعدة منظمات كبيرة ، فوضعنا عدة توصيات ان يكون القاضي الشرعي محكما مثله مثل القانوني ، بعد ذلك اوقفت هذه التوصية واصبح عليها علامة استفهام ، وذهبت لكل الاطراف ومنهم لجنة الامم المتحدة وغيرها من المنظمات وشرحت لهم ان هذا هو نظام المملكة ، والمملكة عضو في الامم المتحدة ، وبعد جهد جهيد تمت التوصية واصبحنا ندخل بعشرات الشرعيين من القضاة ، لنؤكد ان الشريعة الاسلامية تستطيع القيام بواجبها التحكيمي مثلها مثل أي قانون آخر ، ومن هناك دخلنا بقوة في مسألة القضاة الشرعيين ، وبالنسبة للمملكة اصبح هناك زخم كبير وحضور قوي للقضاة في هذه المؤتمرات ، والقصد من ذلك هو اثبات ان الشريعة الاسلامية تستطيع التعاطي مع التحكيم مثل أي قانون آخر. ** هل من الضرورة في المملكة الاسترشاد بقواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي ؟ * طبعا .. لان المملكة عضو في الامم المتحدة ونحن في المملكة جزء من العالم ، فلا بد ان نتكيف معها لاننا اقرينا باتفاقية نيويورك ، ونيويورك دولية في تنفيذ الاحكام ولم تقرها المملكة الا لعلمها بأهمية هذه الاتفاقية. المملكة ومنظمة التجارة العالمية ** سمو الامير سأتحدث معك عن نقطة هامة شغلت الكثير من المتابعين بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية .. هل واجهتم أي مشكلات من أي نوع مع المنظمات الدولية وتحديدا منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بفرض دخول المنتجات المحرمة كالخمور وغيرها الى اراضي المملكة ؟ * هذه حقيقة .. انا سبق وان دخلت شخصيا في هذا الموضوع ، وكنت احث بسرعة انضمام السعودية الى منظمة التجارة العالمية واحد اهم اسباب تأخر المملكة في الانضمام الى منظمة التجارة ، هو ان المملكة كانت تريد المحافظة على مقوماتها الاساسية وبالذات الدينية منها ، ولا تريد ان يدخل عليها شيء هي لا ترغب فيه من الاساس ، وهو دخول بعض المحرمات الى المملكة ، حيث طلبت الاطراف ذات العلاقة ان يوضع للرسوم على هذه المنتجات اضعاف مضاعفة ، فرفضت المملكة وهذا من الاسباب التي ادت الى تأخر الانضمام الى منظمة التجارة العالمية ، وكان لنا هدف من ذلك اننا لا نريد ان تنصهر المملكة وتذهب هويتها بمجرد انضمامها الى المنظمة ، وبقت المملكة متماسكة وثابته بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين ، حيث اكدا لنا في اكثر من مناسبة وفي اكثر من موقف انه لا تنازل عن الثوابت الشرعية في المملكة . ** نريد توضيحا اكثر لهذه القضية الهامة ، ما الذي قامت به المملكة حتى تفرض شروطها على المنظمات الدولية بعدم دخول الخمور الى اراضيها ، وهل كان هناك مخاطبات لتسوية هذا الامر تحديدا ؟ * نعم كان هناك ضغط منا وتأكيد على ان السعودية لها خصوصيتها بحكم ان بها الحرمين الشريفين وهي بلاد لهذين الحرمين ولابد لهذه الخصوصية ان تستمر ، ولا تستطيع ان تفرض على أي دولة أي منتج بأي شكل من الاشكال ، ومن خلال الصداقات والعلاقات استطاعت المملكة ان تتمسك بثوابتها دون ان تتنازل وتدخل المنظومة. ** سمو الامير دعنا نعود الى التحكيم كنظام .. سأعطيك مثالا ، لو ان هناك شركة اجنبية لها فروع في المملكة وظهرت مشكلة بين الشركة الاجنبية والاطراف السعودية ذات العلاقة ، وتم اللجوء الى التحكيم .. على أي ارض يتم التحكيم ، في الاراضي السعودية ام خارجها ؟ * على حسب الاتفاق .. شرط الاتفاق اذا كان هناك بين الطرفين اتفاق معين ان يكون التحكيم في المملكة كان بها ، واذا كان الاتفاق خارج المملكة فيعمل به ويكون الاتفاق ملزم للطرفين .** هل واجهتم كفريق سعودي للتحكيم مشكلات من هذا النوع ؟ * اغلب المشكلات التي تحدث عندما لا يكون شرط التحكيم واضحا .. اذا وضعت مثلا في الاتفاقية احالة الخصومة وذهب الطرفان الى التحكيم دون ذكر المكان ودون ذكر القانون واجب التطبيق وجميع الامور التي تسهل على الاطراف حينما يتنازعون ، ومن هنا يأتي الاختلاف قد يقول طرف اريده في المملكة وغيره يريده خارج المملكة ، وهنا المحاكم هي التي تفصل .. ( اين ومتى وكيف) . ** هل المحكمون في المملكة جاهزون وقادرون على التحكيم بصورته المطلوبة ؟ * اعتقد يوجد في المملكة من هم اكفاء وعلى مستوى عال جدا ، ولكن نحتاج الى تكثيف العمل بالنسبة للدورات والمؤتمرات والتدريب حتى نستطيع ان ننشئ قاعدة كبيرة من الشباب الذين يأخذون مكانهم الطبيعي ويرفعون راية المملكة في العالم . ** ماذا عن التحكيم في عقود النفط الغاز .. هل المملكة جاهزة للتحكيم في عقود النفط والغاز الدولية ؟ * المملكة جاهزة الآن في التحكيم في عقود النفط والغاز .. اما في السابق لا . ** علمنا ان محكمة ال icc في فرنسا تطبق الشريعة الاسلامية في احكامها .. كيف وفرنسا دولة غير مسلمة ؟ * هذا صحيح .. لكن تطبيقها للشريعة الاسلامية مشروط بطلب الاطراف المتنازعين ، حيث طبقت الشريعة الاسلامية في اكثر من قضية ، وهذا اعتراف بأنها نظام. ** اجدك تتحدث عن الشريعة الاسلامية بتوسع سمو الامير .. هل الشريعة الاسلامية مصدرا من مصادر القانون الدولي ؟ * نعم هي كذلك .. مصدر من مصادر القانون الدولي الذي تأخذ به محكمة العدل الدولية ، وسبق وان اعلنها اكبر قاضي على المستوى الدولي رئيس محكمة العدل الدولية في مؤتمر لاهاي 2001 م ، اضافة الى ان المحكمة الدائمة في لاهاي ولاول مرة تعين 2 من القضاة ( سعوديين ) في محكمة التحكيم الدائمة وذلك بعد الانضمام الى اتفاقية لاهاي مؤخرا ، وكل هذا نريد من خلاله اثبات ان النظام السعودي المتمثل بالشريعة الاسلامية انه يواكب التطور العالمي ونظام متجدد وحيوي وانه نظام بحد ذاته عالمي ، واستطعنا ولله الحمد ان نؤكد هذا على المستوى الدولي. قصتي مع اللغة العربية ** سمو الامير .. لديك قصة كبيرة مع اللغة العربية واعتمادها دوليا في الامور التحكيمية .. هل من الممكن الحديث عن هذه القصة ؟ * محكمة ال icc وهي اكبر المراكز التحكيمية في فرنسا ، كانت تلزم الاطراف التكلم باللغة الفرنسية او الانجليزية حتى وان كان الطرفان من العرب ، وكانت تلزمهما بأن تكون كل الوثائق والنقاشات والتحكيم بالفرنسية او الانجليزية ، لكننا استطعنا بجهود الاخرين معنا ان نغير ونثبت ان اللغة العربية اساس في التداول بين المحكمين حتى تم قبول العربية بشكل رسمي لدى ال icc . ** هل اخذتم وقتا طويلا لاثبات هذا الامر ؟ * بدون شك .. ان القناعات لا تأتي بسهولة ، واحب ان اضيف و اؤكد لك ونحن في فرنسا طلب من رئيس محكمة النقض العليا ان تترجم الاحكام الفرنسية الى اللغة العربية ووعد بذلك ، وكنت باستمرار على اتصال معهم وبالفعل انجزت السنة الماضية 2009 وبدأت تترجم احكامها الى العربية ، والبشرى هنا تأتي في ان اول ترجمة للاحكام الفرنسية كانت الى العربية حتى قبل الترجمة الى الانجليزية. ** سمو الامير .. هل من الممكن الكشف عن ابرز القضايا او المنازعات التجارية سواء المحلية او الدولية منها التي لجأت الى التحكيم ؟ * صعب جدا .. ومثل ما قلت لك سابقا ان القضايا تبقى سرية ، والقضية ملك للاطراف ، والاطراف هم الذين يملكون هذا القرار ، ولا يجوز ان يعلن طرف دون الطرف الآخر. ** اذن .. دعنا نتحدث بشكل عام ، هل هي شركات كبرى ؟ * نعم .. والشركات الكبرى هي التي تلجأ الى التحكيم . ** بما اننا نتحدث عن الشركات .. هل لجأت لكم كفريق سعودي للتحكيم شركات سعودية مدرجة في سوق الاسهم ، خاصة بعد ظهور مشكلات كبيرة في الفترة الاخيرة ؟ * هي تلجأ للتحكيم مباشرة الى التحكيم ، وهناك شركات ذهبت الى التحكيم وفصل فيها. ** هل لنا الحصول على ارقام لعدد هذه الشركات والقضايا ؟ * لا نستطيع ان نعطي أي ارقام .. وكل القضايا سرية . ** بماذا يمتاز التحكيم السعودي عن أي تحكيم آخر ؟ * في التحكيم السعودي ، نستطيع التحكيم فيما يجوز الصلح فيه ، والشريعة الاسلامية اجازت الصلح في النواحي الجنائية وهذا بخلاف ما هو موجود في العالم كله ، والتحكيم في دول العالم اغلبه تجاري ، ونحن لدينا يجوز التحكيم في الاحوال الشخصية ، التجاري ، الجنائي والسيادي ، علما بأن بعض المنظمات بدأت تطالب ان يجاز لهم في هذه الجوانب ايضا. ** سمو الامير .. هناك مطالبات من قانونيين بإنشاء مركز للتحكيم السعودي ، هل توصلتم الى نتيجة لانشاء هذا المركز ؟ * تقريبا .. تمت الموافقه المبدئية عليه ، وننتظر صدور الموافقة النهائية مع صدور الانظمة القضائية الجديدة قريبا . ** نريد توضيحا اكثر .. هل تنتظرون الموافقة من المقام السامي ؟ * تمت تقريبا الموافقة عليه مبدئيا ، وننتظر صدوره واخذ حيز له في المكان الطبيعي ويخرج للساحة قريبا . ** ماذا ينقصكم لإتمام هذا المشروع؟ * ابدا لا ينقصنا شيء .. المسألة مجرد وقت ويأخذ مكانه الطبيعي. ** هل لنا بحديث خاص عن التحكيم السعودي قبل ان ننهي هذا الحوار سمو الامير ؟ * نعم .. اود ان اقول ان التحكيم مهم جدا والمملكة اصبحت في المراكز المتقدمة على المستوى العربي في التحكيم ويحسب لها حساب على المستوى الدولي ، حيث بدأ حضورها اقليميا ودوليا ، وفي السابق لا اكاد اجد الا نادرا محكما سعوديا يتحدث عن التحكيم في المحافل الدولية ، اما الان هناك العشرات ممن يستطيعون المشاركة والحديث في المحافل الدولية سواء كانوا محكمين او قضاة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.