أدهشني لقاء للدكتور أنمار مطاوع على أحدى القنوات واستوقفتني مقولة «الرفض بعد انتهاء المصلحة» ثم أعقب حديثه كيفية التصرف عند كلمة «لا» وماهي الطريقة المُثلى التي يجب أن نقول «لا» وما ينبغي جميعًا أن نتعلم ثقافة ال»لا» وسبل التدرج في الرفض حفاظًا على القيم العُليا! في حين يحضرني جملة النجم العالمي جاك نيكلسون «لا استثناءات» في فيلم The Bucket List قصته أنه ثري يملك مشفى خاص وضع سياسته كُل غرفة بسريرين «لا استثناءات» أصيب بCancer وأدخل مشفاه ومعه من يشاركه ذات الغرفة انزعج وثار غضبًا وبدأ بالصراخ كيف وأنا المالك ليخبروه تلك سياستك سيدي «لا استثناءات» وما بين المقولتين عجب المغزى والمقصد عما يخشاه من تجاوز الرؤوس وآراء العاديين وأصحاب المصلحة والسلطة، أنفس ماتت صلاحيتها. في الصف الأول الابتدائي علمونا ماهية الممنوعات والمحظورات وعواقب فعلها.. لا تأكل كذا، لا تلمس هذا، لا تصافح ذاك، لا تطرق حتى تستأذن، لا تنقل كلامًا، لا تقل عيبًا، لا تفقه بما لا تعلم، لا تأخذ ما ليس حق لك..! آنذاك كانت «لا» مقرونة بصور لتبسيط الفهم وتحاكي العقل عند الحاجة، أسلوب ومنهاج رائع تنعش الذاكرة وتأتي دومًا على ذكراها الكبار، تقدم الزمن وتغيرت دلالات الصور وقائمة المحظورات، اتسعت الدائرة وأسدل الستار، صور أكثر زهاء ورونقًا وبدأت ألوان الحياة بحيث باتت منازلنا، علاقاتنا، أنفسنا، كياننا، قضايا مبنية على المصلحة، سجنت الكرامة خلف القضبان أمام صكوك الغفران «جاريني وأجاريك ولا بتركك وأخليك». السؤال هل تحديثات العصر هي السبب أم رحل المدلول الحقيقي للكلمة كما لو أنه ضيف قصير الزيارة، كيف لا وفي جوف كل إنسان شوكة تنخره ليسبب الأذى والألم لمن كان له الجوار والجار والصاحب والقريب الأنيس والكنز لأسرار انتهت صلاحيتها وانتهت معها مصلحتها لا تنفع ولا تزر، الحقيقة لا تحتمل التجمل. سؤال كبير وخطير يجب ألا نهرب من الإجابة عليه ونخدع أنفسنا بالتغيرات السلبية في المجتمع والتى أعتقد أن بعضها لا يأتي بعفو الخاطر خاصة أننا ما زلنا نعاني من هزات اجتماعية ولأن الحاجة أين كانت من عوامل ضعف النفس أمام المغريات واختلاف الاتجاهات والمآرب!