برهنت كارثة جدة عمق التراحم والتكاتف الذي يربط بين أبناء المجتمع السعودي وتمسكه بأحد المبادئ الرئيسة التي جاء بها ديننا الإسلامي، وحضّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). فالحملات التي انطلقت بعد الكارثة من أبناء المجتمع علي إطلاقه تعكس هذه الروح العالية من التكاتف والترابط بين أبناء المجتمع السعودي. واليوم تنطلق حملة شعبية جديدة شعارها (أيادينا لكم)، وذلك لمساندة أهل جدة في محنتهم، ومد يد العون لمن تعرّضوا للسيل الذي جرف منازلهم وممتلكاتهم. وتهدف إلى سد الثغرات التي لم تصل لها الحملات التطوعية الأخرى بقصد التغطية الكاملة لاحتياجات المتضررين، وهي حملة يشارك فيها النساء والرجال من المتطوعين سواسية. إن مثل هذه الحملات تشير إلى جاهزية الناس للانخراط في كافة النشاطات التي تخدم المجتمع، ووضع جهودهم مع الجهود الرسمية التي تقوم بها الدولة. وهو ما يؤكد الحاجة إلى تنظيم هذه المشاركات الشعبية بشكل يجعل منها كيانات قائمة على قواعد تضمن توجيهها في طريقها المرسوم دون شطط أو شبهة استغلال -لا قدر الله- من أحد كان. وهي مناسبة هنا لمناشدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ضرب المثل الأعلى في التفاعل مع هموم الناس، وشاركهم آلامهم أن يشاركهم آمالهم بالأمر بإطلاق نظام مؤسسات المجتمع المدني ليكون إنجازًا جديدًا، يُضاف إلي إنجازات ملك الإنسانية لشعبه.