لقد تجمعتم من كل فج عميق بلباس واحد وقلوب موحدة إلى رب واحد لا شريك له حيث تسكب العبرات رجاء في عفو من الله ومغفرة .. فعليكم بالسكينة وعدم التدافع ، بل الالتزام بخطط التنظيم وكل سبل الوقاية الصحية وغيرها غدا بمشيئة الله تعالى تقف جموع الحجيج على صعيد عرفات الصعيد الطاهر تحفهم عناية الله في خير يوم طلعت فيه الشمس وأنزل الله تعالى فيه (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) وقد هيأت المملكة من أجلهم كافة الطاقات البشرية والإمكانات وفق خطط محكمة يقوم عليها عشرات الآلاف من أبناء هذا الوطن عسكريين ومدنيين ترى في على محياهم الرضا ، ويستعذبون التعب سرورا بأداء هذا الشرف العظيم ، في انضباط دقيق . هذا ما تقوم به الدولة وكافة القطاعات المعنية بالحج من أبناء هذا الوطن ، وهي مسؤولية كبيرة تعتز بها المملكة . وأود أن أشير هنا إلى جانب آخر هو دور الحجاج من ناحية ودور المواطن من ناحية أخرى . أبدأ بالمواطن وتحديدا أهالي مكةالمكرمة والمدينة المنورة ، حيث يعمل معظمهم في خدمة الحجاج والزائرين من خلال أنشطة مختلفة ، فعليهم أن يكونوا عونا لجهود الدولة بروح الإيثار وليس الأثرة ، لمصلحته الشخصية فقط .. فرجال الأمن بمختلف مجالات عملهم من شرطة ومرور ودفاع مدني وجوازات يقومون على التنظيم وأمن وسلامة الحجاج ، ولذا على المواطن وأيضا المقيم أن لا يكونوا عبئا في تحركاتهم وأشغالهم على هذا التنظيم .. يجب أن تكون قلوبنا جميعا على البلد وعلى دوره في هذه المهمة العظيمة . نعم .. هذا بلدنا ويجب أن نعزز الجهد ونكمل الصورة بالحفاظ على التنظيم لضمان راحة الحشود ، وإفساح الطريق وعدم إشغاله أمام سيارات الخدمة العامة والطوارئ ونقل الحجاج ، كذلك الحفاظ على جوهر رسالة هذا البلد في خدمة ضيوف الرحمن ، بعدم الاستغلال أو الجشع في الأسعار ، وعدم التهاون في سلامة ما يقدم من خدمات أو تسويق بضائع أو أغذية غير سليمة في مواصفاتها ، وأن لا ننسى الرقيب الحسيب سبحانه ، وأن يكون الجميع عونا للأجهزة الرقابية وليس عبئا عليها ، خاصة في المدينتين المقدستين والمشاعر ، وأيضا عدم المغالاة من الأفراد أصحاب الحافلات الأهلية في أسعار النقل بين المشاعر المقدسة أو بينها وبين مكةالمكرمة ، خاصة وأن الكثير من الحجاج يلجأ إليها بصفة فردية لرغبتهم أيام التشريق في التوجه من منى إلى مكةالمكرمة والحرم الشريف وقضاء بعض الوقت هناك ثم العودة إلى مخيماتهم ومجموعاتهم . أما ضيوف الرحمن فهي كلمات حب إليهم ورجاء : أنتم محل ترحاب من بلد الحرمين الشريفين قيادة وشعبا ، ومليك هذه البلاد المفدى بجواركم ، يتابع ويوجه حفظه الله - بكل ما فيه راحتكم وولاة الأمر ورجال الدولة والمسؤولون متفرغون لهذا الهدف وهذا الشرف العظيم .. ولا تخفى عليكم هذه الجهود بل تعايشونها لحظة بلحظة وعلى مدار الساعة ، حيث كل يؤدي دوره بإخلاص ، فأبناء هذا البلد مجندون لرعايتكم ويسهرون على أمنكم وخدمتكم وصحتكم وسلامتكم وإقامتكم وتنقلاتكم ، لذا يأمل بلد الحرمين الشريفين روح التعاون في كل ما يؤدي إلى إنجاح الخطط والتجاوب مع كل جهد يستهدف راحتكم في التفويج تصعيدا ونفرة ، وكي لا يعكر صفوكم أمر في أقدس البقاع ورحلة الطهر والإيمان التي من أجلها تركتم الأهل والأوطان . إن التعاون من معاني الحج لأنه يجسد الإخاء وروح المودة والتسامح ، وفيه التقوى ((فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )) كما قال تبارك وتعالى . ومن معاني الحج وموجباته فضيلة التراحم بأن يساعد القوي الضعيف ويحافظ عليه وعلى سلامته من أخطار الزحام ، فأكثر ما يعرض الحجيج للخطر هو التزاحم والتدافع ، خاصة عند رمي الجمرات وفي الطواف والسعي ، لقد تجمعتم من كل فج عميق بلباس واحد وقلوب موحدة إلى رب واحد لا شريك له حيث تسكب العبرات رجاء في عفو من الله ومغفرة .. فعليكم بالسكينة وعدم التدافع ، بل الالتزام بخطط التنظيم وكل سبل الوقاية الصحية وغيرها.. والله نسأل أن يتم عليكم نعمته بالحج المبرور والعودة سالمين غانمين .. وكل عام والجميع بخير .