ليس ثمة أصعب من العيش تحت وطأة الخوف على مستقبل أسرة الإنسان وأبنائه فهو شعور جرّبه كل من كان يعمل في قطاعات تتعاقد مع أو تصرف من قبل الحكومة غير أنه ليس لها هيكل وظيفي ولا علاوات أو لائحة وكادر معتمد وهؤلاء يفتقدون للأمان الوظيفي فهم متعاقدون مهددون بفقد وظائفهم في كل حين..، وهي أخطاء إدارية ترتكب في كثير من الجهات ويدفع ثمنها العاملون في تلك القطاعات ومن ضمن أصحاب تلك الفئة..موظفو نظام التشغيل الذاتي في المستشفيات سابقاً الذين اشتكوا كثيراً وطالبوا بتثبيتهم على وظائف آخرى ولقد سعدت بتصريح وزير الصحة عن عزم الوزارة للسعي مع الجامعات إلى تحويل تشغيل المستشفيات الجامعية إلى التشغيل الذاتي على الكادر الجديد للأطباء مما يضفي على تشغيلها المرونة..كما سعدت بإقرار مجلس الخدمات الصحية دمج المجلس الاستشاري للخدمات النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة مع اللجنة الوطنية المشكلة من المجلس في لجنة واحدة، الأمر الذي سوف ينعكس ايجابياً على التوسع في الخدمات النفسية وهو ما كتبته في مقال سابق ناشدت فيه الوزارة الاهتمام بتطور هذا الفرع المهم من الخدمات الصحية ودعمه ولي ثمة ملاحظات:لا شك في أن التشغيل الذاتي هو أفضل خيار من التشغيل التعاقدي للمستشفيات الذي كان سبباً في تدني الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية لأنه يعمل وفق آليات نظام المناقصات الذي يعتمد في ترسية..العقود على (العطاء الأقل) مما يؤثر سلباً على جودة الخدمة لاعتماد المشغل على عمالة وكوادر منخفضة التكاليف إضافة إلى اعتبارات سلبية اخرى منها شروط المناقصة وهو لا يتناسب مع المشاريع التشغيلية ذات الطابع الحيوي كالخدمات الصحية لغياب رقابة جودة الخدمة بشكل دقيق نظراً لحساسية المخرجات (الخدمات المراد تقييمها) وقد كتبت – لغير مره – عن سلبيات هذا النوع من التعاقد. ولا شك في أن نظام التشغيل الذاتي هو الأفضل إذا التزم بالمعايير الصحية المعتمدة من مجلس الخدمات الصحية وجرى تعيين كادر صحي مؤهل لتطبيق الجودة الشاملة في هذه الخدمات. تفعيل اللائحة الجديدة لتنظيم العمل في مستشفيات التشغيل الذاتي فهي قد حلت وضع الكادر وقدمت مزايا للمؤهلين من الأطباء بعد اعتماد سلم الإداريين وسلم الكوادر الصحية من قبل مجلس الوزراء كما حلت وضع تلك الفئة غير ا لمثبّته على وظائف رسمية وتلك خطوة جيدة من الوزارة. من المهم عند تطبيق نظم التشغيل الذاتي في المستشفيات اختيار كفاءات إدارية تضطلع بمهام ومسؤوليات تشغيل مرافق تلك الخدمات الحيوية وإغراء ذوى الكفاءات من الأطباء والفنيين ومن الأهمية بمكان إطلاق حرية تعاملها لاستقطاب المؤهلين والصرف على التجهيزات وفق ضوابط تتيح لها الصرف من إيراداتها وفق ميزانية تقديرية معتمدة. أما موضوع التوسع في الخدمات النفسية فهو بداية جيدة نأمل أن ترى العديد من الخطوات التنفيذية التي تكفل الاهتمام بهذه الخدمة الصحية الحيوية... فقد حضرت على سبيل المثال في مستشفي الملك عبد العزيز ندوات نظمتها الجمعية السعودية للطب النفسي كانت جيدة وفرصة لي للإطلاع عن كثب على مبني مستشفي الصحة النفسية ورغم جهود إدارتها إلا أنه ينقصه الكثير من التجهيزات في وقت لا تتوفر فيه مساحات مزروعة خضراء يحتاجها المرضى النفسيون ولعل لي عودة إلى هذا الموضوع بشيء من التفصيل.