مازالت الدراما العربية تدور في حلقة مفرغة، ومن المشاهد حتى الآن عدم الجدية في البحث عن الجديد أو التطوير أو الرقي بها واستشعار أهميتها ودورها كأحد أهم أدوات الثقافة التي تعكس رقي المجتمعات وتطورها وتحضرها والمنجزات التي تحققت مع تسليط الضوء على قضاياه الحقيقة الواقعية التي تمس هذا المجتمع وحثه على معالجتها في الظل الظروف العالمية الحالية الصعبة، خرجنا العامين الماضيين من المسلسلات الرمضانية التي كانت تقود الدراما وتأخذ الطابع التراثي القديم لهذه المنطقة الحضارية المتقدمة العريقة وما تتضمنه من تشويه للتاريخ وإعطاء حقائق مغلوطة عن هذه المجتمعات في سابق عهدها، لا ندعي أنه المجتمع الأفلاطوني أو الملائكي، ولكنه مجتمع كأي مجتمع في أي حقبة زمنية ما، يوجد فيه الخير والشر، والصفات الحميدة والصدق وحب الخير والكرم والإيثار، وكذلك بعض الأخطاء من أفراده، ولكن هذه الأخطاء ليست هي الصبغة الواضحة أو السمة السائدة لهذا المجتمع، وبعض المشاهد تكسر الذكريات الزجاجية الجميلة التي تعيش في ذهن من عاش في ذاك الزمن الجميل ممن سبقونا وكلهم شوق وحنين لكثير من الجماليات والأمور الحميدة التي كانت تفوق وتطغى على المجتمع حاضرة وبادية وعلى الحارات الصغيرة آنذاك.. إذًا ما الهدف أن نربط أجيال المستقبل بأخطاء ومأساي الماضي أو استغلالها كمادة للضحك؟ ولا شك أن الدراما جزء من البناء الثقافي وفي مقدمة البرامج التليفزيونية من حيث قدرتها على جذب انتباه المشاهدين، فهي قادرة على حشد كافة عناصر التشويق والإثارة والمؤثرات التي تجذب المشاهد لها، ونظراً لكثرتها وخاصة في هذا الشهر الكريم، فهي تحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة من كل فئات المجتمع وخاصة المراهقين، نتيجة لما لها من تأثير واضح على سلوكهم وقيمهم وأخلاقياتهم واتجاهاتهم وقد تحتوي بداخلها على بعض القيم والمفاهيم والأفكار، التي لو أساءوا استخدامها ستكون العواقب وخيمة. ينبغي أن يكون لنا هويتنا الثقافية النابعة من امتداد حضارتنا العريقة وإرثنا التاريخي الغزير ووحدتنا الوطنية وإبراز رؤيتنا الطموحة ومشاريعنا الاقتصادية العملاقة التي ستتوهج نجومها قريباً في عالم الترفيه والاقتصاد وأن نطرح ذلك ونقدمه للعالم أجمع بأسلوب مبتكر يعكس جمالنا وأخلاقنا وعرقتنا وإنسانيتنا وعالميتنا وتطلعنا لمستقبلنا وأن ننطلق بها وفق منظومة ثقافية درامية واعية.