على شاشة فضائية (الآن) ظهرت قبل أسابيع قليلة مشكورة مأجورة الناشطة الحقوقية الأستاذة سعاد الشمري تتحدّث عن مأساة شهدتها بأم عينها في أحد مراكز الشرطة في المملكة. حادثة تؤكد الواقع المرير، وتثبت أن المشوار ما زال طويلاً جدًّا نحو تنفيذ الأحكام والإذعان للحق. تقول السيدة سعاد إن سيدة انفصلت عن زوجها، ولها منه ثلاثة أطفال، وأنها داخت سبع دوخات حتى استصدرت حكمًا قضائيًّا (بعد عام ونصف من المرمطة) يسمح لها برؤية أبنائها الثلاثة لا أكثر ولا أقل. مجرد رؤية للحظات قليلة.. ما كانت تستحق كل هذا العناء، وهذا الإرهاق والضغط على مجالس القضاء، إنه حق شرعي ومنطقي وإنساني، كان من واجب الأب المبادرة لتحقيقه تذكّرًا لفضل قديم (ولا تنسوا الفضل بينكم)، ورعاية لمشاعر أبنائه، بل لتربية سلوكية مستقيمة لا يختل فيها جانب على آخر. هؤلاء الأطفال في حاجة إلى حضن الأمومة حتى عندما يكبرون، فكيف إذا كانوا بين التاسعة والحادية عشرة؟ وفي المركز.. وبعد عدة استدعاءات جاء الأب (تاركًا الأبناء الثلاثة مع زوجته الجديدة داخل السيارة) متضايقًا ثائرًا مؤكدًا للشرطة أن الأولاد لا يودون رؤية والدتهم، مظهرًا ورقة بتوقيعهم تؤكد صدق دعواه. يا للسخرية! ويا للمهزلة! ويا لقلة الذوق! سبحان الله (إن الإنسان ليطغى).. فعلاً فيظن أنه إله متجبر، أو فرعون متغطرس. تقول السيدة سعاد بأنها طلبت من الأب وزوجته أن يسمح للأم برؤية أبنائها، وهم في السيارة دون أن يخرجوا، فرفض، واستعلى، واستكبر، بل مد يده ليضرب الأم وأختها عندما أصرّت على رؤية أبنائها، تنفيذًا للحكم الشرعي الصادر.. ضرب وإهانة في عقر مركز الشرطة! ماذا تسمّون ذلك يا سادة يا كرام؟! إنه عقيد سابق، وعسكري متطاول، سكت العسكريون الصغار في حضرته، مؤكدين أن صلاحيتهم تنتهي بكتابة تقرير، أو محضر يفيد بعدم استجابة العقيد (عنترة) لتنفيذ الحكم القضائي الملزم. أعلم أن هذه الواقعة وأمثالها لا ترضي ولاة الأمر، لكن السكوت عليها لا يرضي الله عز وجل، وعدم معاقبة صاحبها، والتشهير به لا يرضي المجتمع، ولا يردع غيره في المستقبل. [email protected]