قال الباحث في تاريخ المدينةالمنورة ومعالم السيرة النبوية عزالدين المسكي ل(المدينة) إن إقامة فعاليات ودورات عملية متخصصة لتعليم قراءة الخطوط العربية القديمة سوف تساهم في زيادة معرفة النقوش والتعرف على مبانيها الظاهرة ومعانيها المتوارية. وأضاف: إن هذه المبادرة العلمية الثقافية لجمع هذه النقوش والكتابات وتوثيقها تقنيا لتكون مصدرًا مهمًا للدراسات ليس فقط فيما يخص الابجدية ورسمها بل تتجاوز إلى دراسات إنثربيولوجية تتناول مختلف جوانب حياة الإنسان في الجزيرة العربية وأوجه علاقته ببيئته ومكوناتها وتأثير حضارته العريقة في حضارات أخرى. وأضاف المسكي: إن المملكة العربية السعودية مهد العروبة تضم بين أرجائها آلاف النقوش والرسومات فلا تكاد تمر بشاطئ أو وادي أو تستظل بسفح جبل أو تقف عند مورد ماء إلا وتجد الخط العربي الثمودي والنبطي واللحياني وغيرها منتشرًا بشكل لا يوجد في غير أرض هذه البلاد المباركة . وأوضح أن اللغة هي الوعاء الحضاري للأمم حيث يجتمع فيه إرثها الثقافي والأدبي والفكري، وتأتي الكتابة لتكون وسيلة لحفظ هذا التراث ونقله والتعبير عنه، وقد مر القلم العربي بعدة مراحل عبر قرون عديدة تطور فيها رسمه وانتقل من مخربشات رمزية إلى رسوم تعبيرية حتى وصل إلى تكوين الحروف الأبجدية في أبهى صورة تمازج فيها الجمال والمعرفة والأصالة، ولم ينته القرن الهجري الأول بعد نزول قوله تعالى (إقرأ) إلا والخط العربي المعجم ثم المنقوط منتشر بشكل يتجلى فيه تطبيق هذا التوجيه الرباني لتسنم ذروة العلم والمعرفة، وكانت المدينةالمنورة حاضرة بتميزها بنوع من رسم الأحرف عرف بالخط المدني الذي خرج من إطار الإرث التراثي إلى أرض الواقع لنراه ونقرأه في اللوحات الإرشادية ومسميات الطرق والأحياء في طيبة الطيبة وتجاوز بذلك من مجرد التعبير عن أصالة هذا الخط إلى توظيفه واقعًا ارتبط فيه الماضي التليد بالحاضر المجيد. الجدير بالذكر أن صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث أعلن عن إطلاق مبادرة وطنية لاستكشاف النقوش والفنون الصخرية الموجودة في مختلف المناطق السعودية، تنظمها وتشرف عليها هيئة التراث، وتشارك فيها جميع الشرائح الاجتماعية، تحت عنوان «نقوش السعودية»، وضمن مبادرة «نقوش» التي تهدف إلى تسليط الضوء على النقوش والمنحوتات الصخرية حول المملكة، كما تعد مبادرة «نقوش السعودية» الأولى من نوعها في المملكة، من حيث إشراكها لأفراد المجتمع المحلي ودعوتهم للإسهام في اكتشاف الثروة الوطنية التراثية المتمثلة في الفنون الصخرية، والنقوش الكتابية، التي تزخر بها جبال وأودية وصحاري المملكة.