دخلت الأندية السعودية، عالم الاحتراف، وسنت الأنظمة والقوانين بما يعزز المرحلة الاحترافية، مع ذلك لازالت الأندية، محددة في استثماراتها، وترتكن على الدعم الذي يصلها من وزارة الرياضة، مكتفية، بالإعلانات الدعائية على قمصان اللاعبين، كأحد اهم وسائل الاستثمار، أن لم يكن هي الوسيلة الوحيدة. سنوات طوال ولازالنا ندور في حلقة مفرغة، ديون تكبل الأندية، في المقابل حوكمة تدعمها، بشرط تطبيق النظام المطلوب، وجاءت شهادة الكفاءة المالية، لتبرهن على أن الأندية تعاني لتحقيق موازنة مالية، فالمصروفات أكبر من الإيرادات، والحلول المتاحة تحتاج لمختصين وأصحاب تجارب، ليقودوا الأندية إلى هذه الحلول. «المدينة» حاولت استقصاء آراء المختصين في محدودية الاستثمار في الأندية السعودية، التي تقتصر على إعلانات، ومتجر يقفل ويغلق. البعض كان يتحجج بجائحة كورونا، وأنها السبب في توقف الاستثمار، ولكن السؤال، ماذا عن فترة قبل كورونا، هل كان الاستثمار مقنعاً، وسؤالنا يتجدد، ماذا بعد جائحة كورونا، هل سنرى استثماراً حقيقيا في الاندية، أم سيبقى الحال على ما هو عليه؟!. فماذا قال الخبراء؟! باصهي: الازدواجية والشلليةسبب الفشل اعتبر الخبير الاقتصادي غسان باصهي، أن التسويق والاستثمار خطين متشابهين، الأول تصرف فيه أموال بسيطة لتحقيق عائدات مربحة، ما الثاني فأنت تملك أصول أو مدخرات وتود تنميتها . وأضاف، تحرص الأندية على إدارة استثمار والأولى وجود إدارة تسويق فهي المفتاح لكل نجاح استثماري. وسبق أن طرحت الموضوع تحت عنوان «التسويق.. العنصر المفقود في منظومة التطوير المالي للأندية)» وتبعه موضوع آخر تحدثت فيه عن تفعيل بطاقات العضوية. وبين أن شعارات الأندية تعد أهم المداخيل وعلى الإدارات أن تسجلها كعلامة تجارية وتوقف العبث به كما هو حاصل الآن.وتابع ، كذلك الاهتمام بأن تكون متاجر الأندية خاصة بها وليس مؤجرة . وكشف باصهي أسباب ضعف الاستثمار الرياضي أنه يرجع لرؤوساء الأندية، فلم تعد تعرف مهام رئيس النادي من مهام الرئيس التنفيذي ، وهذه الازدواجية من أهم أسباب ضعف المنظومة بالكامل فضلا عن شللية الرئيس مما يجعله يختار أشخاصاً غير فاعلين ولن تجد في كل الاندية خطة جوهرية للاستثمار باستثناء الهلال، فهو الأكثر تنظيما. الصحفي: السوق السعودي واعد ولابد من الخصخصة اعتبر ماجد الصحفي عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة ورئيس الاستثمارالرياضي، أن السوق السعودي ما زال في طور النمو، ويعد أحد أهم الأسواق العالمية لما يملكه من مقومات النجاح لجذب الشركات ورعايتها للأندية السعودية. وأضاف مقومات الاستثمار موجودة لدينا، من ملاعب عالمية، وشغف الجماهيري بالرياضة، مما يجعل الأرض خصبة للاستثمار. واستدرك الصحفي قائلاً «لكن إذا تواجدت الأجهزة المتخصصة في التسويق والاستثمار الرياضي في الأندية وجلب الشراكات والرعايات طويلة الأمد. وأوضح هناك تجارب لبعض إدارات الأندية المتميزة، أعطت جوانب إيجابية ومدخولات قوية من خلال كيفية جلب العديد من المستثمرين وعمل شراكات متميزة وتشريعات قوية أعطت ارتياحًا بين الطرفين، وما زالت بعض الأندية غير قادرة على تحقيق المأمول منها، علما بأنها تملك كل مقومات النجاح، لكن إدارات التسويق، في أحيان كثيرة تعتبر العائق الأول، لكونها غير مختصة. وشدد الصحفي على أن جميع الأندية تأثرت بجائحة كورونا، على مستوى العالم وهي جائحة أتت بظلالها على العديد من الاستثمارات العالمية، ولكن سرعان ما عادت الحركة الرياضية مع عودة الجماهير لتنهض من جديد. واختتم الصحفي بقوله، إن خصخصة الأندية، تعد أفضل الحلول لضمان نجاح الاستثمار الرياضي. الحماد: عليكم بالتجربة الانجليزية أوضح عبدالرحمن الحماد نائب رئيس نادي الفتح والمشرف العام على الاستثمار بالنادي، أن بداية ملف التسويق والاستثمار الرياضي، يكون بتأسيس شركات للأندية متخصصة، مشيرًا إلى أننا مازالنا في بدايته.وأضاف لعل تجربة الكرة الإنجليزية في بدايةً التسعينيات من 1991-2001 مشابهة لما نواجهه اليوم.وبين الحماد أن الحكومة الأنجليزية دعمت التجربة هناك حوالى 10 سنوات، حتى ارتفعت القيمة التسويقية للدوري الإنجليزي، فضلاً عن الحضور الجماهيري في المباريات آنذاك، ورصد حجم المشاهدات من خلال النقل التلفزيوني، في وقت لم يكن العالم يعرف بعد التشفير. وطالب الحماد بالصبر على التجربة السعودية، في هذا الملف إلى أن تؤتي ثمارها، وذلك من خلال الدعم المستمر إلى أن يصل الدوري السعودي يكون جاذبًا . وأكد مسؤول الاستثمار في نادي الفتح، أن من أبرز الحلول لتقوية التسويق والاستثمار هو أن يكون لديك دوري قوي وكثافة حضور جماهيري وكذلك زيادة عدد المشاهدين من خلال النقل غير المشفر وان يكون سهل سواءٍ داخل المملكة أو خارجها لجلب عقود رعاية للأندية، وذلك لن يتم إلا باستمرار دعم وزارة الرياضة. وقال الحماد: إن المرحلة الثانية لتطوير الاستثمار تكون من خلال خصخصة الأندية، وتكون مسؤولة بالكامل عن ملف الاستثمار، وهذه أهم خطوة. وأوضح نائب رئيس الفتح، أنه من الضروري ونحن نتحدث عن عوامل نجاح الاستثمار، أن نذكر المعوقات النجاح حتى الآن وهي: - عدم الاستقرار الإداري بالأندية. - عدم القدرة على توقيع عقود رعاية طويلة لمدة 10 سنوات لأن القصيرة غير مفيدة للشركات. - النقل التلفزيوني، شريك أساسي في هذا الملف وللأسف هذا الموسم نشاهد أن الدوري السعودي تم تشفيره . عجاج: هذه وصفة النجاح أكد عبدالله عجاج مدير إداراة الاستثمار بالنادي الأهلي الأسبق، أن التسويق والاستثمار الرياضي أحد أهم الملفات التي تطرح باستمرار في وسطنا الرياضي. وأجاب عجاج ل»المدينة» عن السؤال الذي يتردد دائمًا، عن أسباب عدم نجاح إدارات الاستثمار الرياضي قائلاً: «من أهم الأسباب التي جعلت التسويق الرياضي يظهر بهذه النتائج والأرقام غير المرضية، هي تخوف الكثير من الشركات والمستثمرين الدخول في الاستثمار الرياضي، لعدم وجود كفاءات إدارية تملك المؤهلات والخبرات العلمية في هذا المجال. وتابع: كما أن تغيير إدارات الأندية بشكل متكرر، يزيد من مخاوف المستثمرين، حيث الاستقرار الإداري يكون دائماً مفتاح نجاح أي مشروع. وأضاف: هناك سبب مهم وهو عدم ووضوح الاستثمار الرياضي في الأندية عكس الاستثمار العقاري الأكثر وضووحًا. وكشف عجاج عن سبب مهم في عدم نجاح الاستثمار الرياضي في تحقيق المطلوب، هو عدم وجود الخبرة في المجال الإعلاني والرعايات في كثير من الإدارات التي تعتمد على العلاقات الشخصية في جلب الرعاة، في وقت يعتبر التسويق والإعلان التجاري علم يمكن الاعتماد عليه. وأوضح عجاج أن التسويق في الأندية وهو مرتبط ارتباط وثيق بالاستثمار، يتم بدون آلية أو مرجع واضح للعملاء، ويعتمد في المقام الأول على الاجتهادات الشخصية. وقدم عبدالله عجاج حلولاً عاجلة لإنجاح الاستثمار الرياضي، في عدة نقاط وهي: - ضرورة وجود إدارات محترفة مؤهلة علميًا وتملك الخبرة في السوق الإعلاني السعودي فعليًا وليس مجرد صرف رواتب لاعبين وخلافه. - الاستفادة من العلامة التجارية للأندية وتحديد منتجات النادي ودراسة الجدوى من هذه المنتجات. - فصل إدارة الاستثمار عن ادارة النادي او من خلال تفعيل الشركات الاستثمارية للأندية لإدارة التسويق والاستثمار ودعمها بمتخصصين تبعد كثير عن العمل الخاص مثلًا بكرة القدم وأن يكون عملها عملًا مؤسساتيًا لديه استراتيجية واضحة. - دعم وزارة الرياضة للشركات المختصة في التسويق الرياضي الذي تملك الكفاءة العلمية والخبرات لبناء صناعة الاستثمار في الرياضة. - لابد من خصخصة الأندية لأنه بدونها لن تستطيع الأنديه تشغيل وتفعيل منتجاتها، على سبيل المثال وليس الحصر، بيع التذاكر أونلاين أو في الملاعب، منتجات وقمصان النادي واكسسورات النادي وتشغيلها من خلال المتجر أو من خلال التوزيع والبيع أونلاين، بيع الرعايات، زيادة المحتوى الإعلامي في وسائل التواصل والذي يعتبر من مداخيل الأندية لو تم تفعيله بطريقة علمية. د. أبو العلا: الاستقرار الإداري مفتاح النجاح أوضح مسؤول لجنة الاستثمار بالنادي الأهلي سابقًا، مشرف الاستثمار بجامعة جدة حاليًا الدكتور عمر أبو العلا، أنه عندما تحدث بعض الأزمات ويكون الوسط الرياضي شريكاً فيها، فإن التأثير للأزمة التي حدثت يكون بعيد المدى، فسواءً انتهى ڤايروس كورونا أو لم ينتهِ فلن ينتهي تأثيره بمجرد نهاية الڤايروس، فكورونا له تأثير على ضعف الجانب التسويقي والاستمثاري في الأندية. وقال: «يوجد عاملان آخران مهمان في ضعف الجانب الاستثماري، فالعامل الأول ذهني في اللجنة المسؤولة عن ملف الاستثمار بكل نادٍ، فالبعض يفضل عدم اختيار الشركات الصغيرة نظراً لسمعة النادي وحجمه في الوسط الرياضي، فالأفضل في حين أنك لم تستطع جلب راعٍ كبير، فمن المفترض أن تجلب رعايات من الشركات الأخرى الصغيرة لتكون لك لاحقاً مبلغاً كبيراً». وأضاف: «في الجانب الآخر يجب أن توفر كل لجنة استثمار، شركة خاصة للأمور الاستثمارية والتسويقية وهي في الآخر من تعطي القرار الآخير، فيكون مهام الشركة توفير رعايات وشركات لرعاية النادي بأكمل ألعابه وفئاته، فهذا سيساعد لجنة الاستثمار كثيرًا في نمو الاستثمار والتسويق للنادي، والنقطة الأهم الاستقرار، فلا بد من الاستقرار الإداري لكل نادٍ ليأتي النجاح التسويقي».