مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 12372 نقطة    ملاذ للتأمين "الراعي الرئيسي" لمنتدى مستقبل العقار 2025    مسؤولة أوروبية: لا عودة مكثفة للاجئين السوريين    عيون «العقيد» على شباك الأهلي    20 فعالية مصاحبة لرالي حائل    آل حسن نائبا لعربي المبارزة    حرس الحدود ينقذ طفلا سودانيا من الغرق في عسير    انكماش نشاط قطاع التصنيع في الصين    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"اللُّحمة الوطنية عقلٌ يُنير، ووطنٌ يزدهر"    الذهب ينخفض بضغط ارتفاع الدولار..الأوقية عند 2,751 دولاراً    البدء بأعمال المرحلة الأولى لصيانة وتطوير تقاطعات طريق الملك عبد الله بالدمام    رئيسة وزراء إيطاليا تغادر العُلا    "التعاون الإسلامي" يؤكد دعمه لصمود الشعب الفلسطيني في أرضه ويرفض محاولات التهجير القسري    بدء استقبال طلبات إيفاد المعلمين إلى 13 دولة    «التجارة»: 16% نسبة نمو الخدمات الإدارية والدعم    نائب أمير الشرقية يستقبل الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    «السوق المالية»: 55 ملف طلب إدراج شركات.. 20% منها «عقارية»    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 14 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يشيدون بعناية المملكة بالمواقع الدينية والمعالم التاريخية    9 جلسات حوارية بالأسبوع الإعلامي بجامعة أم القرى    تقنية الطائف تقيم لقاء توظيف بعدد 300 فرصة وظيفية    المياه الوطنية تطلق برنامج تقسيط توصيلات المياه والصرف الصحي المنزلية    النازحون يعودون إلى الخراب في شمال غزة    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    إغلاق معمل لتحضير المأكولات الرمضانية في جدة    عقار يبشر بإمكانية استعادة الرؤية للمصابين بتلف الأعصاب    5 أسباب للتقليل من استهلاك الملح    «واتساب» تعتزم توفير ميزة الحسابات المتعددة لهواتف «آيفون»    7 خطوات بسيطة.. تملأ يومك بالطاقة والحيوية    نجل «سعد بن جدلان»: قصائد منسوبة لوالدي لم يكتبها    «النقانق والناجتس» تسبب العمى لطفل بسبب سوء التغذية    المملكة تدين استهداف المستشفى السعودي في الفاشر    سياسة مختلفة    الجمعان ومستقبل النصر    مؤتمر «خير أُمّة»: محاربة الجماعات المنحرفة ومنعها من تحقيق أغراضها الباطلة    رضا الناس غاية لا تدرك    الزيارات العائلية    فعالية «مسيرة الأمم»    أكذوبة محاربة الاحتكار الغربية    أمير الشرقية يطّلع على إنجازات جامعة حفر الباطن    نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة أخيه    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    شرطة النعيرية تباشر واقعة شخص حاول إيذاء نفسه    "سلمان للإغاثة" يوزّع مواد إغاثية في مدينة حرستا بمحافظة ريف دمشق    طفاية الحريق في المركبة.. أمن وسلامة    الجوال السبب الأول لحوادث المرور في القريات    دراسة: الإجهاد النفسي يسبب" الإكزيما"    نائب وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (105) من طلبة كلية الملك فيصل الجوية    نيمار حدد موعد ظهوره بشعار سانتوس    طلال بن محفوظ - جدة    النصر يؤكد بقاء الثنائي العقيدي وغريب :"عيالنا .. كفاية إشاعات"    السعودية باختصار    المشكلة المستعصية في المطار !    شريف العلمي.. أشهر من طوّر وقدّم برامج المسابقات المُتَلفزَة    ولاء بالمحبة والإيلاف!    أمير القصيم يوجّه بتسمية قاعة في غرفة المنطقة باسم رجل الأعمال الزويد    ضيوف الملك.. خطوات روحية نحو السماء    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير فهد بن سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سحر الألوان من عبق المكان
نشر في المدينة يوم 22 - 10 - 2021


المتأمل في أعمال الفنانة التشكيلية سحر عناني، يجد استلهامًا حميميًا من التراث الثقافي والعادات والفنون للمناطق القديمة والتاريخية في مكة وجدة، والتي أسهمت في صنع التاريخ الإنساني، وتعكس ثراء تلك الثقافات وعن ماضي الاستقرار المعيشي فيها، والاعتناء بالنواحي الجمالية، والاهتمام بالقيم الفنية والحفاظ بالمظاهر الاجتماعية والتمسك بالعادات والتقاليد، والاعتناء بالأنماط المعمارية (الرواشين والصُّفة والمِنوَر والكرويتة والطيرمة والباب القديم والأقفال العتيقة والرسوم الجدرانية ونقوش المفارش وزخارف الملابس النسائية) ومن هذه الخلفية التاريخية، بدأت «سحر» في التجريب بأسلوب «المونوكروم» للون الواحد، السريع الذوبان والمتغلغل في انسياب ناعم، بفسحات جمالية متعادلة، بطرح ردات الفعل الذهنية وردات الفعل العاطفي، مفعمة من عبق المكان، مختزلة العناصر، كرموز إيحائية رمزية، بدمج تكويناتها ضمن منظومة التجريد المفتوح على آفاق التأويلات المطلقة، تتجلى مع اللون ودرجاته، إلا ما يتردد للتنغيم به بلون آخر، في تناغم حميمي كقصيدة نثرية بمقامات حجازية تعزفها ومضات نورانية، تظهر في حركة الخطوط اللّامتناهية، بتكوينات هندسية وبنائية مسطحة وتبسيط في العناصر والاعتماد على البديهة، وتحليل أشكالها في الطبيعة وإعادة بنائها بطريقة جديدة، وجعل الأشياء المهملة والمهجورة، شكلا فنيا، بتجانس مضامينها وتآلف ألوانها، لتعبر عن ذاتها، لأنها توحي أسرارًا أكثر مما تصفه الكلمات والعبارات، وهذا هو هدف الفن والجمال، فقيمته تكمن في السر الذي يدفعنا إلى التأويل ومعايشة الخيال، الذي له دور رئيس في المنظومة التشكيلية، فليس ثمة تفسير لهذا النسق، الذي تتبعه «سحر» سوى الغوص في أعماق البيئة الحجازية، واستنباطات مكوناتها، بإدراكات حسية لمفاهيم نظرية، كنشاط انطباعي لتجربة بصرية وإرهاصات ذهنية لرؤى تخيلية من ذاكرة نشطة لبقايا مندثرة، بإيحاءات فلسفية ومضامين متجانسة، على شاكلة الانطباعيين، بهدف تسجيل التأثير البصري، بطريقة تثير المشاعر وتحرض المتلقي على التأمل، لأنها تريه شيئا يبصره بالعين مع شيء يدركه بالبصيرة، فهي تجمع بين البصر والبصيرة، وهنا يلعب الخيال، دوره الفاعل كعامل مشترك بين الفنان والمتلقي، لأن المتلقي، بدون الخيال، لن يرى إلا سطوحًا حتى لو نظر إلى الروائع، وكلما ازداد تأمله في السطح قل فهمه لما هو كامن وراءه، لأن الرؤية المجازية في هذه الأعمال التي ولجت بين طياتها سمات فنية مستمدة من عبق المكان، وتغلغلت داخل تجاويف اللون وتفاصيل العناصر وعمق الفكرة، تجسدت في أعماقها سرد من القصص العتيقة من واقع الحياة وما يحيط هذا الواقع من مظاهر الكون وظواهر الطبيعة وإنجازات الإنسان، جمعت بين أصالة الموضوع وعمقه وإيحاءاته الفلسفية، بمرونة وتقنية افتراضية، لها علاقة بالفضاء العام، بحركة مسارات وإدراكات حسية متوازنة، لتلتقي في الفراغات المفتوحة بسمات حداثية، لإن الفن «عندها» لا يُمنطق أو يُعلل، إنما يخترق البصيرة، فهي تصول وتجول وتسيطر على المساحة البيضاء التي أمامها وتتلاعب بتلقائية ورشاقة، لأن المفردات التي استخدمتها بشكل مختزل، وباستعارات تأثيرية رمزية، وترتبط شكليا بالبنائية التلقائية، هو تفسير لرؤية فنية خيالية، لذكرى كانت ماثلة، ثم اندثرت في زمن العبث والجحود، وهي القوة الكامنة لاستياء تلك المفردات المهملة المهجورة، فالفكرة هنا سيدة الموقف، وكمن يتنازل عن السيطرة الذهنية من أجل سيطرة أخرى، غير أن الخطوط المنحنية في حضن هدوءية الألوان وانسياباتها العفوية، دليل على أن رؤية الذهن فوق رؤية العين، من خلال تلك التلاعب المتقن، وتلألؤ المفردات بين ثناياها، كالكواكب في فضاء السماء لا يحجبها أشعة الشمس أو يخفيها غبار النسيان، وتشكل جميعها طرفًا لمعادلة الاستمرارية والتجاوز، له سطوته من الناحية الجمالية والرؤية التخيلية، وقوته التقنية وفلسفته اللونية، التي تغني وتثري العناصر التي تتكون منها، لتمنحها جميعا، بُعداً تزيينيا في بنائها التكويني، وتبلورًا خياليًا في حركاتها، بمعالجات موضوعية ونزعة صوفية، واستقلالية في المنهج، جمعت بين الأصالة والمعاصرة بأسلوب افتراضي جاذب، لتحبيب المتلقي بالاندماج الذهني، وتمعن آثارها في النفس الإنسانية، وتأثيرها للنظر، وملامستها الوجدان وروحانيتها في القلب، وهذه من ميزات فناني الجيل الخامس الذي تنتمي إليه «سحر عناني» وهم عادة من الطلائع والشباب المتحمس، جيل مقدام جسور يبحث ويجرب ويكتشف ويغامر في هذا الفضاء لإيجاد أسلوب جديد، في زمن التسارع في الحياة وروحية العصر، واكتساح التكنولوجيا والتطبيقات والمعرفة والعولمة، الذي يخترق حاجز عالم المظاهر ويقف على عتبة عالم جديد غريب لم يعرف عنه إنسان الماضي شيئًا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.