رصد المتابعين للدراما العربية وخاصة الأخيرة منها وبشكل مفرط عودة مشاهد التدخين أو الخمور بأنواعها أو المسكنات المخدرة والتي لم تكن في قوالب توعوية أو مشاهد تثقيفية توضيحية لخطرها الدامغ على المجتمع ونتائجها المدمرة التي يعرفها الجميع حيث تظهر الشخصيات الرئيسية المحبوبة في الموقف الدرامي بمظهر البطولة والشجاعة والرجولة وحب الآخرين ومساعدتهم وتقديم يد العون للضعفاء والوقوف في وجه الأقوياء المجرمين وتزعم معرفتها للأصول والقيم.. لقطات تبهر المشاهد ثم يرافقها التدخين وتناول (الشيشة) أو الخمور بأنواعها.. وكأن ذلك جزء من الحياة اليومية أو نهاية يوم بطولي شاق أو بروتوكول موعد غرامي مع فتاة حسناء أو مناسبة راقية (هاي كلاس) أو من العادات الشخصية التي لا يجب أن تكون محل انتقاد وفق الصياغ الدرامي لهذه المشاهد ومن هنا يقبع خطر هذه الإيحاءات على المجتمع وقيمه.. هل هذه هي الدراما التي يريدها المجتمع؟ وما الهدف منها؟ وهل إذا تم تجنبها ستستأثر الصياغة الدرامية أو سير الأحداث لهذا المسلسل وبالتالي رؤية الكاتب؟! نتكلم اليوم هنا والجميع يعلم أهمية دور الدراما (المسلسلات - الأفلام - المشاهد القصيرة.. وغيرها) الثقافي المهم في توعية وترفيه وتسلية وتغذية المجتمع بالتجارب الحياتية الإيجابية أو الرسائل الإرشادية المختلفة وفق حاجات المجتمع ولكن لا نريد أن تكون وسيلة أو أداة لتقويض منظومة قيم المجتمع وجهوده في بناءها على سنين طويلة وهي تدخل كل منزل بدون استئذان لانتشارها على القنوات الفضائية أو منصات المشاهدة الإلكترونية وبالتالي قدرتها على جذب انتباه المشاهدين بعناصر التشويق والإثارة. ولا تخلو الدراما الآن من مشاهد القتل والسرقة والإكراه والألفاظ البذيئة والعنصرية والطبقية، وقد تكون عن قصد أو غير قصد وفي بعضها محاكاة وتسويق لعادات وثقافات غربية وغريبة عن مجتمعاتنا العربية إلى جانب العنف والإثارة والتي تؤثر مشاهدتها على النمو المعرفي والعقلي للمشاهد، وتستطيع الدراما التأثير عن طريق عدد من العمليات العقلية الشعورية واللاشعورية خاصة على المراهقين في إثارة الجانب الخيالي لديهم، فيعيش الفرد مع خيالاته المستمرة مما يراه على هذه الشاشة الفضية، خصوصًا عندما يتخيل المشاهد نفسه في موقف البطل، وقد يحاول حل مشكلاته الخاصة بالطريقة نفسها، وقد غاب عن تفكيره أن السيناريو الدرامي للأحداث مُعد مسبقًا.