قفزات التقنية متسارعة لتواكب تقدم العصر ومتطلبات الحياة والاتصالات هي إحدى أفرعها التي خطت في العالم أجمع خطوات حثيثة على صعيد الهاتف (الجوّال) خاصة -(ونالنا من الحب جانب يسير) بكل أسف.. ولا نريد هنا أن نتحدث عن شركة بعينها - بيد أننا نناقش الخدمة التي أوجدها الهاتف الجوّال فلعبت دوراً فاعلاً ومؤثراً في نجاح الاتصال بين الناس على اختلاف النوايا وحسن أو سوء الاستغلال فإحصائيات (ألفا بيتا) تقول بزيادة عدد مشتركي الجوّال في المنطقة ب 34% مع حلول 2012 وفي الإمارات العربية وحدها تصل عدد خطوط الهاتف الجوّال إلى حد يتجاوز ضعفي عدد السكان. كما تصل أعداد مستخدمي الهاتف الجوّال في (السعودية) إلى أكثر من 30 مليوناً (ربما يكون الرقم مبالغاً فيه ولكنه يعد مقبولاً لو أضفنا استخدامات الحجاج والمعتمرين سنوياً للشرائح المؤقتة) وتقول الإحصائية بزيادة نسبة انتشار استخدام الجوّال 150% وفي كل الأحوال استفاد من هذه الخدمة أصحاب النوايا الحسنة كثيراً فأصبحت شريان التواصل في مضمار الأعمال وفي المجال الأسري والعلاقات الاجتماعية واطمئنان الناس بعضهم على بعض، وهي خدمة ما عادت ترفاً ولا مظهراً اجتماعياً بل ضرورة ملحة حتى عند الصغار لاطمئنان ورقابة أهلهم عليهم، غير أن ضعاف النفوس الذين وجدوا في الشرائح الموزعة في الأسواق السوداء فرصة استغلوها استغلالاً سيئاً لمعاكسة الناس وإزعاجهم وإيقاع البغضاء والفتنة بين الأزواج والعائلات كما استغلها المراهقون والمراهقات وثمة جانب لرسائل الجوّالات في العلاقات الاجتماعية بدأ يشتكى منه الناس فالرسائل كثرت فكانت في مناسبات سنوية ثم أصبحت كل يوم وجمعة وشهر وفصل ومناسبة وبشكل طويل وممّل والناس لم يعد لديها وقت وفي رأيي أن الآمر لا يخلو من مضايقات في الأمور الآتية: يفترض أن تكون الرسالة وسيلة لتحديد هدف معين ولذلك هي لا تتطلب التطويل وكثرة الكلمات... ثمة رسائل من قبيل الدعوة والمناصحة والتذكير وهو توجه رائع لكن من غير المناسب إيقاع المتلقي في حالة الشعور بالذنب إن لم يرسلها وينشرها وذلك بكتابة عبارات في خاتمتها تفرض عليه توزيعها. وهناك رسائل تحمل معلومات ونصائح وأقوالاً أو مأثورات وبعضها أحاديث ربما تكون ضعيفة ولا يكلف المرسل نفسه عناء البحث – وهي أمانة – والمراجعة فيها قبل إرسالها وتلك رسائل تشوّش على الناس معلوماتها وربما يرتكب مرسلها حماقة ويتحمل وزراً وعليه التأكد من صحة المكتوب فيها فلا يكون إمّعة!! رسائل مغرضة تسعى للفتن والإيقاع بين الناس وبالذات الحياة الأسرية عن طريق الشرائح الموزعة والملقاة للبيع في الأسواق السوداء وهذه لابد من تحرك مسئول للقضاء عليها والتصدّي لها وقفل المحلات التي يثبت بيعها فيها أو القبض على موزعيها فهي لا تقل ضرراً عن الممنوعات لأنها ممكن أن تستغل فيما يمس أمن البلد والعائلات والمجتمع.. والجهات الأمنية لا يعجزها إيجاد حل للقضاء على انتشار هذه الظاهرة المؤسفة.. ولقد راجت رسائل هابطة فيها ما يخدش الحياء وهو تصرف خطير إذ لا يدرك الوالدان أن جيل اليوم حتى الصغار الذين بدأوا خطواتهم الأولى إلى المدارس يحسنون التعامل مع الجوالات ويفكون طلاسم الرسائل ويقرأونها وهو تسيّب يوقع البيوت في براثن حب المحاكاة من النشء الصغير والبحث والسؤال عن المعاني فيوردهم بدون - دراية أو وعي - المهالك إن تصدى لهم عديم الضمير والإنسانية ومهما حاول الأب والأم مسح الرسائل إلا أنه قد ينسى مع الانشغال في آمر آخر بعد قراءة الرسالة فلا يمسحها ويقع المحظور. [email protected] ص. ب 126007 جدة 21352