لعلّ أهم ما ميّز قمة الكويت الخليجية التي تنهي أعمالها اليوم، هو ذلك التطوّر النوعي فيما طُرح عليها من ملفات اقتصادية، وتقنية فنية وثقافية محددة، الأمر الذي مكّنها من ترجمة النوايا والأهداف التي أُنشئ من أجلها مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى مشاريع قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، بآلية عملية محددة وبما جدد الآمال أيضًا في أن تحقق القمة تطلعات الشعوب الخليجية التواقة للوحدة ولم الشمل، ومد جسور اللُّحمة والتواصل بينها بما يخدم مصالحها وآمالها المشتركة، وهو ما أمكن لمسه من خلال الملفات الرئيسة التي طُرحت أمام القادة الخليجيين على بساط البحث، وفي مقدمتها إطلاق الاتحاد النقدي الذي يفتح الباب أمام إصدار العملة الخليجية الموحدة عبر برنامج زمني محدد، والربط الكهربائي والموافقة على مشروع إنشاء شبكة السكك الحديدية المشتركة، والإستراتيجية الثقافية والتي شكّلت في مجملها أدوات الربط والأرضية المشتركة للبدء بصورة فعلية لإيجاد كيان خليجي موحد قادر على مواجهة التحديات، والتعامل مع الأزمات بفاعلية. مسيرة العمل الخليجي المشترك التي قطعت ثلاثة عقود لتؤكد على تواصل المسيرة الخليجية، تمضي قُدمًا نحو تحقيق أهدافها الخيّرة بين دول ست جمعها تاريخ وتراث مشترك، ومصير وحلم واحد، وخصائص بيئية وحضارية متجانسة، تؤكد على رابط العقيدة، ووشيجة العروبة وعلاقة الإخوة، وأواصر الدم التي تربط تلك الدول الشقيقة بعضها ببعض ضمن تجربة متفردة توفرت لها عوامل النجاح والاستمرار بشكل غير مسبوق في تاريخ التجارب الوحدوية العربية المعاصرة بما حققته -ولا تزال تحققه- من إنجازات على صعيد التعاون والتكامل في كافة المجالات التي تُعنى بتطلعات المواطن الخليجي، وتفعيل الخطوات والإجراءات التي من شأنها تسهيل تعامله في أي بلد خليجي، كما لو كان مواطنًا في أي بلد منها، مع العمل بكل ما يتوفر من جهد وإمكانات من قِبل قادة دول المجلس على تحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول المجلس التي تعتبر النواة الحقيقة للوحدة الخليجية التي تشكل حلمًا يراود هذا المواطن حتّى مطلع فجر تلك الوحدة.