مذهل ومخيف ومرعب ما ظل كوكبنا يشهده في السنوات الأخيرة من تغير دراماتيكي في المناخ، فمن منا كان يتخيل.. مجرد تخيل.. أن يموت العشرات في كندا من جراء ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات قياسية، نجمت عنها حرائق أتت على بلدة كاملة، ولم تسلم منها الغابات والغطاء النباتي، والحال نفسه في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي اشتعلت في غاباتها النيران وهددت المدن المجاورة، ولا تسأل عن أوروبا، فهي الأخرى تصطلي بصيف قائظ ودرجات حرارة غير معهودة في بلدان كانت «تموت حيتانها من البرد» بتعبير الأديب العالمي الراحل؛ الطيب صالح.. كل هذه المؤشرات والتغيرات الدراماتيكية في المناخ مقدمات لما هو أخطر إن لم يكن ثمة تحرّك دولي يستشعر هذا الخطر الماحق ويدرك المآلات الكارثية التي حذّر منها علماء الأرصاد والبيئة ونوّهوا إلى نذرها الماثلة للعيان والمحتملة في القريب من المواسم والسنوات.. لقد كان وعي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- بهذه المخاطر بصيرًا بحقيقتها، مدركًا لأهمية اتخاذ الخطوة الإيجابية والعملية، فكان إعلانه عن «مبادرة السعودية الخضراء»، و»مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، مما وضع المملكة في صدارة السبق نحو ترميم المناخ ومعالجة الآثار السالبة التي خلفها الطراد الصناعي والصراع المحموم نحو إنتاج الطاقة، بما لوّث العالم بسحب غازات الكربون الخانقة، وأحدث ثقبًا في جدارها السماوي العازل للأشعة الضارة، فكانت هذه النتائج الكارثية التي نعاني منها اليوم أشد المعاناة، ونحن نشهد تقلبات مناخية تتراوح بين درجات الحرارة اللاهبة والفيضانات المدمرة وتساقط الجليد والصقيع بشكل غير مسبوق، بما يؤكد وجود اختلال يستوجب العمل السريع لترميمه، ليتعاظم دور هاتين المبادرتين، وقد آن الأوان ليبدأ الجميع في إنزال أهدافهما إلى أرض الواقع، توسيعًا للمساحة الخضراء القادرة على امتصاص هذه الانبعاثات الكربونية وتقليل درجات الحرارة المرتفعة، فقد مرّت الآن أكثر من ثلاثة أشهر منذ أن تم الإعلان عن هاتين المبادرتين، ولكن وتيرة التفاعل معهما ليست بحجم المخاطر التي تهدد دول العالم بأجمع، وبخاصة في وطننا والشرق الأوسط، على اعتبار أن منطقتنا الأفقر في المساحة الخضراء والأقل في الموارد المائية، وليست لدينا غابات كحال بقية دول العالم في محيطنا الإقليمي والعالمي.. لقد آن الأوان لأن نفعِّل المبادرتين، وننقذ ما يمكن إنقاذه في ظل هذه الظروف المناخية العصيبة.