دعا خبير اقتصادي قطاع الأعمال السعودي إلى تغيير نظرته ومفاهيمه التقليدية التي لم تعد تنسجم مع المتغيرات العالمية السريعة في عالم التجارة والإدارة والأعمال. واعتبر مدير دار الخليج للبحوث والتطوير المالي ومستشار هيئة السوق المالية الدكتور توفيق السويلم في المحاضرة التي نظمتها لجنة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وافتتحها رئيس مجلس ادارة الغرفة، وبحضور رئيس اللجنة خلف الشمري أن الاندماج والاستحواذ هو الخيار الأنسب للشركات في هذه المرحلة إذا أرادت أن تتبع المنهج الحديث في إدارة أعمالها بعيداً عن المنهج العاطفي والعائلي وبشروط علمية وعملية تناسب حجم اقتصاد المملكة الكبير. وقال إن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية بالإضافة إلى حقائق ومعطيات مهمة يتميز بها الاقتصاد السعودي يحتم المسارعة إلى الأخذ بمنهج الاندماج أو الاستحواذ ضمن حركة تغيير وتحديث واسعة لهياكل ومكونات منشآت الأعمال في المملكة. وقال د. السويلم: ليس من المعقول في بلد يقوم بتصدير منتجاته بنجاح وبتنافسية رفيعة إلى 142 دولة يومياً وبه تنوع في السكان يصل إلى 127 جنسية أن تظل الأسواق فيه متمسكة بنمط الدكاكين الصغيرة وبقالات الأحياء المنزوية والإدارة العاطفية غير الربحية وغير ذلك من المظاهر التي لم تعد تناسب أو تنافس المكونات الكبيرة في عالم الأعمال. واعتبر د. السويلم أن وحدات الأعمال الصغيرة والمتناهية الصغر مثل البقالات والمكاتب الهندسية والخدمية بمختلف أشكالها وألوانها المنتشرة في شوارعنا ومراكزنا السكانية أصبحت تمثل خطراً على اقتصادنا، مشيرا إلى انه آن الأوان لان تتحول هذه الأجسام الصغيرة إلى شركات حقيقية عبر الاندماج أو الاستحواذ في تحالفات واسعة وعلى مستويات متعددة. وأضاف: إن المتابع لأعراض هذه المخاطر يستطيع أن يلحظ يومياً أخباراً عن مظاهر الاندثار والتفكك لمنشآت عائلية كانت في السابق تملأ أفق التجارة والأعمال لكن اختفاء مؤسسيها من الرعيل الأول كشف هشاشة بنائها الداخلي. وأورد د. السويلم بعض الأمثلة على هذه الظواهر دون ذكر أسماء مؤسسيها فقال: هناك منشأة عائلية استطاعت أن تؤسس 80 شركة تابعة لها لكنها اليوم آيلة للاضمحلال بعد وفاة مؤسسها، وشركة عائلية بنت برجاً معمارياً كبيراً بتكلفة بلغت نحو 1،3 مليار وهي الآن في طور تفكيك هذه المنجزات الضخمة. وانتقد د. السويلم المفردات الثقافية السالبة التي أنتجتها بيئة التجارة والأعمال بمفهومها القديم مثل التوصيفات التي نطلقها على الشركات بأنها وطنية أو أجنبية فهذه المفردات لم تعد ذات قيمة في مفاهيم الأعمال العصرية فالعالم لا يسألك عن جنسيتك وإنما فقط عن مؤهلاتك ومميزات منتجاتك، ويجب أن يتخلص مجتمع الأعمال من مثل هذه المفاهيم العاطفية لأن العالم لا يعترف بها، وهناك شواهد وأمثلة على ان الاندماج ليس المقصود منه فقط انصهار المؤسسات الصغيرة فيما بينها بل نقرأ كل يوم اندماجات واستحواذات لشركات كبرى تتعدى رؤوس أموالها الناتج الإجمالي لدول كاملة مثل ماكدونالد ، CNN ، البوينج ، وغيرها ، وهو ما يعني أن الأسس التجارية والربحية هي وحدها التي تقوم عليها فكرة الاندماج. ويرى د. السويلم أن أهم العوامل وراء بطء القناعة بالاندماج والاستحواذ في المملكة هو نقص الوعي وتقاليد الاستفراد وسيادة المزاج الفردي والأبوي في بيئة الأعمال لكن الجيل الجديد قد بدأ يعى صعوبات التفرد والسيطرة على الأعمال بالأسلوب القديم وبدأ يتبلور وعي ثقافي بأهمية المؤسسية في إدارة الأعمال كاختيار وحيد لمنهج إدارة المخاطر المستقبلية التي تواجهها المنشأة. وشرح السويلم المعايير وخطوات التقييم في حالة الدمج بين منشأتين وهي تقوم على دقة السجلات والاطلاع على الخلفيات العامة لنشاط الشركتين والأصول الثابتة ومكررات الربحية والمشاريع المستقبلية والموارد البشرية والتسويق وقنواته ونوع وحجم العملاء والمراجعة المالية والقانونية.