يُجيد صُنّاع المسلسلات التلفزيونية التركية لعبة التعامل معها بما يدرّ عليهم المال الكثير، وهي في الغالب مُقتبسة من روايات محلية لا تحتاج لتمثيلها على الواقع سوى حلقات قليلة العدد، لكن بعد عرض الحلقة الأولى تدور ماكينة الإحصاءات التي ترصد عدد المشاهدين لها في عموم تركيا والبلاد العربية التي يُتابع معظمها المسلسلات التركية وتعرضها على شاشاتها، وبالطبع كلّما زاد عدد المشاهدين تزيد الإعلانات التجارية، وتزيد أرباح الجميع، وحينها يزيد صانع المسلسل من حلقاته حتّى يضرب عددها الرقم القياسي!. ويقع عاتق الزيادة على كاتب الرواية الذي يُغيّر من سيناريو روايته حسب الطلب، وحسب التشويق المطلوب جماهيرياً، فيُوصِل الإثارة إلى أعلى حدّ يمكن الوصول إليه، وهي عملية فكرية صعبة لكنّها أمام المال لا تصمد إلّا قليلا!. ويبرز مسلسل «كان زمان في شوكوروفا» كمثال ساطع لذلك، فقد تجاوز الحلقة ال100، وكلّ حلقة تُناهز الساعتين والنصف، وتجاوز مشاهدوه المليار مشاهد حول العالم، وهو يحكي قصّة زُليخة، الخيّاطة الجميلة والفقيرة من اسطنبول في سبعينيات القرن الماضي، وخطيبها يلماز ميكانيكي السيّارات الذي قتل رجلاً كاد يغتصبها بتدبير من أخيها الديوث واللئيم، فيهربان معاً إلى قرية شوكوروفا المجاورة لمدينة أضنا، وهناك يعملان في مزرعة تخصّ ديمير، وهو أثرى رجل في المنطقة وأمّه هونكار، ولأنهما هاربيْن كذبا فقالا أنّهما شقيقان، ليقع ديمير في حبّ زُليخة، وتتولّى أمّه مؤامرات التخلّص من خطيبها بعد كشف هويتهما، ويرسلانه إلى السجن بما يملكان من نفوذ، ويُحكم عليه بالإعدام، وتُخيّر الأمّ زُليخة إمّا على الزواج من ديمير أو تنفيذ الإعدام في يلماز، فترضخ للزواج مُكرهة، ثمّ صدر عفو عام عن كلّ المساجين ليخرج يلماز من السجن ويبدأ الانتقام، ولا أزيد من سرد أحداث المسلسل حتّى لا أُفسِد مُتعة من يشاهده!. ولو بُعِثَ أشهر عُشّاق العرب مثل قيس وليلى وجميل وبُثيْنة من قبورهم لربّما امتعضوا من عدم تمثيل قصصهم في مسلسلات ذات جودة عالية مثلما حصل ليلماز وزُليخة، ويا ما في سجون العُشّاق مظاليم، وفي سيرتهم تسلية عظيمة!.