العرب .. جهد مشترك وخلافات أيضا شهد العمل العربي المشترك بعض الانجازات الملموسة في عام 2009، فأطلق القادة الخليجيون مشروع الربط الكهربائي الاستراتيجي في قمة دول مجلس التعاون الخليجي الثلاثين التي التأمت في الكويت في الرابع عشر من ديسمبر، والمشروع يربط جميع دول المجلس بمشروع تنموي مكونا لبنة تحفيزية للمشاريع العربية التنموية، تلك المشاريع التى أعلن عنها العرب في بداية العام وأقروها رها في القمة العربية الاقتصادية الأولى التي عقدت في يناير في الكويت أيضا. وشهدت القمة الخليجية تأسيس الاتحاد النقدي الخليجي الذي يؤسس لإنشاء البنك المركزي الخليجي كبداية لإطلاق البرنامج الزمني للعملة الموحدة. بينما بقيت بعض الملفات الخاصة بالسوق الخليجية المشتركة والجدار الجمركي الموحد إلى جانب موضوع السكك الحديدية من الموضوعات التي تأمل دول الخليج أن ترى ثمارها في عام 2010. ووقف العرب إلى جانب الفلسطينيين في محنتهم في بداية العام عندما تعرضت غزة لعدوان غاشم، واعتبر مؤتمر القمة الاقتصادية في الكويت فرصة حقيقية لنصرة الفلسطينيين في غزة والوصول لإجماع عربي حول القضية الفلسطينية، وبحث سبل حلها ومواجهة الجرائم الإسرائيلية. ومن خلال القمة تم إنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة يتم تمويله من قبل الدول التي لديها صناديق سيادية ومعظمها يتركز بالخليج بحيث يوجه الصندوق إلى المتضررين من أهالي غزة ويقوم بدعم مشاريع تمويلية هناك تحت إشراف الجامعة العربية. وأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تبرع المملكة بمليار دولار للفلسطينيين ودعا لإنهاء الخلافات، بينما تعهد أمير الكويت بتقديم مبلغ 34 مليون دولار لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لتوفير احتياجات الشعب الفلسطيني. وكان وزراء الخارجية العرب اتفقوا على مشروع قرار عربي يدعو إلى فتح جميع المعابر وإنهاء الحصار في غزة، فضلاً عن التزام إعادة إعمار القطاع ودعم السلطة الفلسطينية ماليًا. ولأن العام 2009 لم يكن بعام السلام على الإطلاق في فلسطين، وخاصة مع استمرار العدوان الإسرائيلي ومصادرة الأراضي الفلسطينية والتوسع في عمليات الاستيطان، فقد بدأ الصبر العربي ينفذ حيال التمسك بالمبادرة العربية للسلام، وقد أعلنت المملكة بوضوح عن موقف العرب حينما إن أكد خادم الحرمين الشريفين أن مبادرة السلام العربية لن تبقى طويلاً على الطاولة، وأشار إلى أن إسرائيل أمام خيارين: الحرب أو السلام. وعبر جميع العرب عن هذا الموقف في القمة العربية التي عقدت في مارس في الدوحة، حيث طالب القادة العرب في بيانهم الختامي بضرورة تحديد إطار زمني محدد لقيام إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها تجاه عملية السلام والتحرك بخطوات واضحة ومحددة نحو تنفيذ عملية السلام القائمة على المرجعيات المتوافق عليها دولياً لاسيما مبادرة السلام العربية. وتضامن العرب خلال القمة مع الرئيس السوداني عمر البشير بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير على خلفية النزاع في إقليم دارفور بغرب السودان. ولكن على الرغم من الجهد العربي المشترك لم يسلم الأمر من خلافات عربية كالعادة في عام 2009، فتأزمت العلاقات إلى حد ما بين مصر ودول عربية مثل سوريا وقطر، وانقسم بعض العرب حول دور مصر المفترض حيث رأى البعض أن من واجبها أن تفتح معبر رفح أمام تدفق الفارين من وطأة القصف الإسرائيلي وبين آخرين يرون أن دورها الحقيقي يكمن في وساطتها للتوصل إلى تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، وبين هذا وذاك تعرضت الحكومة المصرية لانتقادات من جانب جهات عربية، وتغيب الرئيس المصري حسنى مبارك عن حضور القمة العربية التي استضافتها قطر، وأفادت التقارير الإخبارية التي تزامنت مع القمة أن الاتصالات لم تفلح في رأب الصدع بين القاهرةوالدوحة ما أدى إلى غياب مبارك عنها. وظهر موضوع المعابر مجددا الى السطح بعدما وردت أنباء عن شروع القاهرة في بناء جدار فولاذي مع غزة في ديسمبر لحماية أراضيها. ولكن على الرغم من بعض الانتقادات واصلت مصر جهودها لدعم غزة، فاستضافت مؤتمرا لإعمار غزة تعهد فيه المجتمعون بتقديم قرابة خمسة مليار دولار لإعادة إعمار القطاع ، كما واصلت جهودها لتوحيد الصف الفلسطيني ووصلت بوساطتها بين حركتي فتح وحماس وعبر عدد من جلسات الحوار إلى وضع ورقة للمصالحة وقعت فتح عليها بالفعل ولا تزال حتى الآن حماس تتحفظ عليها. ولعل أبرز الأحداث التي أدت لخلافات في هذا العام مباراتي كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم لكرة القدم، فبعد انتهاء المباراة الأولى في القاهرة غضب الجمهور الجزائري من الأحداث التي لازمت المباراة والتقارير الإعلامية التي تحدثت عن رشق حافلة المنتخب الجزائري بالحجارة فهاجم المتعصبون مقار شركات مصرية بالجزائر واتلفوا محتوياتها، وبعد مباراة فاصلة استضافتها الخرطوم برز احتقان شعبي غير مسبوق في مصر بعد ما تردد عن اعتداءات تعرض لها مصريون علي يد جماهير جزائرية في السودان، واحتشد مئات من المصريين بالقرب من مقر السفارة الجزائرية ودعوا إلى طرد السفير الجزائري وإغلاق مقر السفارة ، كما استعدت مصر سفيرها بالجزائر للتشاور. العراق.. سيادة وديمقراطية وعنف كان اليوم الأول من العام الجديد يوما مميزا للعراقيين بعدما تسلمت الحكومة العراقية السلطة بصورة كاملة من القوات متعددة الجنسيات تطبيقا لقرار مجلس الأمن القاضي بانسحاب قوات الأممالمتحدة متعددة الجنسيات من العراق بعد انقضاء عام 2008 وانتقال السلطات الأمنية إلى القوات العراقية.وفى اليوم الأخير من الشهر نفسه توجه ملايين العراقيين للادلاء بأصواتهم في انتخابات المجالس المحلية وسط إجراءات أمنية مشددة مع تسلم الحكومة العراقية من القوات الأميركية الملف الكامل لقوات مجالس الصحوة. وبعد أكثر من أربعة أشهر والعديد من الجلسات الفاشلة تمكن مجلس النواب العراقي لاول مرة في التاسع عشر من ابريل من انتخاب أياد السامرائي رئيسا له. ومع انتصاف العام وبالتحديد في الثلاثين من يونيو استكمل الجيش الأميركي انسحابه من المدن العراقية مسلما المهام الأمنية إلى القوات العراقية وأعلن هذا اليوم «يوم السيادة الوطنية». وبالرغم من موجات العنف التى تواصلت على فترات في العراق في عام 2009، كانت هناك بعض الأنباء السارة، حيث تمكن مجلس النواب العراقي في 8 نوفمبر وبعد مشاورات مكثفة وجلسات عديدة من إقرار قانون الانتخابات في العراق بأغلبية 141 عضوا من مجموع 195 عضوا حاضرين الجلسة. وقد نص القرار على اعتماد نظام القائمة المفتوحة على أن تشمل الانتخابات كل مدن العراق بما فيها مدينة كركوك وفق سجلات الناخبين لعام 2009. ووفقا للقانون الجديد سيقسم العراق إلى 19 دائرة انتخابية 18 منها داخل البلاد وواحدة إضافية للناخبين في الخارج. وحدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية في السادس من مارس 2010 بدلا من السابع والعشرين من فبراير. الإرهاب يطل مجددا كعادته المزعجة في كل عام اطل الإرهاب برأسه القبيح في عام 2009، وان كانت حدته وتأثيره قد خف إلى حد ما، ففي الثاني والعشرين من فبراير لقيت سائحة فرنسية مصرعها، وأُصيب نحو 21 آخرين، من بينهم 17 سائحاً أجنبياً، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في منطقة «الحسين» بوسط العاصمة المصرية القاهرة. وفي الخامس عشر من مارس فجر انتحاري نفسه في وفد سياحي كوري في محافظة حضرموت جنوب اليمن، ما أسفر عن مقتل أربعة سياح منهم ومواطن يمني وإصابة أربعة آخرين. وفى الثامن عشر من الشهر نفسه أقدم انتحاري على تفجير نفسه أمام موكب الفريق الأمني الكوري الجنوبي الذي كان متوجها إلى مطار صنعاء بعد زيارة إلى اليمن للاطلاع على سير التحقيقات في العملية. وفى الحادي والثلاثين من نفس الشهر خطف مسلحون قبليون سائحين هولنديين في احدى ضواحي العاصمة اليمنية صنعاء. وفى الصومال وفى الرابع من ديسمبر حصد الموت 19 شخصا بينهم 3 وزراء وأصيب وزير رابع بينما قتل مصور قناة العربية في تفجير قام به أحد الانتحاريين في فندق شامو. ولم يتوقف الارهاب عن تربصه بالولاياتالمتحدة في الادارة الجديدة، ففى السادس والعشرين من ديسمبر قالت السلطات الأميركية إن أحد ركاب طائرة قادمة من أمستردام إلى مدينة ديترويت حاول تفجير الطائرة، ولكن القنبلة لم تنفجر وألقي القبض عليه. وأوضح المسؤولون أن مواطنا نيجيريا له صلة بالقاعدة حاول تفجير شحنة ناسفة على متن الطائرة لدى اقترابها من ديترويت، ولكن الركاب وأفراد الطاقم تغلبوا عليه وهبطت الطائرة بسلام. رعب انفلونزا H1N1 وإذا كانت السياسة في بداية العام سببا في تفاؤل العالم بالمستقبل وخاصة مع التوجهات السلمية التي أبدتها الولاياتالمتحدة إلا أن هذا التفاؤل دمرته المخاطر الصحية التي برزت فجأة على السطح، ومن هذه المخاطر فيروس أنفلونزا الخنازير أو ما يطلق عليه H1N1 ، فقد تسبب هذا الفيروس في إحداث حالة من الرعب والهلع حول العالم، وتأثرت حركة السياحة العالمية بشكل غير مسبوق نتيجة الخوف من الإصابة بأعراضه. والقصة بدأت مع إعلان منظمة الصحة العالمية ظهور مئات الإصابات بأنفلونزا اتش1ان1 مع 60 حالة وفاة في المكسيك في الرابع والعشرين من شهر أبريل. وتحولت المكسيك لفترة وجيزة من الزمن دولة منبوذة عالميا عندما اكتشف فيها الفيروس الجديد لأول مرة.بل أن المكسيكيين الأصحاء كان ينظر إليهم بارتياب في الخارج ووصل الأمر إلى حد احتجاز بعضهم في الصين رغم عدم ظهور أعراض الإصابة بالفيروس عليهم. وبلغ الأمر إلى حد أن الفيروس أحدث توترا حتى على الصعيد الدبلوماسي حيث اشتكت المكسيك من قيام الأرجنتين وكوبا على سبيل المثال بتعليق الرحلات الجوية بينهما وبينها. وشيئا فشيئا هيمنت أخبار المرض على العناوين الرئيسية في صدر صفحات الصحف في سائر أنحاء المعمورة، وفى يونيو أعلنت منظمة الصحة العالمية رفع مستوى الإنذار إلى الدرجة السادسة والقصوى في مواجهة هذه الأنفلونزا التي اعتبرت أول جائحة عالمية في القرن الحادي والعشرين. وصار الفيروس بمثابة ظاهرة اجتماعية قوية حيث تساءل الناس عما إذا كان المرض ينتقل من خلال اختلاط البشر أو عن طريق السعال والعطس وهل لقاحه يمثل خطرا أم لا. محطات لافتة وإذا كان العالم قد توقف في عام 2009 في انتظار مرور آمال السلام ونبذ التطرف ويأمل في حدوث ذلك في عام 2010، فقد وقعت عدة أحداث لفتت انتباهه وكان لها تأثير واضح، ومنها على سبيل المثال خسارة وزير الثقافة المصري فاروق حسني ، منصب مدير عام منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) لصالح البلغارية أرينا بوكوفا، ومعاودة أسعار النفط العالمية للارتفاع في النصف الثاني من العام لتسجل ما يزيد عن 70 دولارا للبرميل، ووفاة نجم الغناء مايكل جاكسون عن 50 عاما اثر أزمة قلبية في الخامس والعشرين من يونيو. وهكذا مضى العالم بين جرعات للتفاؤل وبين صدمات متوسطة وعنيفة، وتأجلت الاحلام الساسية في الاستقرار والاقتصادية في تجاوز الأزمة العالمية كليا إلى العام الجديد، فهل يكون 2010 على قدر المسؤولية؟ أزمات اليمن.. وحرب ضد الحوثيين انطلقت شرارة الصراع بين السلطات اليمنية والحوثيين في الرابع والعشرين من يوليو عندما قتل سبعة جنود يمنيين في هجمات متفرقة نفذها مسلحون حوثيون ضد مراكز للجيش اليمني في محافظة صعدة الشمالية. وأعلنت الحكومة اليمنية في الحادي عشر من أغسطس بدء حملة عسكرية موسعة ضد مراكز الحوثيين في محافظة صعدة.واستمر القتال العنيف بين الجانبين مخلفا العشرات من القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين من جهة والجيش اليمني من جهة أخرى.وفي تطور مهم في الصراع بين الجانبين أعلنت السلطات اليمنية في السابع والعشرين من أكتوبر إنها ضبطت، مقابل السواحل اليمنية على البحر الأحمر، سفينة إيرانية تنقل أسلحة إلى المتمردين الحوثيين وعلى متنها خمسة إيرانيين وهندي تم اعتقالهم واستجوابهم.