طالعتنا وسائل الإعلام -مؤخراً- بتقرير رقابي صادر عن هيئة الرقابة و التحقيق عن غياب و تأخر موظفي الدولة كما يشير إلى أن وزارة التربية و التعليم في صدارة سلم التسيب الإداري ب 11887 غائباً و 6166 متأخراً ليصبح عدد الغائبين و المتأخرين 18553موظفاً وذلك خلال الفترة من 1/1/1429 وحتى 3/1/1431ه (يالروعة الإنجاز !!) وهي إشارة تجعلنا نضع أيدينا على رؤوسنا من الألم و الدهشة؛ لا لأن نسبة الغائبين في التربية أكبر -إذ سبقتها أكثر من جهة و لكن لأن عدد الغائبين كان هو الأبرز 11887 من أصل 196867 موظفاً.. وقبل أن يسارع أحد المنافحين بالقول: إن عدد الغائبين منطقي بالقياس إلى العدد الإجمالي، نشير هنا إلى أن عدد الغائبين من وزارة الشؤون البلدية و القروية 6999 موظفاً من العدد الإجمالي البالغ 161858 موظفاً، كما بلغ عدد الغائبين من وزارة الصحة 7523 من أصل 255441 موظفاً (و لكم أن تلاحظوا الفرق!!) إن ما يؤلمنا تجاه هذا العدد من الغائبين من منسوبي التربية و التعليم هو ما تمثله هذه الوزارة، فهي مؤسسة أوكل لها المجتمع إرساء و غرس القيم و المثل الإيجابية. وزارة يناط بها أخطر و أسمى مهمة وهي تربية أبناء الأمة؛ و إذا ما أردنا أن نقرأ مستقبل أي أمة فلننظر إلى نظامها التعليمي وجودته لنحكم على مستقبلها، إن من يتأمل في تجارب الأمم و الدول التي أرادت أن تنطلق لتكون.. سيجد أن رهانها كان دائماً على التربية و التعليم؛ ولعل في دول شرق آسيا ما يؤكد ذلك..!!!! فيا سمو الوزير: هل من مراجعة لواقع التعليم و لوائحه و أنظمته المعمول بها حالياً وقد ثبت قصورها وعدم انسجامها مع المتغيرات و المستجدات. إذ لا زالت معاناة الوزارة تتكرر.. فهناك مدارس بلا مبانٍ، معلمون بلا حصص؛ وطلاب بلا فصول؛ و حصص بلا معلمين؛ و إشراف بلا تربويين؛ وتفتيش بلا إداريين، ومدارس بلا كتبة أو مراقبين، ومعامل بلا محضرين، وكادر بلا موظفين، ومعلمون بلا إشراف ؛ و مشرفون بلا صلاحيات ؛ ومدارس بلا إدارات و أنشطة بلا ساحات؛ و فصول بلا تجهيزات، و مناهج بلا... بل بشتى اللاءات.!! في وزارتكم يا سمو الوزير.. نابهون يحاصرون، و منمطون مقدمون، موهوبون يهملون، وتقليديون يصنعون، تتصارع تيارات، و تتعدد انتماءات، و مديرون بلا صلاحيات تتوازى مع ماينهضون به من مسؤوليات. في وزارتكم. أمن وظيفي يضرب بأطنابه فلم يعد يفرق بين متميزين ومتقاعسين، عاملين و مهملين.. فالكل سواسية و الأجر على الله!!!!. في وزارتكم.. لا زال كثير من المديرين يرشحون وفق الحاجة أو الأهواء أو الظروف.. دون وجود برنامج لإعداد القيادات، و لوائح تميز بين الفئات.. نعم يوجد مديرون يتسامون في العطاء لتحقيق المصلحة العامة.. نعم يوجد معلمون مخلصون متفانون منتمون، فكذلك... مديرون مقصرون متحيزون ومعلمون على الأنظمة بغية الغياب بأعذار أصبحت معروفة مألوفة يحتالون. في الوزارة مبانٍ مستأجرة، و جموع عن جريمة التفكير مستغفرة، وعقول إلى إطار التقليدية مستدرجة، إذ لا مناشط بالإبداع تتفرد، و لا مناهج بالرؤى تتنوع. يسوّق التكرار للجميع..لتسود ثقافة القطيع!! في وزارتكم يا سمو الوزير: لا زال يحدونا الأمل باستراتيجيات جديدة و أنت فارس في هذا المضمار، و بتعليم متوثب يؤسس للحوار و يجدد الأفكار، ومعالي نائبكم ابن معمر من الحوار قد جاء متشبعاً بأفكاره مخلصاً لشعاره.. في وزارتكم -وزارتنا- وزارة الجميع.. وزارة المستقبل الأمل.. لانزال تواقين لنزرع للتربية حديقة غناء، و للعلم حقلاً خصيباً. وللمعرفة واحة ظليلة. وصولاً لأنموذج جديد يقوم على العقل والتفكير والتجديد والتطوير. يلتف حوله الجميع بانتماء حقيقي لأشرف و أجمل رسالة تعنى بإرساء القيم و المثل والتنوير.. دون تأخر أو تكاسل أو توجس من التغيير.!!! نبضة تربية : باستطاعتك إجبار الجواد على ورود الماء.. لكن ليس باستطاعتك إجباره على الشرب من الماء!!.