نشرت جريدة المدينة قبل عدة أيام خبر بعنوان : (القبض على «سيارات بيع الحطب» أمام سوق الفحم بالمدينة)، و كأن هؤلاء المواطنون قد ارتكبوا جريمة بشعة يعاقب عليها القانون!، إنهم حقاً ضعفاء لم يجدوا مخرجاً من مقبرة البطالة إلا بجمع الحطب وبيعه، لينقذوا أنفسهم و أبنائهم من الجوع و الفقر، ولكن للأسف وجدوا أنفسهم أمام صدمة تقضي على مصدر رزقهم الوحيد، بعد أن كانوا بسعادة واستقرار و راحة البال، أصبحت حياتهم في قلق و حزن، وذلك لفقدانهم مصدر الرزق الوحيد، و هم الآن يوجهون نداءات لكل من يريد إنقاذهم بالبحث لهم عن وظيفة تكون مصدر رزق لهم بعد أن فقدوا مهنة آبائهم و أجدادهم. ولكن أليس نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نأكل من عمل يدنا و التعفف به عن سؤال الناس و التعرض للإعطاء ؟ أليس هو صلى الله عليه وسلم من أمرنا بالابتعاد عن سؤال الناس لما فيه من الذل و إهانة للنفس ؟ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)، و قال أيضاً صلى الله عليه وسلم : (اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة)، هذا هو ديننا الإسلامي يحثنا على الأكل من عمل اليد، لما فيه من فوائد دينية ودنيوية. المعروف منذ القدم أن الإنسان استخدم الحطب لإشعال النار لأجل التدفئة و طهي الطعام، قال تعالى : (أفرءيتم النار التي تورون، ء أنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون)، هاهو الحطب والفحم المستورد تم توزيعه على كافة أسواق الفحم، بعد أن كان السمر و الغضى ذو الرائحة الطيبة والأرطاء والأثل والسلم والعجرم والشوحط الأولوية في تواجدهم في أسواق الفحم، احتلت أماكنهم خشب البلاكاش و خشب القشرة وخشب الحبيبيي والخشب الليفي، ولكن هل منع بيع الحطب و الفحم المحلي و استبداله بالمستورد هو الحل الوحيد ؟ طبعاً ليس هو الحل فهناك حلولاً أفضل منها : الاحتطاب المقنن فهذا مفيد للبشرية و للأشجار أيضاً ومصدر رزق لكل من انغلقت في وجهه أبواب الوظائف – الحث على زراعة الأشجار في كل مكان و وضع مكافئات تشجيعية لمن يساهم في نشر زراعة الأشجار -توزيع مطويات و نشرات عن فوائد الشجرة- التهجين للأشجار التي يُخشى زوالها، وبذلك تصبح أرضنا خضراء زاخرة بعطائها الدائم لأبنائها حاضراً ومستقبلاً.