قال الضَمِير المُتَكَلِّم : التغطية الإعلامية التي صاحبت حادثة سيول محافظة جدة ، والمراكز والقرى التابعة لها ، وكذلك التي رصدت أحوال المواطنين الذين تم إبعادهم عن الحدود الجنوبية لحمايتها من المعتدين والمتسللين ؛ كشفت الغطاء عن مواطنين يعيشون تحت مستوى الفقر. هؤلاء المساكين وغيرهم من الذين يقطنون بعض المراكز والقرى في مناطق مختلفة تحاول أن تحتضنهم بيوت من الصفيح أو الخِيام ؛ ولكنها في الصيف تشوي بلهيب حرارتها أطفالهم ، وفي الشتاء تحول المكان من حولهم إلى قطعة من الجليد ؛ هؤلاء لا يبحثون عن الكماليات بل يرجون فقط إطعام أفواه جائعة ، ومأوى لطيور بللها مطر الحرمان ، وشردها جفاف الفقر. هؤلاء بُحّ صوتهم، وصورتهم المأساوية غابت عن المجتمع وجمعياته الخيرية، والمسؤول مع أحوالهم تجاهل الأمانة، ومارس نسيان الحكاية. وهنا سؤال عن دور الجمعيات الخيرية، والواقع يتهم: ربما الجمعيات يقتصر دورها على مساعدة فِئَة معينة من ساكني الأربطة والأرصفة من مخالفي نظام الإقامة. فهل شكل القائمون على الجمعيات الخيرية فريقًا قام بزيارة ميدانية للمراكز والقرى ليقف على التفاصيل بعيدًا عن التقارير والأرقام المكتبية ؟ والواقع مرة أخرى يَتّهِم : التقارير الميدانية غائبة والتنسيق والتواصل مع عمد الأحياء ورؤساء المراكز مفقود. وبما أن سِيَاق الحديث قد وصل إلى محطة رؤساء المراكز دعوني اسأل عن واجباتهم المنسية في إيصال أصوات هؤلاء الفقراء ، والحقيقة تقول : بعض رؤساء المراكز يُهَرول هنا وهناك ، ويُوَسّط هذا وذاك بحثًا عن المنصب ولقب المَشْيَخَة ؛ وما إن يتحقق المراد حتى يغفل سعادته عن رسالته ويتقمص دور شيخ القبيلة في المسلسلات البدوية ؛ مكتفيًا بالتنقل من مجلس لآخر يُجَرْجِر بِشْتَه منقادًا وراء ولائِم مائدتها صَفّ الكلام واجترار الماضي ؛ وفي النهاية يقولون هذا اجتماع على فِنْجَال وعُلوم رجال ؛؛ بينما علوم الرجال : أداء الأمانة والقيام بالرسالة والدقة في اختيار المسؤول. ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس : 048427595 [email protected]