لم أستغربْ تلكم الأريحيةَ التي غمَرَنا بها سمو الأمير خالد الفيصل حين وجَّه –رعاه الله- بنقل المريض عبده محمد عسيري المنوّم في أحد المستشفيات في محايل عسير جرَّاء تعرّضه لجلطة دماغية إلى مدينة الملك عبدالله الطبية بمكةالمكرمة، استجابةً لطلب ابن المريض: شبَّاب عبده عسيري. لقد جاء هذا الموقفُ النبيلُ من سموه ليترجم أخلاقَ الكُبار ممن علا كعبُهم منصباً ومكانة، فشاعت أدبياتهم في استشعار هموم المواطنين وتفقُّد أحوالهم ومد أيادي العون لهم لإقالة عثراتهم وقضاء حاجاتهم ومشاركتهم أفراحَهم في السرَّاء والضراء، مسترشدين بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله في عون العبد ما دام العبدُ في عون أخيه" . لقد جسّد سموه هذه المعاني النبيلةّ كلها في منظومة مواقفه الأصيلة المحفورة في ذاكرتنا الجمعية، ولم تكن استجابتُه لنداء المواطن إلّا قطرةً من بحر عطائه الذي لا ينضب، فقد كرَّس حياتَه لخدمة وطنه ومواطنيه، الذين أحبهم فبادلوه حباً بحب ووفاءً بوفاء. لقد عرفتُ سمو الأمير خالد الفيصل عن كثَبٍ في ظل معايشة قريبة كان خلالها والدي معه منذ أربعين عاماً، لذا لم أستغرب هذه الاستجابة السريعة من سموه الكريم، فهو الشاعر الأصيل الذي جعل (الشعر فن العقل)، ورسم بكلماتِه أجمل اللوحات المزدانة بألوان الحب والولاء والعطاء المُجللة برقّة الإحساس ورهافة الشعور. وكأني في هذا الموقف أسبرُ أغوارَ مشاعره الفياضة -يحفظه الله- حين أشادَ في إحدى قصائده بالمواطنين السعوديين فقال: حُييتَ يا شعب المواقف والأفعال أصبحت في دنيا العرب مضرب أمثال يا مذهل العالم بقوة ثباتك ما اهتز لك طرف ولا شان لك بال شعب الوفا والطيب وأهل الشجاعة ما همّهم حاقد وكاذب ودجال. نعم.. أحببناك يا سمو الأمير بحجم هذه الدفقات من سيول الحب التي تسكن قلبَكم لهذا الشعب الوفي. لقد كنتم البدر الذي يُستضاء بنوره، فتسابقنا إلى حبكم، ولهجتْ ألسنتُنا بالدعاء لكم، مرددين سوياً ما قاله أبو الطيب المتنبي: إن كان يجمعُنا حُبٌ لغُرّتكم فليت أنَّا بقدرِ الحبِ نقتسمُ. شكراً سمو الأمير بحجم رقة حسِّكم ورهافة مشاعركم التي استشعرناها في نبض كلماتكم وسرعة تفاعلكم.. شكراً يا من غمرتمونا بدماثة خلقكم حين قلتم بإيجاز بليغ خلال تدشينكم معرض مشروعات مكة الرقمي في قبة جدة: "الشكر لمن حضر، والعذر لمن اعتذر، والتهنئة لمن أبدع وابتكر". شكراً بحجم هذا العطاء وهذه المرتكزات التنموية التي تفتخر بها منطقة مكةالمكرمة في ظل استراتيجية (بناء الإنسان وتنمية المكان) التي وضعتم لَبَناتِها الأولى، فسارت في ركب البناء التنموي في ظل رؤية الدولة 2030. شكراً على حُسن التخطيط وروعة التنفيذ وجودة المتابعة ودقة الانضباط. وإن كان خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله قد أنعم عليكم بوشاح الملك عبدالعزيز الذي استحققتموه بامتياز، فإننا نستلهم دلالات هذا التقدير الكبير من مقامه الكريم يحفظه الله لنضع بين يديكم الكريمتين وشاح حُبنا وتقديرنا لكل هذه العطاءات الممتدة بلا حدود. بوركتم سيدي وبوركت جهودكم، وحفظ الله بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين يحفظهما الله.