رفع عدد من القضاة والأكاديميين شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على تصديه القوي لكارثة سيول جدة وتوجيهاته الكريمة بتحديد المسؤولية والمسؤولين عنها من خلال لجنة تم تشكيلها للتقصي والتحقيق ومحاسبة كل مقصر أو متهاون. وقالوا في بيان وقعه 54 قاضياً وأكاديمياً أن من أسباب الكارثة الفساد الإداري وما نتج عنه من صرف للمال العام بغير وجه حق وتضييع حقوق المواطنين من خلال عدم تنفيذ المشاريع أو تنفيذها بمواصفات أقل. وطالبوا بسرعة تنفيذ توجيهات المليك المفدى وإعلان النتائج بكل شفافية ووضوح محذرين من السكوت على أي مفسد مهما بلغ منصبه وموقعه. وشددوا على ضرورة تولية أهل الأمانة وتفعيل الأنظمة الكفيلة بالمحاسبة والرقابة بشكل دائم، إعادة تخطيط جدة وفق أعلى مواصفات ومقاييس المدن العالمية المتطورة، وكذلك الخدمات والعدل في توزيعها بين الأحياء. وناشدوا رجال الأعمال والموسرين الوقوف بجانب إخوانهم المتضررين ومساعدتهم تحقيقاً لمبدأ التكافل الاجتماعي. وفي ما يلي نص البيان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل «إنما المؤمنون إخوة»، والصلاة والسلام على القائل: «المسلم أخو المسلم، لا يسلمه ولا يخذله، ومن كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته»، وبعد: فقد أحزننا وآلمنا ما أصاب أهلنا وإخواننا وجيراننا في محافظة جدة من وفيات وإصابات وخسائر كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة، نتيجة لأمطار لا يمكن وصفها بالكارثية ويحدث أكثر منها في دول أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات؛ ولا ينتج عنها أضرار مفجعة على نحو ما حدث في جدة، وذلك كما وصفها قرار خادم الحرمين الشريفين وفقه الله لكل خير. وإننا إذ نشاطر إخواننا أحزانهم لنسأل الله تعالى أن يجبر مصاب الجميع ويعوض كل من فقد حبيبا أو قريبا، وأن يكتبه عنده من الشهداء، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الغريق شهيد». وإننا أمام هذه الكارثة المفجعة نبين ما يلي: أولا: نوجه شكرنا لمقام خادم الحرمين الشريفين على قراره بهذا الخصوص والمتضمن التصدي لهذا الأمر وتحديد المسئولية فيه والمسئولين عنه، ومحاسبة كل مقصر أو متهاون، وتشكيله لجنة للتحقيق وتقصي الحقائق. ثانيا: إن من أسباب الكارثة عدم التخطيط الجيد لمحافظة جدة في عدة مجالات منها تصريف السيول والصرف الصحي وعدم مراعاة أماكن الأودية وغيرها، ومن الأسباب أيضا الفساد الإداري وما ينتج عنه من صرف للمال العام بغير وجه حق من جهة، وتضييع لحقوق المواطنين من جهة أخرى، وذلك من خلال عدم تنفيذ المشاريع أو تنفيذها بمواصفات أقل. ثالثا: لقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع الإسلامي بأهل السفينة التي يجب على أفرادها المحافظة على سلامتها، والأخذ على يد من يريد بها سوءاً، ومن هذا المنطلق فإننا نحذر أنفسنا جميعا من مغبة الذنوب والمعاصي، وكذا السكوت على أي مفسد مهما بلغ منصبه وموقعه. رابعاً: نذكر إخواننا المسلمين بأهمية التضرع إلى الله وصدق اللجوء والدعاء والاستغفار والتوبة والإنابة إليه، لعل الله عز وجل أن يدفع عنا البلاء والمصائب، قال تعالى: «ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون، فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون». خامساً: وبناءً على ما سبق، فإننا نطالب بما يلي: - إننا إذ نؤيد قرار خادم الحرمين الشريفين وفقه الله، لنطالب بسرعة تطبيقه وإعلان النتائج بشفافية ووضوح، وإعطاء كل ذي حق حقه. - نناشد ولاة الأمر بتولية أهل الأمانة والقدرة تحقيقا لقوله تعالى: «إن خير من استأجرت القوي الأمين»، وتفعيل الأنظمة والمعايير الكفيلة بمحاسبته ورقابته بشكل دائم. - إعادة تخطيط محافظة جدة وفق أعلى المواصفات والمقاييس العالمية للمدن المتطورة. - إيجاد المشاريع الخدماتية الخاضعة لأعلى المواصفات والمقاييس التي تخدم الناس بعيدا عن الغش والإهمال والمحاباة، وجعل راحة المواطن هدفا للجميع. - يجب أن تؤدي اللجنة التي وكلها ولي الأمر بالتحقيق في هذه الكارثة مسئوليتها بأمانة وخوف من الله وأن تقوم بوضع الأمور في نصابها الصحيح. - العدل في تقديم الخدمات والخطط التطويرية بين أحياء المحافظة، فمن الظلم الاهتمام بأحياء معينة وإهمال وتهميش أحياء أخرى وتعريض أهلها للخطر. - منع المظاهر العامة للمنكرات وتعزيز دور هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاهتمام بالمناشط الدعوية النافعة، فإن الذنوب والمعاصي من أكبر أسباب نزول البلاء قديما وحديثا، قال تعالى: «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير»، وقال تعالى: «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب». - ندعوا إخواننا رجال الأعمال والموسرين إلى الوقوف بجانب إخوانهم المتضررين ومساعدتهم تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي الذي حث عليه ديننا الحنيف. - نهيب بإخواننا الأئمة والخطباء وطلبة العلم والقائمين على الجمعيات الخيرية القيام بواجبهم الشرعي تجاه المجتمع وذلك بحث الناس على تحقيق معاني الأخوة الإسلامية من مد يد العون لكل محتاج إليه، ومساعدة كل متضرر، والمحافظة على الممتلكات الخاصة والعامة، ومواساة المتضررين والمكلومين. - نذكر إخواننا المتضررين بأهمية الإيمان بالقضاء والقدر، قال تعالى: «إنا كل شيء خلقناه بقدر»، واحتساب الأجر والصبر على البلاء لقوله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن»، وأن ذلك لا ينافي المطالبة بحقوقهم الخاصة والعامة. نسأل الله الرحيم الرحمن أن يحفظ البلاد والعباد من كل مكروه، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان، وعلى جميع المسلمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.