طالب د. سعد الزنط مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وعلوم الاتصال بالقاهرة بايجاد نظرية جديدة لفن التفاوض يتم تطويعها مع قواعد الدين الاسلامى لزرع ثقافة أخلاقيات الاتصال الاسلامى ، لتغيير الفلسفيات وملامح الثقافات القائمة،لافتاً أنها أصبحت تناحرية أكثر منها توفيقية وفوضوية أكثر منها موضوعية. وأكد الزنط فى كتابه الصادر حديثاً بعنوان "أخلاقيات الاتصال فى الاسلام تطبيقاً على كفاءة التفاوض"أهمية علم التفاوض فى الحياة من زاويتين الاولى ضرورته حيث نعيش عصر المفاوضات سواء بين الافراد أو الدول أو الشعوب باعتبار أن جميع جوانب حياتنا هى سلسلة من المواقف التفاوضية،والأخرى هى حتميته،لافتاً أن علم التفاوض يستمد حتميته من كونه المخرج أو المنفذ الوحيد الممكن استخدامه لمعالجة القضية التفاوضية والوصول بها الى حل للمشكلة المتنازع بشأنها. خاصية للأخلاق وبين د. سعد الزنط فى الفصل الثالث "الاسلام واخلاقيات الاتصال" حول أركان الاسلام ومبادئ الأخلاق أن الاسلام أفرد فى نصوصه خاصية للأخلاق وتربية النفس وجعل لها الصدارة عن كثير من العبادات المادية الظاهرة وقدمها كيلا يخالف ظاهر المسلم باطنه وتتحول عبادته الى مواقف تمثيلية ترديه الى الهاوية،لافتا ان رسول الله الكريم حدد الاخلاق الغاية الاولى من بعثته والنهاج المبين فى دعوته،فكأن الرسالة التى خطت مجراها فى تاريخ الحياة وبذل صاحبها شغلاً كبيراً فى مد شعاعها وجمع الناس حولها ، لا تنشد أكثر من تدعيم فضائلها ،وأن الصلاة والصيام والزكاة والحج هى مدارك الكمال المنشود وروافد التطهر الذى يصون الحياة ويعلى شأنها،ولهذه السجايا الكريمة التى ترتبط بها أو تنشأ عنها أعطيت منزلة كبيرة فى دين الله.. الطرق العلمية وفى باب الحوار فى الاسلام أشار مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وعلوم الاتصال الى ان أصول الحوار فى الاسلام الاول سلوك الطرق العلمية واتزانها ومنها تقديم الأدلة المثبته أو المرجحة للدعوى وصحة تقديم النقل فى الامور المنقولة ،وفى هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة "ان كنت ناقلا فالصحة،وان كنت مدعيا فالدليل"والثانى سلامة كلام المناظر ودليله من التناقض،فالمتناقض ساقط بداهة،والثالث ألا يكون الدليل هو عين الدعوى،لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلا ولكنه اعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى ، موضحا أن بعض المحاورين عنده براعة فى تزويق الالفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يورد دليلا ،وواقع الحال أنه إعادة للدعوى بلفظ مغاير وهذا تحايل فى أصول لإطالة النقاش من غير فائدة،والأصل الرابع الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة وهذه من الثوابت قد يكون مرجعها أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين كحسن الصدق وقبح الكذب وشكر المحسن ومعاقبة المذنب، أو تكون مسلمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك، حوار صحى وتضمن الأصل الخامس من أصول الحوار فى الاسلام أهلية المحاور،مشيرا الى أنه ليس كل أحد مؤهلا للدخول فى حوار صحى يؤتى ثمارا يانعة ونتائج طيبة،والذى يجمع كل ذلك :العلم" فلا بد من التأهيل العلمى المختص للمحاور،مؤكدا أن كثير من الحوارات غير النتيجة مردها الى عدم التكافؤ بين المتحاورين،والأصل الخامس خصه د. سعد الزنط الى قطعية النتائج ونسبتها،لافتا أن المهم فى هذا الاصل ادراك أن الرأى الفكرى نسبىٍ الدلالة على الصواب والخطأ،والذى لا يجوز عليهم الخطأ هم الانبياء،وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة الشهيرة "رأيي صواب يحتمل الخطأ،ورأى الآخر خطأ يحتمل الصواب. وذكر د.سعد الزنط فى كتابه أخلاقيات الاتصال فى الاسلام أن هناك عدة أداب للحوار فى الاسلام منها التزام القول الحسن وتجنب التحدى والافحام،والالتزام بوقت محدد فى الكلام،وحسن الاستماع وأدب الإنصات وتجنب المفاطعة،وحصر المناظرات فى مكان محدود والاخلاص. كفاءة التفاوض وحول نظرية كفاءة التفاوض الملائمة التى يمكن تطويعها لزرع ثقافة أخلاقيات الاتصال المستمدة قواعدها من الدين الاسلامى قال د. سعد الزنط أن المفاوضات تعتبر أداة رئيسية فى حل النزاعات وصنع الأمن والأمان ونشر روح الصداقة والألفة وإعطاء فرصة للأطراف المختلفة لتتلاقى لتحقيق هدفها فى العيش بسلام،موضحا أن التفاوض فى الاسلام من أرقى أساليب الحوار المتبعة ما بين المسلمين وبعضهم البعض وبين الآخرين،والذى يهدف الى الحوار المتمدين والحضارى والى ايجاد الارضية المشتركة واعطاء كل ذى حق حقه ،تحقيقا للعدل الذى هو ركن أصيل من الأركان الذى بنى عليها الاسلام ،مضيفاً أن منهج الاسلام يتضمن حقيقة هامة هى أن الانسان بطبعه يرتبط بغيره من أبناء وطنه ومعارفه بكثير من الروابط الاجتماعية ،حيث أن الانسان اجتماعى بفطرته،والاسلام أقام هذه العلاقات على أساس من العدالة والمودة التى أمر بها الناس جميعاً،وذلك على أساس البر والتعاون على الخير . وأشار الباحث الى أنه وفقاً لنظرية كفاءة التفاوض الاسلامى فإن كفاءة التفاوض الاخلاقى المبنية على التعاليم الاسلامية مقسمة الى خمسة نطاقات ،يحوى كل نطاق على مهارات فرعية تشكل المهارة الرئيسية،مبيناً أن النطاقات تتضمن النية والتحضير والتعلم والتنفيذ والتقييم،موضحاً أن مهرة استحضار النية للدخول فى مفاوضات أخلاقية رابحة بأن يخلص المفاوض النية لله ،ويكون هدفه رفعة الاخلاق التى حتماً ستضمن له مخرجاً رابحاً له ومن أمامه فى الحوار. إيضاح الحق وذكر الزنط أن من آداب الحوار أن يكون قصد المحاور إيضاح الحق وتثبيته دون المغالبة للخصم،وأنه عندما توجد النية الصادقة والاخلاص الصافى يكون المرء مستعداً لبدء التحضير لمفاوضات راقية على مستوى عال من الآداء والأهداف،أما مهارة التحضير وإيجاد أرضية للمفاوضات الأخلاقية الهادفة فقد يختلف المفاوضون فى مسائل عديدة وليس فى مسألة واحدة،ثم يحدث الحوار بين الطرفين فى مسائل الخلاف مجتمعة فينقل عملية التفاوض من مسألة الى أخرى دون الاتفاق على المسألة الأولى،فيتشعب الحوار ويطول فى أمور بعيدة عن الهدف ،فيكون الكلام عائماً سائباً لا ينتهى لنتيجة. أما النطاق الثالث مهارة التعلم عن مواقف الآخر ومواقف الذاتية فيقول الباحث عندما لا يملك الناس القوة لإملاء الحل المنشود من قبلهم فإنهم يلجأون عادة للمفاوضات عندما يقتنعون أن فى صالحهم القيادة بذلك ومن اجل وضع استراتيجية مناسبة ينبغي للمفاوض معرفة موافق الصالحة وكذلك مواقف ومصالح الطرف الآخر والقضايا الملحة والحلول البديلة . ووضع الزنط عدة خطوات استراتيجية أخلاقية يتطلب القيام بها أهمها التأمل فى أفضل مخرج ممكن لكلا الجانبين والتحديد للبديل الأفضل والثمن المدخر لكل من الجانبين وذكر أن النطاق الرابع مهارة ممارسة التفاوض الأخلاقي الفعال يتطلب الانتباه إلى العديد من المهارات الفرعية والفنون التى تساعد فى المهمة التفاوضية وتساهم فى إقناع الطرف الأخر بناء على أرضية مشتركة والوصول مع مشاعر الآخرين ومهارة التعامل مع موقف الآخرين وتخط عدم رضا الآخرين ومهارة تقليل قسوة الآخرين والتأدب وعدم الإساءة . وانتهى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وعلوم الاتصال د. سعد الزنط النطاقات بمهارة تقيم نتائج التفاوض والاخلاقى والعوائد المشتركة المحققة , مشيراً إلى ان عمل هو الفعل الواجب بعد إتمامه وذلك بغرض إعادة النظر في مهارتنا المتعلقة بكفاءة التفاوض ومواقفنا الأخلاقية المتبناة ومواقف الغير اتجاه هذه المهارات والمواقف مؤكداً أن هناك معايير مناسبة لتقييم التجربة التفاوضية فى النطاقات المذكورة أهمها هل حققت الهدف؟ هل حقق من أمامك هدفه . هل تم إرضاؤك أمامك أدبياً وماديا ونفسيا ما المهارات التى لم تمارسها باقتدار كما يجب ذلك ؟ وماذا تعلمت من الموقف وماذا أضافت لك التجربة إذا اتيحت لك الفرصة لتعود لطاولة المفاوضات من جديد هل لاستقبلها ولماذ ؟ وماذا صعقك عندك تحديدا من مهارات أد بالحوار والاختلاف ؟ هل ت؟ن انك استفدت لدرجة أنك تستطيع نقل هذه الاستفادة لزملائك ومعارفك ؟ إذا دخلت في موقف مماثل ماذا كنت ستفعل من جديد ؟ دائما رابح واختتم مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وعلوم الاتصال كتابه بعدة توصيات أهمها الاستعانة بأهل العلم كل فى تخصصه لتطوير كفاءة التفاوض الاسلامى،والتركيز على زيادة الوعى بأهمية إيجاد لغة الحوار الأخلاقى ما بين أفراد المجتمع كافة،وكذا تعظيم الشعور بالمسئولية على الصعيد الفردى والذاتى من جراء التقصير والتساهل فى الدخول فى اتصالات غير أخلاقية لا تستهدف تحقيق نتائج كسب/كسب.،كما طالب بأن تلعب وسائل الإعلام دوراً حيوياً فى التأثير الايجابى على الوعى الاتصالى الاخلاقى لدى الجمهور،وأيضا الاهتمام بالتنسيق العام والتخطيط السليم والتقويم الدورى والأبحاث والتطوير المستمر بهدف تنمية أخلاقيات الاتصال الاسلامية لدى الشعوب العربية.