قدمت سيول الأربعاء صورا متباينة للبطولة ومشاهد غريبة تعجز الأقلام المبدعة عن استعادتها من جديد على الورق .. فوسط الدموع التى تسبح قطراتها على سطح الماء كان يجرى دم النخوة و الشهامة ووسط صرخات النسوة والأطفال الباحثين عن مخرج للهروب استحدث الأبطال أبوابا ليدخلوا منها الى «االجحيم» رغبة منهم فى انقاذ الغرقى المحتجزين . هذه هى غنيمة الكارثة - اذا جاز لنا ان نجعل للكوارث غنائم - قصص لا تحتاج لقلم بل لكاميرا تتكلم وتحكى .. المدينة تستعيد قصة القرشى واحد من ابطال الكارثة الذي تقدم بجسارة لمعترك الموت وابتعد بخجل عن ضوء الإعلام . من أعلى الجسر كان خالد القرشي متوجها إلى مكة هارباً من السيل فاستوقفته الأقدار لمشاهدة منظر السيل من أعلى كوبري الكيلو 10 ، واذ به يرى رجل أمن عالقاً في السيل يستجدي من وقف متفرجاً أعلى الجسر بمساعدته كي لا يموت غرقاً بعد أن ربط نفسه في عمود إنارة أسفل الكوبري بشماغ رماه عليه أحد المارة فيما أمواج السيل الهادر تأخذ معها ما وجدت في طريقها ، دقائق عصيبة قضاها رجل الأمن مع نصائح كانت توجه له من المتفرجين تكاد لا تغني عن المصير الذي ظن أنه ذاهب إليه قبل أن يمر ونش يحمل في ظهره رافعة تفتق خلالها ذهن خالد وشجاعته عن إمكانية نزوله لإنقاذ رجل الأمن الذي يجابه الأمواج .. المتفرجون على مشاهد الهلاك نصحوا خالد بعدم المخاطرة والنزول ولكن أبت الشهامة في نفس خالد إلا أن يكون له نصيب من ميدان الشرف والبطولة فربط نفسه بمساعدة بعض المتواجدين بحبل الرافعة ونزل إلى أسفل الكوبري وفك خمس عقد ربطها رجل الأمن في الشماغ لكي لا يجرفه السيل واضطر لحمل رجل الأمن معه رغم وزنه الثقيل وبفضل الله تمكن خالد من إنقاذ رجل الأمن الذي لا يعلم من هو ولم يره بعد ذلك ماذا قال خالد ؟ الحكاية يرويها خالد قائلا كنت أنوي الذهاب لمكة قبل أن أقرر التوقف لمشاهدة السيول لبضع دقائق فوق الكوبري وللحق شدني منظر بعض رجال الأمن وهم يتحدثون مع شخص أسفل الكوبري و عندما سألت ودققت النظر وجدت أن هناك رجل أمن علق نفسه بأحد أعمدة الإنارة وربط جسمه بشماغ رماه عليه أحد المتفرجين لكي لا يذهب مع السيل وكانت صرخات الاستجداء ومحاولات الاتصال بالدفاع المدني كلها تبوء بالفشل قبل أن يلهمني الله ويعطيني الشجاعة للنزول إلى أسفل الكوبري بعد توقف رافعة بلاط وبها حبل متين يعينني على النزول إلى أسفل الكوبري وعندما أبلغت المتواجدين بعزمي على النزول وإنقاذ الرجل حذرني البعض من مغبة ما أقوم به وما يحتوي من مخاطر قد تؤدي بحياتي ولكن إرداة الله فوق كل شيء فتوكلت على الله ونزلت إلى أسفل الكوبري وقمت بحل عقد الشمغ التي عقدها الرجل وكانت حوالى خمس عقد ورفعت الرجل معي بعد أن ربطته في نفس الحبل الذي ربطت به جسمي وسحبونا الأخوان في الرافعة وأضاف حمدت الله على سلامة الرجل واسترحت قليلاً من التعب وأكملت مشواري وأردف القرشي لم أكن أريد من ذلك شهرة أو أي مكافأة حتى أني لا أعلم من أنقذت ولم أشاهده بعد ذلك حتى الآن وأضاف القرشي لم أتوقع أن هناك من صور عملية الإنقاذ حتى شاهدت نفسي في عدة مقاطع في مواقع الإنترنت .